د. ناجح إبراهيم يكتب: مستشفي نيل الأمل.. ملحمة إنسانية مصرية
كتب د. ناجح إبراهيم مقالاً بعنوان: “مستشفي نيل الأمل.. ملحمة إنسانية مصرية ” وتم نشره في جريدة المصري اليوم السبت وهذا هو نص المقال:
• رجل أعمال سكندري من صناع المعروف والخير لم يقصده أحد في معروف إلا وبذله, حياته التجارية والخاصة طوال 44 عاماً من التجارة هادئة وارفة الظلال مصحوبة دوماً بالتجارة مع الله ولكنها بصورة فردية غير مؤسسية.
• في يوم من الأيام انقلب حال أسرته رأساً علي عقب ولدت حفيدة لشقيقه مصابة باختلاف خلقي معروف اسمه “التواء الأمعاء” تسبب في غنغرينا الأمعاء, كان عمرها ست ساعات فقط, لم يكن أمامهم سوى الجراح الإنسان رائد جراحات الأطفال والاختلافات الخلقية السكندري أ.د صابر وهيب استأصل جزء كبيراً من الأمعاء حتى تبقى 25 سم من أصل 200 سم, دخلت الطفلة في مشكلة أخطر هي متلازمة قصر الأمعاء.
اقرأ أيضا للكاتب:
• ظلت تعاني شهوراً تحولت فرحة الأسرة بمولودتها إلي حزن دائم وغم كبير, عناية مركزة ومستشفيات باهظة الثمن حتى توفيت بعد أربعة أشهر, عاش فيها الرجل مع مثل هذه الحالات, رأي الطفل الصغير كريم الذي ولد بدون فتحة شرج ولا مستقيم وبكلية واحدة في متلازمة جراحية صعبة اسمها “متلازمة العيوب بالشرج والمستقيم” حتى الحالب مكانه غير طبيعي والبول مرتجع, مشاكل في الخصيتين, أجرى جراحات من ثلاث مراحل واستغرقت جراحاته 7 سنوات وكان مجموع جراحاته 16 جراحة تكلفت بأسعار وقتها أكثر من مليون جنيه.
• حفظ الطفل كريم ثلت القرآن, صار متفوقاً في الدراسة تحول من “طفل مشكلة إلي طفل متميز” بفضل الله ثم جهود فريق د/ وهيب ووالدته التي بذلت معه جهوداً خارقة.
• رأي رجل الأعمال ذلك كله واقترب أكثر من د/ وهيب وتلميذه أ.د/ محمد عبد الملاك, سافر معهم إلي تنزانيا رأي عشرات الحالات الصعبة, قال لنفسه: إذا كانت أسرتي الثرية قد قدرت علي العلاج فكيف بأسرة المريض الفقير.
• هناك في تنزانيا وزنجبار انقدح ذهنهما في صناعة خير مؤسسي, التقي المال الصالح مع علم الجراحة النافع,ممثلاً في الحاج/كرام كردي ومن معه من رجال الأعمال مع فريق الجراح الإنسان د/وهيب وعبد الملاك, لم يكتفوا بتطوير مستشفي الشاطبي لجراحات الأطفال, قالوا نريد مراكز متخصصة لهذا الجراحات علي ضفاف النيل من مصر حتى تنزانيا.
• قالوا نبدأ بمصر ونسمي المستشفي نيل الأمل ليتحول الألم الشديد إلي أمل ورجاء عظيم علي ضفاف النيل, بدأت الثمرة تنمو حيث انضم قرابة 200 من رجال الأعمال والمؤسسات السكندريين ليدعموا الوليد العظيم, مستشفي نيل الأمل لجراحات الاختلافات الخلقية بالمجان, لتعالج كل هذه العيوب في مكان واحد.
• كان للحاج كرام صديق ثري سافر للخارج وقال لأولاده ضعوا للعصافير الماء والحبوب في فخارتين طوال فترة غيابي, حضر بعد أسبوع فلم ير الماء ولا الحبوب ولا العصافير, أدرك مع أصدقائه عدم الاعتماد علي أولاده في صنع الخير بعد وفاته بل يقوم بصنع خير مؤسسي لا يعتمد استمراره علي ورثته.
• كل من يمدحه بأن المستشفي بالمجان يرد عليه: كلا, إننا سنحصد منها أغلي وأعلي عملة في حياتنا وهي العملة الوحيدة التي ستدخل معنا القبر وتصرف هناك, وكان يردد: “الله هو الذي جمعنا ووضعنا علي هذا الطريق الطيب لنحصد الثواب”, لم يذهب لمصنعه منذ ثلاث سنوات وتفرغ للمستشفي الذي تعرض لعراقيل كثيرة, لكن صحة النوايا وعزمات الرجال هزمت كل الصعوبات وافتتح المستشفي علي أعلي مستوي وحضر الافتتاح مع محافظ الإسكندرية ومفتي الجمهورية, والمئات من رجال الأعمال, وصناع الخير وجراحي الأطفال.
• أما المساهم الرئيسي الثاني في منظومة الخير في مستشفي نيل الأمل فهو الأستاذ/محمد فريد الفار فهو الشرك التجاري للحاج كرام وهو المتبرع الأكبر معه وكلاهما بدأ رحلة الكفاح والإحسان معاً, وبدأ مسيرتهما بعامل واحد والآن لديهما ألف عامل, ولولا هذا الرجل ما استطاع الحاج كردي التفرغ لبناء المستشفي وإدارة حركته, أما المساهم الثالث فهو آل فتح الله فضلاً عن بنوك عريقة معروفة في صنع الخير مثل CIB والبنك الأهلي وشركة سيمنز الألمانية وهؤلاء تبرعوا بملايين سدت ثغرات أجهزة الأشعة والتحاليل الحديثة جداً.
• اختاروا الشكل السداسي رمزاً للمستشفي لأنه ليس بينه فراغات ويمثل همة وذكاء ونشاط النحله, مما يعني أن شعارها الجدية والهمة والاتقان.
• احتاروا في البداية في وجود المكان فترك لهم الحاج كرام مبني مصنعه القديم ليتحول إلي صرح طبي عظيم, أي سكندري يعرف عزمات أ.د/وهيب وأ.د/عبد الملاك تلميذه الأثير,دائماً يصلي الفجر ثم يبدأ جراحاته المعقدة, زاهد, مجدد, يحافظ علي تلاميذه الجراحين ويشجعهم علي البقاء في مصر وعدم الذهاب إلي أوروبا أو الخليج, يدربهم, يدعمهم, يطورهم, يردد “مصر أولي بنا”, وهو أول من أنشأ دكتوراة جراحات الأطفال والاختلافات الخلقية في جامعة إسكندرية وأول مطور حقيقي لهذا القسم, معروف بالحكمة والرؤية المستقبلية, يعمل 24 ساعة كاملة دون ملل, بسيط في دنياه عميق في عمله, يختار في رسائله للماجستير والدكتوراة موضوعات حديثة ومواكبة لأحداث التقنيات.
• التقت الهمم العظيمة والنوايا الطيبة لصنع الخير, لا تريد مالاً ولا جاها, فهو موجود لديها, يقولون “في المستشفي سيكون ابن الوزير مثل ابن الغفير”, مثل بريطانيا تجد رئيس الوزراء في غرفة بجوار بريطاني فقير.
• يقول المدير الطبي للمستشفي أ.د/ محمد عبد الملاك “لا أصدق أنني رأيت حلمي يتحقق في الواقع, وأخاف علي مستقبل هذا الوليد فالطريق طويل, ونريد أن نمتد في كل المحافظات والبلاد حتى تنزانيا وزنجيار التي عشقناها”.
• كلهم يقول: كنا نشعر كل لحظة بيد الله الحانية تطبطب علينا وكأن الله يأمرنا “أكملوا ولا تيأسوا”.
• سلام علي كل من وضع لبنه في هذا المستشفي العظيم الذي أسس علي التقوى وعلي أرقى الوسائل الطبية والعلمية في منظومة رائعة.