5 أسئلة مصيرية حول الغزو الروسي لأوكرانيا
بيان
نشر المحلل الاستيراتيجى جيمس أم لندساى James M.Lindsay، مقالا فى موقع “مجلس العلاقات الخارجية” يحمل عنوان: “خمسة أسئلة: حرب روسيا على أوكرانيا”.. يناقش من خلاله أمور فى غاية الأهمية تتعلق بالحرب – الأزمة التى تدور رحاها على الأراضى الأوكرانية، بينما تتجاوز تأثيراتها حدود الميدان الذى تدور فيه إلى جميع أنحاء العالم.
الأسئلة الخمسة، والإجابات عليها، هى موضوع المقال التالى:
1. كيف ستنتهي الحرب؟
تبدو الحرب في أوكرانيا وكأنها حرب لا يستطيع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كسبها بشروطه كما يرغب، وهو رهان أيضًا لا يستطيع تحمل خسارته،.
يجوز للجيش الروسي اجتياح جزء من أوكرانيا أو كلها، لكن مثل الولايات المتحدة في أفغانستان والعراق، سوف تكتشف روسيا أن النصر في ساحة المعركة هو الجزء السهل، وأن الاحتلال اللاحق هو الجزء الصعب.
إن العقوبات الغربية المعوقة والتمرد المستمر سوف يضمن صعوبة استمرار الاحتلال، وعلى العكس فأن سحب القوات سيكون بمثابة اعتراف بهزيمة قد تقضي على نظام بوتين.
وما سبق يجعل من الصعب رؤية “مخرج” دبلوماسي للأزمة، لكنه يصلح لأن يكون سيناريو يصف القتال الذى سيطول والتصعيد المحتمل.
2. هل يمكن السيطرة على العاطفة والسياسة؟
الغضب من قرار بوتين الحقير بمهاجمة أوكرانيا واضح، خاصة مع مقاطع الفيديو التى تعرض لصواريخ تضرب مبان سكنية ، ولاجئون يصطفون في البرد القارس لعبور الحدود ، وقصف مجمع للطاقة النووية لا يؤدي إلا إلى تأجيج الغضب.
وتتزايد الدعوات لحلف الناتو لفرض منطقة حظر طيران فوق أوكرانيا، هذا الشعور مفهوم، كما أنه أمر خطير، ولكي ينجح تطبيقه على أرض الواقع، سيحتاج الناتو إلى الاستعداد لإسقاط الطائرات الروسية. إذا رفضت روسيا أن ترد في مواجهة سياسة حافة الهاوية تلك ، فستكون النتيجة ، كما قال السناتور ماركو روبيو (جمهوري من فلوريدا) بصراحة، “الحرب العالمية الثالثة”.
وعلى العكس من ذلك، فإن الغضب من الحرب سيعقد أي جهد للتوصل إلى اتفاق لإنهاء القتال، هذا إذا كانت الدبلوماسية ممكنة.
طالع المزيد:
-
عاجل.. حلف النانو يرفض نشر جنود في أوكرانيا
-
بايدن يعلن عن مساعدة أمنية جديدة لأوكرانيا بقيمة 800 مليون دولار
وأي مفاوضات تتطلب تنازلات تكافئ بوتين على عدوانه، وسيكون ذلك مثل الدواء المر الى لابد أن يتجرعه خصوم بوتين.
يضاف إلى ما سبق حقيقة أن السياسة في الولايات المتحدة على صفيح ساخن الآن، فقد سارع الجمهوريون إلى إلقاء اللوم على ضعف الرئيس جو بايدن الذى تجسد فى جرأة بوتين وتنفيذ غزوه لأوكرانيا.
ومن غير المحتمل أن تتوقف هذه الهجمات، ضد بايدن، بل إنها ستزداد إذا كان لها صدى لدى الناخبين، مما قد يحد من مساحة بايدن المتصورة للمناورة.
3. هل تدوم الوحدة عبر الأطلسي؟
كان الانعكاس في السياسة الدفاعية والأمنية الغربية خلال الأيام العشرة الماضية مذهلاً.
قبل شهر ، كان الخبراء يتساءلون عما إذا كان بوتين سينجح في تقسيم أوروبا؟.. لكنه لم يفعل، وبدلا من ذلك قام بتوحيدها.
وفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات كانت تبدو ذات يوم غير واردة، وألغت ألمانيا خط أنابيب نورد ستريم 2، وضاعفت إنفاقها الدفاعي ، وتخلت عن سياستها القائمة منذ فترة طويلة ضد إرسال أسلحة فتاكة إلى مناطق الحرب.
وأرسلت السويد 5000 سلاح مضاد للدبابات إلى أوكرانيا، وفتحت فنلندا النقاش حول الانضمام إلى الناتو، وجمدت سويسرا الأصول الروسية، واعتمدت عقوبات الاتحاد الأوروبي على روسيا.
لكن الوحدة في بداية الأزمة لا تضمن الوحدة في نهايتها، خاصة إذا استمرت الأزمة، كما هو الحال في هذه الأزمة الراهنة، وسيكون الضرر الجانبي الناجم عن العقوبات المفروضة على روسيا مختلفًا في جميع أنحاء أوروبا، سيدفع بوتين بالمعلومات المضللة لزرع الشكوك في أوروبا، ويمكن أن تظهر الخلافات المشروعة داخل التحالف عبر الأطلسي حول الإستراتيجية والتكتيكات والتوقيت في التعامل مع بوتين.
ويمكن للقيادات السياسية القوية والدبلوماسية الذكية إبقاء الانقسامات المحتملة تحت السيطرة، وكلاهما (القيادات والدبلوماسية) يمكن أن ينتهي بهما الحال إلى نقص في المعروض منهما.
4. كيف تفكر الصين؟
أسال الكتاّب والمحللون الكثير من الحبر للتكهن بما كان يعرفه شي جين بينج عن خطط بوتين، قبل غزو أوكرانيا، ومتى علم؟!.
ومهما كانت الإجابات على هذين السؤالين، فإن السؤال الأكثر إلحاحًا الآن هو ما هي الدروس التي استخلصها شي وبقية القيادة الصينية من غزو أوكرانيا؟.
وهل تقلل هذه الدروس من استعدادهم لاستعادة تايوان بالقوة؟؟
.. هل يقنعهم أنهم بحاجة إلى “إثبات العقوبات” على الاقتصاد الصيني من خلال تسريع الانفصال عن الغرب ، خاصة في المناطق الحساسة استراتيجيًا؟
هل يدفعهم ذلك إلى إعادة التفكير في علاقتهم بروسيا خشية أن تتحول المشاعر المعادية لموسكو إلى مشاعر معادية لبكين؟
وربما الأهم من ذلك، هل قادتهم هذه الدروس إلى إعادة النظر في روايتهم بأن الغرب، والولايات المتحدة على وجه الخصوص ، في حالة تدهور؟
بالتأكيد ستحدد النتيجة التى يصل إليها الزعيم الصينى شي وزملاؤه من خلال الإجابة على هذه الأسئلة، ما إذا كان النظام العالمي على حافة أزمة أكبر من الأزمة التى نعيشها الآن.
5. هل نحن مستعدون لتداعيات الحرب؟
ما يحدث في أوكرانيا لن يبقى فقط في نطاق أوكرانيا، لقد رأينا بالفعل مليون لاجئ يفرون إلى المجر وبولندا ورومانيا وسلوفاكيا، وسوف ترتفع هذه الأرقام ، خاصة إذا اتبع بوتين سياسة الأرض المحروقة.
هذا يشكل ضغطا لا يصدق على تلك البلدان. كما سيؤدي إلى تحويل الموارد عن الكوارث الإنسانية الأخرى حول العالم ، بل سيؤدي إلى تفاقمها.
تُعرف أوكرانيا باسم ” سلة خبز أوروبا” لإنها رابع أكبر منتج للذرة والقمح في العالم، وأكبر مصدر لبذور عباد الشمس ومصدر رئيسي للشعير.
وقد لا يتمكن المزارعون الأوكرانيون من الحصول على البذور في الأرض خلال موسم الزراعة القادم، أو الحصول على الوقود اللازم لتشغيل الآلات الزراعية أو الأسمدة اللازمة لضمان غلة محاصيل عالية ، أو النجاح في حصاد وشحن محاصيلهم.
ستؤدي الخسارة المحتملة للصادرات الأوكرانية إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية العالمية، وتضخم الوقود، وربما تولد اضطرابات سياسية في البلدان التي تعتمد على واردات الحبوب.
وأخيرا، من الصعب التنبؤ خاصة حول المستقبل.. والأمر أكثر تعقيدًا لأن كثيرين يعتمدون على حسابات رجل واحد ، فلاديمير بوتين، لكن التفكير في هذه الأسئلة سيكون أمرًا بالغ الأهمية لضمان أن الأسابيع المضطربة التي نمر بها حاليًا ستؤدي إلى عقود من عالم نرغب في العيش فيه.