بيان وتدبر: {9} سورة الليل

حلقات تكتبها: رشا ضاحى

يقول رب العزة سبحانه وتعالى فى كتابه عن كتابه: { هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ }.

ويصف قرآنه: { هَٰذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ }.

.. هذا هو القرآن الذى أنزله الله فى هذا الشهر رمضان على قلب عبده محمد صلى الله عليه وسلم، ليتخذه خلقه دستورا لدنياهم وآخرتهم.. فتعالوا نتدبر آياته ونبحث فى معانيها لنعمل بمراميها.

 {9} سورة الليل الآيات (1-21)

نتحدث اليوم عن سورة الليل، وهي سورة مكية، ويتناول محور السورة: الحض على الأوصاف التي يحصل بها الفلاح ، والتحذير مما يحصل به الشقاء ، إظهارًا للتفاضل بين المؤمنين والكافرين، مع توضيح أن كل إنسان ميسر لما خلق له .

  بيان السورة:

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿وَاللَّيلِ إِذا يَغشى﴾ (1)

أقسم الله بالليل إذا يغطي ما بين السماء والأرض بظلمته.

﴿وَالنَّهارِ إِذا تَجَلّى﴾ (2)

وأقسم بالنهار إذا تكشّف وظهر.

﴿وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنثى﴾ (3)

وأقسم بخلقه النوعين الذكر والأنثى.

﴿إِنَّ سَعيَكُم لَشَتّى﴾ (4)

إن عملكم  أيها الناس لمختلف، فمنه الحسنات التي هي سبب دخول الجنة، والسيئات التي هي سبب دخول النار.

﴿فَأَمّا مَن أَعطى وَاتَّقى﴾ (5)

فأما من أعطى ما يلزمه بذله من زكاة ونفقة وكفارة واتقى ما نهى الله عنه.

﴿وَصَدَّقَ بِالحُسنى﴾ (6)

وصدق بما وعده الله به من أن يخلف عليه في الدنيا والآخرة.

﴿فَسَنُيَسِّرُهُ لِليُسرى﴾ (7)

فسنُسَهِّل عليه العمل الصالح، والإنفاق في سبيل الله.

﴿وَأَمّا مَن بَخِلَ وَاستَغنى﴾ (8)

وأما من بخل بماله فلم يبذله فيما يجب عليه بذله فيه، واستغنى بماله عن الله فلم يسأل الله من فضله شيئًا.

﴿وَكَذَّبَ بِالحُسنى﴾ (9)

وكذب بما وعده الله من الخَلَف ومن الثواب على إنفاق ماله في سبيل الله.

﴿فَسَنُيَسِّرُهُ لِلعُسرى﴾ (10)

فسنُسَهِّل عليه عمل الشرّ، ونُعَسِّر عليه فعل الخير.

﴿وَما يُغني عَنهُ مالُهُ إِذا تَرَدّى﴾ (11)

وما يغني عنه ماله الذي بخل به شيئًا إذا هلك، ودخل النار.

﴿إِنَّ عَلَينا لَلهُدى﴾ (12)

إن علينا أن نبيّن طريق الحق من الباطل.

﴿وَإِنَّ لَنا لَلآخِرَةَ وَالأولى﴾ (13)

وإن لنا لَلْحياة الآخرة ولنا الحياة الدنيا، نتصرّف فيهما بما نشاء، وليس ذلك لأحد غيرنا.

﴿فَأَنذَرتُكُم نارًا تَلَظّى﴾ (14)

فحذّرتكم  أيها الناس من نار تتوقد إن أنتم عصيتم الله.

﴿لا يَصلاها إِلَّا الأَشقَى﴾ (15)

لا يقاسي حرّ هذه النار إلا الأشقى وهو الكافر.

﴿الَّذي كَذَّبَ وَتَوَلّى﴾ (16)

الذي كذب بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، وأعرض عن امتثال أمر الله.

﴿وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتقَى﴾ (17)

وسيُباعَد عنها أتقى الناس أبو بكر رضي الله عنه.

﴿الَّذي يُؤتي مالَهُ يَتَزَكّى﴾ (18)

الذي ينفق ماله في وجوه البر ليتطهر من الذنوب.

﴿وَما لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِعمَةٍ تُجزى﴾ (19)

ولا يبذل ما يبذل من ماله ليكافئ نعمة أنعم بها أحد عليه.

﴿إِلَّا ابتِغاءَ وَجهِ رَبِّهِ الأَعلى﴾ (20)

لا يريد بما يبذله من ماله إلا وجه ربه العالي على خَلْقِه.

﴿وَلَسَوفَ يَرضى﴾ (21)

ولسوف يرضى بما يعطيه الله من الجزاء الكريم.

وبعد هذا البيان المختصر للآيات نتعرف على بعض هدايات التدبر:

▪︎ ﴿وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى﴾

الهموم لاتطول إذا توكلنا على الحي القيوم ألا ترى ظلمة الليل

يتبعها نور النهار .

▪︎ (إِنَّ سَعْيَكُم لَشَتى)

تشابه الناس في أشياء كثيرة؛ ألوانهم، ألسنتهم، أشكالهم، مآكلهم… لكنهم اختلفوا أعظم الاختلاف في مقاصدهم !

▪︎ (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى)

(المتصدقون) يحبون المال كما يحبه غيرهم لكنهم يؤمنون بثواب الصدقة كما لايؤمن به غيرهم ولذا هانت عليهم الصدقة .

▪︎ ﴿فأما من أعطى و اتقى ، و صدق بالحسنى ، فسنيسره لليسرى﴾

وعد من الكريم فأين الراغبون ؟

▪︎ (وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى)

منع الموجود من سوء الظن بالمعبود , فلما كذب المكذبون بجزاء ربهم

وبخلفه عليهم أمسكوا عن البذل , وبخلوا بالعطاء .

▪︎ (وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى)

من تذكر أن البدء منه والمآل إليه  يقيناً أعرض عن الدنيا

واتجه إلى الآخرة.

▪︎ (وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى)

إقبالك علي الطاعات أيها العبد إنما هو توفيق من الله لك , وفضل منه عليك , فاشكر الله دوما علي نعمائه , وهل من نعمة تعدل الهداية والاستقامة ؟

▪︎ (الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى)

لا شيء يزكي النفس ويرتقي بها مثل الكرم والسخاء واعتياد البذل والعطاء.

▪︎ (وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى)

أحسن العطايا ما أُريد بها وجه الله تعالي , لا رضا مخلوق , ولا رد جميل , ولا رجاء خير من أحد .

▪︎ (إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى)

عند الصدقة جرد قلبك من كل نية دنيوية , وارتق إلي قصد رضا ربك الأعلي , فمن كان مع الأعلي عز وفاز وعلا .

نلتقي غدا إن شاء الله.. دمتم في رعاية الله وأمنهز

اقرأ فى هذه السلسلة:

 

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى