“فيسبوك ذو الوجهين”.. كيف خدع الشباب العربي موقع التواصل العنصري ؟!
كتبت- أسماء خليل
أصبح مجرد انحيازك للحق- في زمن التفرقة العنصرية – دعوة تحريضية على الإرهاب والعنف من بعض الجهات التي تدَّعي مساندة الإنسان في الحصول على حقوقه؛ فلم تكن تتخيل يومًا أن تلك الوسائل التي تمتلكها مثل فيس بوك وتعتقد أنها دارك الثاني وتنشر عليها ما تشاء باقتطاعها جزءًا من حياتك، بل إنها للبعض كل حياتهم؛ أن تكتشف أنك لا تملك حق التعبير عن رأيك في إحدى القضايا باستخدامها، أو توجيهها كيفما تشاء.
يهمك.. مركز حقوقي يستنكر الحملات القمعية لوسائل التواصل الاجتماعي إزاء المحتوي الفلسطيني
إنَّ هناك تحريضًا واضحًا ضد المحتوى الفلسطيني الذي يتم عرضه على مواقع التواصل، وهذا ما يتباين تمامًا مع ما تعرضه صفحات التواصل الإسرائيلية، حيث قام “المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي” بحملة، وَضَّحَ فيها أن ٨٢ ٪من الخطاب العنيف ضد الفلسطينين موجودًا داخل صفحات إسرائيلية على فيسبوك.. إن هذا يُعد سياسة تميزية عنصرية من فيس بوك بإنصاف فئة على حساب الأخرى.
سياسة فيس بوك تنتهج القمع
وقد تجلَّت سياسة فيس بوك القمعية في تعبير أي شخص متعاطف مع واحدة من أعرق القضايا التي يبلغ عمرها أكثر من قرن من الزمان، فهي المشكلة الإنسانية التي بدأت منذ عام ١٨٩٧ ومازالت حتى الآن.. إنها القضية الفلسطينية، فلا يهم جنس المتعاطف – الذي يسجل تدوينة تخص القضية الفلسيطينية – أو ديانته أو الفئة العمرية التي ينتمي لها، الأهم أن كل التدوينات التي تتحدث عن القضية الفلسطينية باتت مهددة بالحذف؛ بل والأدهى من ذلك أصبح الأشخاص أنفسهم الذين يتضامنون مع القضية مهددون بالحظر من فيس بوك، وبالفعل قامت إدارة فيس بوك بحذف كثير من التدوينات التي يتعاطف مضمونها مع القضية ذاتها، والقيام بحظر بعض الصفحات، مما جعل أصحابها يقومون بفتح حسابات بديلة.
أمثلة لانتهاكات الفيس بوك
قالت الكاتبة الصحفية مديحة الملواني في إحدى تدويناتها : ” لو اختفيت مرة أخرى من الفيس اعلموا أنه لا عودة ثانية كما جاء في تهديد إدارة الفيس بوك العنصرية”.. إن صفحتها الشخصية تعرض أكثر من مرة للحظر بسبب تدوينات تضامنية من الشعب الفلسطيني.
تم حذف صفحة الناشر والمتضامن مع القضية الفلسطينية “على سمان”، هو ومائة آخرون، وذلك بعد نشره رثاءًا إثر اغتيال “أحمد جرار” – وهو شاب فلسطيني كان ينتمي لحركة المقاومة بالجناح العسكري الفلسطيني تم اتهامه من قبل السلطات الإسرائيلية بقتل مستوطن قرب نابلس شمال الضفة الغربية واستُشهِد في ٦ فبراير عام ٢٠١٨- وكذلك صفحات أسرته، وهذا ما نقله موقع “صدى سوشال” المهتم بأرشفة انتهاكات فيسبوك ضد المحتوى الفلسطيني.
ويذكر أيضًا واحدًا ممن مروا بتلك التجربة المسيئة، وهو الشاب محمود ياسين أحد رواد الفيس يقول:” حذف لي صورة للشيخ أحمد ياسين، وتم حظري لمده أسبوع خلال الشهر الماضي”، ويقول تم إضافة رسالة مع قرار الحظر، مضمونها أن الإدارة ترى وجود انتهاك لسياستها الخاصة.
خوارزميات فيسبوك
وكأن الاحتلال الإسرائيلي طال الفيس بوك، فوضعت خوارزميات لتضييق الخناق على كل من يتضامن مع القضية الفلسطينية، وخوارزميات الفيس بوك هي عبارة عن برمجيات ومعادلات آلية يستخدمها الموقع لكي يقيس مدى جودة كل منشور يتم نشره عبر الموقع، سواء كان ذلك من حساب شخصي، أو صفحة، أو حتى مجموعة مغلقة، وسواءً كان نصيًا أو فيديو أو رابطًا مُعينًا، وقد حاول الشباب الالتجاء للعديد من الحيل للتعبير عن آرائهم رغم كل تلك التحديات.
حيل الشباب
لم يقف الشباب مكتوفي الأيدي مرحبين بسلب إرادتهم الفكرية؛ بل قاموا بمحاولة حل تلك المشكلة، فبدؤوا بنشر آرائهم تجاه الاحتلال الصهيوني وذلك دون أي نقاط، فمثلاً يقومون بكتابة كلمة «إسرائيل» بدون همزات أو نقاط وكذلك كلمة «فلسطين»، أو كتابة «إسرائيل» هكذا «إسrرائيل»، وكل هذه الحيل لا تستطيع خوارزميات الفيس بوك التعرف عليها، ما يعطي الحرية للمتابعين بالتعبير عن أرائهم تجاة القضية الفلسيطينية بحرية دون مضايقات من «فيس بوك».
ومن بين الحيل أيضاً التي لجأ إليها بعض المستخدمين، كتابة الكلمات ذاتها بالعربية، مع اقتطاع أو حذف الحرف الأوسط وكتابته بالإنجليزية، وبهذه الطريقة يكون صعب التصنيف ، كتحايل على خوارزميات فيس بوك ومعالجات اللغة الذكية، على غرار كتابتهم (إSـرائيل، غـ Z ة).. إلخ.
وأيضًا التجأ البعض إلى الكتابة العربية “بدون تنقيط” ضمن حيل الهروب من الخوارزميات مثال: “مساحه امٮه ىٯدر ڡىها السحص ىٯول “، أي “مساحة آمنة يقدر فيها الشخص يقول “، ولم تكن تلك الشفرات تمثل صعوبة في فهمها بشكل جيد، وهو ما شجّع الكثيرون على الاعتماد عليها في موضوعات مختلفة.
تقييم تلك الحلول
لقد ظن الكثير أن تلك الطرق نجحت في خداع الخوارزميات، لكنّ كثير من الخبراء مثل الدكتور محمد الجندي خبير أمن المعلومات، يؤكدون صعوبة التحايل على الخوارزميات الخاصة بمواقع التواصل الاجتماعي، مقللا من إمكانية أن تمثل تلك السبل حيلة من أجل الهروب من تلك الخوارزميات أو خداعها، حيث أن كتابة الأحرف بشكل متقطع أو باختصارات بعينها أو حتى كتابة الكلمات بدون النقاط، لا يمكنها أن تمثل نمطا ناجحاً من أنماط التحايل؛ باعتبار أن هناك في تلك المواقع خاصية لمعالجة اللغات، بما في ذلك اللغة العربية، “حتى لو كانت الكلمة غير مكتملة أو مكتوبة بشكل مختلف يتم كشف تلك الكلمة ومعناها”.