بيان وتدبر: {7} سورة البلد الآيات (1-20)

حلقات تكتبها: رشا ضاحى

يقول رب العزة سبحانه وتعالى فى كتابه عن كتابه: { هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ }.

ويصف قرآنه: { هَٰذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ }.

.. هذا هو القرآن الذى أنزله الله فى هذا الشهر رمضان على قلب عبده محمد صلى الله عليه وسلم، ليتخذه خلقه دستورا لدنياهم وآخرتهم.. فتعالوا نتدبر آياته ونبحث فى معانيها لنعمل بمراميها.

{7} سورة البلد الآيات (1-20)

نتحدث اليوم عن سورة البلد، وهى سورة مكية سُميت سورة البلد لأن الله تعالى أقسم في أولها بالبلد الحرام .

ويتناول محورالسُّورَةِ: ذكر حال الإنسان، بين مشقة الكفر والعذاب وبين الصعود لسلم الرحمة والإيمان في الدارين.

بيان السورة:

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿لا أُقسِمُ بِهذَا البَلَدِ﴾ (1)

أقسم الله بالبلد الحرام الذي هو مكة المكرمة.

﴿وَأَنتَ حِلٌّ بِهذَا البَلَدِ﴾ (2)

وأنت  أيها الرسول  حلال لك ما تصنع فيها، من قَتْل مَن يستحق القتل، وأَسْر من يستحقّ الأسر.

﴿وَوالِدٍ وَما وَلَدَ﴾ (3)

وأقسم الله بأدم والد البشر، وأقسم بما تناسل منه من الولد.

﴿لَقَد خَلَقنَا الإِنسانَ في كَبَدٍ﴾ (4)

لقد خلقنا الإنسان في تعب ومشقة، لما يعانيه من الشدائد في الدنيا.

﴿أَيَحسَبُ أَن لَن يَقدِرَ عَلَيهِ أَحَدٌ﴾ (5)

أيظنّ الإنسان أنه إذا فعل  المعاصي لا يقدر عليه أحد، ولا ينتقم منه، ولو كان ربه الذي خلقه؟!

﴿يَقولُ أَهلَكتُ مالًا لُبَدًا﴾ (6)

يقول: أنفقت مالًا كثيرًا متراكمًا بعضه فوق بعض.

﴿أَيَحسَبُ أَن لَم يَرَهُ أَحَدٌ﴾ (7)

أيظنّ هذا المتباهي بما ينفقه أن الله لا يراه؟! وأنه لا يحاسبه في ماله، من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟!

﴿أَلَم نَجعَل لَهُ عَينَينِ﴾ (8)

ألم نجعل له عينين يبصر بهما؟!

﴿وَلِسانًا وَشَفَتَينِ﴾ (9)

ولسانًا وشفتين يتحدث بها؟!

﴿وَهَدَيناهُ النَّجدَينِ﴾ (10)

وعرّفناه طريق الخير، وطريق الباطل؟!

﴿فَلَا اقتَحَمَ العَقَبَةَ﴾ (11)

وهو مطالب بأن يتجاوز العقبة التي تفصله عن الجنة فيقطعها ويتجاوزها.

﴿وَما أَدراكَ مَا العَقَبَةُ﴾ (12)

وما أعلمك أيها الرسول  ما العقبة التي عليه أن يقطعها ليدخل الجنة؟!

﴿فَكُّ رَقَبَةٍ﴾ (13)

هي إعتاق رقبة ذكرًا كانت أو أنثى.

﴿أَو إِطعامٌ في يَومٍ ذي مَسغَبَةٍ﴾ (14)

أو أن يطعم في يوم مجاعة يندر فيه وجود الطعام.

﴿يَتيمًا ذا مَقرَبَةٍ﴾ (15)

طفلًا فقد أباه، له به قرابة.

﴿أَو مِسكينًا ذا مَترَبَةٍ﴾ (16)

أو فقيرًا ليس له شيء يملكه.

﴿ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذينَ آمَنوا وَتَواصَوا بِالصَّبرِ وَتَواصَوا بِالمَرحَمَةِ﴾ (17)

ثم كان من الذين آمنوا بالله، وأوصى بعضهم بعضًا بالصبر على الطاعات وعن المعاصي وعلى البلاء، وأوصى بعضهم بعضًا بالرحمة بعباد الله.

﴿أُولئِكَ أَصحابُ المَيمَنَةِ﴾ (18)

أولئك المتصفون بتلك الصفات هم أصحاب اليمين.

﴿وَالَّذينَ كَفَروا بِآياتِنا هُم أَصحابُ المَشأَمَةِ﴾ (19)

والذين كفروا بآياتنا المنزلة على رسولنا هم أصحاب الشمال.

﴿عَلَيهِم نارٌ مُؤصَدَةٌ﴾ (20)

عليهم نار مغلقة يوم القيامة يعذبون فيها.

وبعد هذا البيان المختصر للآيات نتعرف على بعض هدايات التدبر:

▪︎ (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ)

الدنيا دار ابتلاء واختبار , وعلي المسلم أن يوطن نفسه علي الصبر علي همومها , وتحمل مصاعبها , قابضا علي دينه كما يقبض علي الجمر .

▪︎ (يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُّبَدًا)

سمى الله الإنفاق في الشهوات والمعاصي إهلاكا لأنه لاينتفع المنفق بما أنفق ولا يعود عليه من إنفاقه إلا الخساره.

(أَيَحْسَبُ أَن لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ)

كم من قلوب تعافت حين تدبرت هذه الآية من ذنوب الخلوات , وبرئت من آثار المنكرات .

▪︎ (أيَحْسَبُ أَن لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ)

كل بقعة تحلُّ فيها ستتحدثُ عن صنيعك يومًا

فدوّن فيها ما ترضى أن يراه الله منك

▪︎ (ألم نجعل له عينين . ولسانا وشفتين)

قرأ الفضيل هذه الآية فبكى فسئل عن بكائه فقال:هل بت ليلة شاكرا لله أن جعل لك عينين تبصر بهما؟ولسانا تنطق به؟

▪︎ ( وماأدراك ماالعقبة فك رقبة أوإطعام في يوم ذي مسغبة)

الأمور الصعبة تتجاوزها بالصدقة، وتفريج الكربة .

▪︎ (أَوْإِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَة)

علي المحك تظهر معادن الرجال , وفي زمن القحط والجدب يزداد الشح والبخل , فلا يجود بماله حينئذ إلا سخي كريم يؤثر الآخرة علي الدنيا .

▪︎ (يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَة)

لو أن كل مقتدر تكفل بأهل قرابته من المحتاجين , لما اضطر يتيم

ولا فقير أن يريق ماء وجهه في تكفف الأبعدين .

▪︎ (ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَة)

يدور أمر الطاعات علي أصلين جليلين ؛ تعظيم أمر الله تعالي

والتواصي بالصبر عليه , والشفقة علي الضعفاء والتواصي برحمتهم .

▪︎ (أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَة)

الإحسان إلي خلق الله باب عظيم من أبواب الفلاح في الدنيا والآخرة , وبمقدار إحسانك يكون قربك من السعداء أهل اليمين.

نلتقي غدا إن شاء الله.. دمتم في رعاية الله وأمنه.

اقرأ فى هذه السلسلة:

 

 

 

 

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى