بيان وتدبر: {8} سورة الشمس الآيات (1-15)

حلقات تكتبها: رشا ضاحى

يقول رب العزة سبحانه وتعالى فى كتابه عن كتابه: { هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ }.

ويصف قرآنه: { هَٰذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ }.

.. هذا هو القرآن الذى أنزله الله فى هذا الشهر رمضان على قلب عبده محمد صلى الله عليه وسلم، ليتخذه خلقه دستورا لدنياهم وآخرتهم.. فتعالوا نتدبر آياته ونبحث فى معانيها لنعمل بمراميها.

{8} سورة الشمس الآيات (1-15)

نتحدث اليوم عن سورة الشمس وهي سورة مكية، وسُميت سورة الشمس، لافتتاحها بقسم الله عزّ وجلّ بالشمس المنيرة المضيئة، ويتناول محور السورة: التركيز على إظهار آيات الله ونعمه في الآفاق والأنفس وأحوالها، تزكية للنفوس، وزجرًا عن العصيان.

بيان السورة:

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿وَالشَّمسِ وَضُحاها﴾ (1)

أقسم الله بالشمس، وأقسم بوقت ارتفاعها بعد طلوعها من مشرقها.

﴿وَالقَمَرِ إِذا تَلاها﴾ (2)

وأقسم بالقمر إذا تبع أثرها بعد غروبها.

﴿وَالنَّهارِ إِذا جَلّاها﴾ (3)

وأقسم بالنهار إذا كشف ما على وجه الأرض بضوئه.

﴿وَاللَّيلِ إِذا يَغشاها﴾ (4)

وأقسم بالليل إذا يغشى وجه الأرض، فيصير مظلمًا.

﴿وَالسَّماءِ وَما بَناها﴾ (5)

وأقسم بالسماء، وأقسم ببنائها المتقن.

﴿وَالأَرضِ وَما طَحاها﴾ (6)

وأقسم بالأرض، وأقسم ببسطها، ليسكن الناس عليها.

﴿وَنَفسٍ وَما سَوّاها﴾ (7)

وأقسم بكل نفس، وأقسم بخلق الله لها سوية.

﴿فَأَلهَمَها فُجورَها وَتَقواها﴾ (8)

فأفهمها من غير تعليم ما هو شرّ لتجتنبه، وما هو خير لتأتيه.

﴿قَد أَفلَحَ مَن زَكّاها﴾ (9)

قد فاز بمطلوبه من طهّر نفسه بتحليتها بالفضائل، وتخليتها عن الرذائل.

﴿وَقَد خابَ مَن دَسّاها﴾ (10)

وقد خسر من دَسَّ نفسه مخفيًا إياها في المعاصي والآثام.

﴿كَذَّبَت ثَمودُ بِطَغواها﴾ (11)

ولما ذكر الله خسران من دَسَّ نفسه وأخفاها بالمعاصي ذكر ثمود مثالًا على ذلك فقال كذبت ثمود نبيها صالحًا بسبب مجاوزتها الحدّ في ارتكاب المعاصي، واقتراف الآثام.

﴿إِذِ انبَعَثَ أَشقاها﴾ (12)

حين قام أشقاهم بعد انتداب قومه له.

﴿فَقالَ لَهُم رَسولُ اللَّهِ ناقَةَ اللَّهِ وَسُقياها﴾ (13)

فقال لهم رسول الله صالح عليه السلام: اتركوا ناقة الله، وشِرْبها في يومها، فلا تتعرضوا لها بسوء.

﴿فَكَذَّبوهُ فَعَقَروها فَدَمدَمَ عَلَيهِم رَبُّهُم بِذَنبِهِم فَسَوّاها﴾ (14)

فكذبوا رسولهم في شأن الناقة، فقتلها أشقاهم مع رضاهم بما فعل، فكانوا شركاء في الإثم، فأطبق الله عليهم عذابه، فأهلكهم بالصيحة بسبب ذنوبهم، وسوّاهم في العقوبة التي أهلكهم بها.

﴿وَلا يَخافُ عُقباها﴾ (15)

فعل الله بهم من العذاب ما أهلكهم غير خائف سبحانه من تبعاته.

وبعد هذا البيان المختصر للآيات نتعرف على بعض هدايات التدبر:

▪︎ (وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا)

كم يقسم الله تعالى بالزمن في القرآن (والعصر، والضحى، والليل، والشمس)

فإن لم يكن هذا دليل على أهمية الوقت في حياتنا وعدم وتضييعه فماذا يكون؟

▪︎ ﴿وَالقَمَرِ إِذا تَلاها﴾

الشمس والقمر والليل والنهار آيات كونية تتأثر بتقلبها النفس البشرية فلا عجب أن يكون القسم بها على أحوال النفس.

▪︎ (وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا)

الليل والنهار وماحواهما من آيات دلالات واضحة على وجود الخالق وعظمته وفي كل شيء له آية تدلّ على أنه واحد أحد لا شريك له.

▪︎ (وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا)

عجباًً لبناء لاعمد له! وماذا لو كان لها عمد مغروسة في الأرض،كيف ستكون ضخامتها؟ كيف ستسير حياة الناس بوجودها؟

▪︎ (قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا)

عليك بنفسك، زكّها من كلّ شائبة، طهّرها من ذنوبٍ وعيوب، اجتهد حتى تُصلحها لتنال فلاحًا في الدنيا والآخرة.

▪︎ (قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا)

لو أن شخصا ثقة أقسم قسما لصدقناه , وإن ربنا بجلاله قد أقسم أحد عشر قسما أن الفلاح والنجاح لمن طهر نفسه من المعاصي وزكاها  بالطاعات , أفلا نكون منهم ؟!

▪︎ ﴿وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا﴾

من دسَّ نفسه بالذنوب .. لن تُشرق روحه بالخير حتى يتوب .

▪︎ (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا)

الطغيان عمل قلبي ينشأ عندما يشعر الإنسان بالاستغناء.

▪︎ ( فقال لهم رسول الله ناقة الله وسقياها فكذبوه)

هذا هو شأن المصلحين في كل أمة:ناصحون لمجتمعهم يسعون لرفع العذاب عنهم بنصح وتوجيه .

▪︎ ﴿ فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا ﴾

لاحظ كلمة ( فَعَقَرُوهَا ) لم يقلْ سبحانه فعقرها، مع العلم أنّ الفاعل واحد فاحذر فإنك قد تدخلُ في الجُرم والعقوبة برأيٍ تُعطيه، أو حقّ تسكتُ عنه، أو باطلٍ تزيّنُه.

نلتقي غدا إن شاء الله.. دمتم في رعاية الله وأمنه.

اقرأ فى هذه السلسلة:

 

زر الذهاب إلى الأعلى