طارق متولى يكتب: ماهى قيمة سمير غانم ؟
منذ يومين توفى الفنان الكوميدى الشهير سمير غانم بعد معاناة مع المرض، نسأل الله أن يجعله فى ميزان حسناته ويغفر له ويرحمه.
إذا قلت إن سمير غانم ممثل كوميدى من الطراز الأول وصاحب مدرسة فى الكوميديا، رسم الضحكة والمرح على وجوه أجيال كثيرة، وإنه أيقونة الضحك فى الوطن العربى على مدار أكثر من خمسين عاما فلن أضيف جديدا، أو أوضح شىء غير واضح.
لكننى هنا أريد تسليط الضوء على جانب ربما لم ينتبه إليه كثيرون فى شخصية سمير غانم
بعيدا عن الكوميديا والضحك والأعمال الفنية وهو الجانب الفكرى والسلوكى لشخصية هذا الفنان وقد عاصرته وعاصرت جميع أعماله منذ أن كنت طفلا ولفت نظرى مثلا أنه من أكثر الناس تركيزا فى عمله
فمنذ بدايته مع فرقة ثلاثى أضواء المسرح
وحتى آخر أيامه نجد سمير غانم يعمل بنفس الوتيرة وبنفس الخط والاتجاه فى تركيز شديد وهدف يعرفه جيدا وهو العمل الذى يجيده ويبرع فى أدائه فلم نجده فى أى وقت من الأوقات طوال مشوار حياته يتقمص دور أخر غير دوره، ولم نجده يتقمص مثلا دور المصلح الإجتماعى أو الدينى.. ولم يتكلم فى السياسة التى يتكلم فيها الآن كثير من الفنانين ويخلطون بين الفن والسياسة وبعضهم يخلط بين الفن والدين، وبين الفن والتجارة، فى خلط غير متوازن
خسر فيه الفن أهم صفة من صفاته وهى صفة النقاء والمصداقية.
سمير غانم ظل صادقا مع نفسه ومع الآخرين حتى آخر حياته لم يدعى شىء أخر غير الفن والكوميديا.
فى أواخر أيامه كنت كمشاهد ربما لم أكن أفهم طريقة تفكيره ونظريته، وأعيب عليه ظهوره البسيط جدا والسطحى فى بعض أعمال جيل الشباب من الفنانين والفنانات
لكننى اكتشفت بعد وفاته وإلقائى نظرة شاملة على مشواره الفنى أن هذا كان قمة
فى السلام النفسى والمصداقية وقبول
قواعد العمل الذى يحبه بسلاسة وبساطة
دون الإلتفات لأى شىء آخر.
وقد يختلف بعض النقاد وبعض الناس على ما قدمه سمير غانم من نواحى كثيرة لأختلاف وجهات النظر والتوجهات لكن لا أحد يختلف على أنه كان سبباً للضحك والترويح عن النفس وهذا ما كان يسعى إليه دائما بدون اى فلسفة.
سمير غانم رغم حجم النجومية والشهرة والمكاسب التى حققها لم يسكن فى برج عاجى بعيدا عن الناس ولم يصنع هالة كبيرة تحيط به، لم نراه ابدا يتباهى بثروته ونجوميته أو يتكبر على جمهوره، لم ينفصل عن الناس ولم ينفصل عن نفسه لم يكتئب ولم يتذمر بل ظل دائما وسط الناس يضحكهم
ويضحك معهم وتوفى بينهم.