التربية بالحب.. سلسلة تطرحها د. إيمان عبدالله لـ «بيان» (1من 3)

كتبت: أسماء خليل

بينما يلهث المجتمع – الآن – نحو المادة، وما يتبع ذلك من جمود عاطفي يتأصل يومًا بعد يوم داخل نفوس وعقول النشء؛ يتساءل البعض في أوقات استفاقة: كيف نربي أبناءنا وسط ذلك الخِضَم المُتلاحق من الفكر التكنولوجي الذي يشغل الحيز الأكبر من عقولهم؟!..
ويأتي مصطلح “التربية” كواحد من أهم التفاسير تعقيدًا، ليس فقط في شرحه الذي يحتاج لمُجلدات، ولكن في مدى تطبيقه على أرض الواقع.. إنها الكلمة.. وربما التصرف.. أو مجرد الإيماءة..بل كل شيء يفعله الكِبار يتعمق ببصمة متأصلة داخل نفوس أطفال أبرياء كأرض خصبة، فقط تحتاج لبستاني ذي يدٍ حانية..

التربية بالحب

د. إيمان عبدالله أستاذ علم النفس وخبيرة الإرشاد الأسرى
د. إيمان عبدالله أستاذ علم النفس وخبيرة الإرشاد الأسرى

تطرح دكتورة “إيمان عبدالله” أستاذ علم النفس وخبيرة الإرشاد الأسرى، ل“بيان”، سلسلة من التوجيهات والنصائح علَّها تكون زادًا للأبوين في طريقهما لتربية أبنائهما، متخذة شعار “التربية بالحب” مفهومًا لابد من تأصيله، فتشير في البداية إلى حديث لرسول – صلى الله عليه –رواهُ الشيخان عن النعمان بن بشير“ اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم ولو في القُبَل”..
فالعطف والحب والحنان هو أساس التربية السليمة، وبمقارنة حال الأسر في تربية أبنائهم؛ نجد أنَّ العائلات التي تربى أبناؤها على الحنو بين أفراده، أسوياء أكثر من الناحية النفسية والسلوكية.. و“المساواة” هو المصطلح الأهم تطبيقا في ارتكاز أستاذ علم النفس؛ حيث تشير أن عدم المساواة في توزيع الحب والعاطفة بين الأبناء، هو أولى الجرائم التي يرتكبها الوالدان في حق أبنائهما، حيث ينشأ “الكره” بين الأبناء كأخوة بين بعضهم بسبب عدم” العدل الأُسري”.

مِعول هدم

وتؤكد عبدالله أن “المقارنة بين الأخوة”؛ هي مِعول الهدم الثاني في حياة الأبناء، فلا ينبغي أن أذكر لأحد الأبناء أن أخيه أمهر منه في بعض السلوكيات الحياتية، أو أن أخته أكثر تفوقًا منه دراسيًّا، مما يقلل من قيمة الطفل ويجعله يلتجأ إلى فعل “السلوكيات المُضادة السلبية”، ولابد على الأبوين عدم تدليل الطفل الوليد الجديد بالأسرة أكثر من أخوته الباقين، مما يزرع العداوة والبغض والغيرة تجاه ذلك الطفل، ويجعله ناقمًا عليه طوال حياته.

قُل ولا تقُل

وتوجه خبيرة الإرشاد الأسرى إلى بعض السلوكيات الخاطئة الممنوعة داخل الأسرة، فتؤكد ألَّا تقل للطفل الأكبر “انت بقيت ماسخ”، “سيب لنا فرصة نحب اخوك”، ولكن قل لهذا الابن الأكبر “اهتم بأخيك أنت”، “علِّم أخيك”، “أخوك سيتقبل منك لأنه يحبك أكثر وأنت تحبه”، وكأن تلك المقولات ما يزرعه الوالدان في تلك الأرض، وحسبما يغرسان تُنتج.

استراتيجية التعامل

تشير دكتورة إيمان إلى ضرورة وجود “استراتيجية”، للتعامل مع الأبناء حيال تشاجرهم أثناء اللعب، فلا ينبغي أن ينصر الوالدان أحد الأبناء على الآخر مدفوعا بالأهواء الشخصية، والميل العاطفي تجاه أحدهم، فلا نقم بالتجني على أحدهم بحجة أنه “الابن الأصغر”، ولابد ألا نقم بإعطاء لُعَب الابن الأكبر للأصغر، فلا نتدخل في شجارهم، ولكن نوجههم إلى دخولهم حجرتهم – بعد الشجار- ومحاولة حل وفض منازعاتهم بأنفسهم، ثم إخبار الأسرة بنتائج ما توصلوا إليه، الأهم ألا نكون بصف أحد الأبناء على حساب الآخر لكي يستتب ويهدأ المنزل فقط.. وجود “خطة تربوية مُمنهجة” هو ما تؤكد عليه، من أجل بناء حياة أسرية سعيدة تُنتج أبناءًا صالحين لأنفسهم وأوطانهم.

بنين وبنات

وتستكمل دكتورة إيمان هذ الطرح بالتأكيد على زرع الحب بين الأخوة باختلاف أجناسهم، سواءًا كانوا صبية أو بناتًا، فمن أكثر الأخطاء التربوية التي تقع بها الأسر الموروثات الراسخة وخاصة عند المجتمعات العربية، وهي تفضيل الذكور على الإناث.. وقد يرى البعض أن تلك النظرة قد تغيرت، ولكن للأسف مازالت متواجدة طالما لا يتم توزيع مهام بعينها إلى الولد مثل أخته، فلابد من إسناد أعمالًا للأولاد مماثلة للبنات، وتوجيههم إلى أنهم سواء معهن وعليهم الحفاظ على أدواتهم وتنظيم غرفهم والأماكن التي يتواجدون بها، ومساعدة أخواتهن في أعمال المنزل طالما أن الجميع لديه نفس وقت العمل والفراغ.

وللحديث بقية بالجزء الثاني من سلسلة “التربية بالحب

زر الذهاب إلى الأعلى