بيان وتدبر: {10} سورة الضحى
حلقات تكتبها: رشا ضاحى
يقول رب العزة سبحانه وتعالى فى كتابه عن كتابه: { هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ }.
ويصف قرآنه: { هَٰذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ }.
.. هذا هو القرآن الذى أنزله الله فى هذا الشهر رمضان على قلب عبده محمد صلى الله عليه وسلم، ليتخذه خلقه دستورا لدنياهم وآخرتهم.. فتعالوا نتدبر آياته ونبحث فى معانيها لنعمل بمراميها.
{10} سورة الضحى
نتحدث اليوم عن سورة الضحى وهي سورة مكية وقد كانت هذه السورة بشارة للرسول صلى الله عليه وسلم بعد إنقطاع الوحي فترة ،فقد كانت ردا على من قال له صلى الله عليه وسلم (إن ربك قد قلاك) فأنزل الله عز وجل {والضحى}.
ويتناول محور السورة: ذكر رعاية الله لنبيه صلى الله عليه وسلم والامتنان عليه بنعمة الوحي ودوامها له، تأنيسًا له، وتذكيرًا للمؤمنين بالشكر.
بيان السورة :
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿وَالضُّحى﴾ (1)
أقسم الله بأول النهار.
﴿وَاللَّيلِ إِذا سَجى﴾ (2)
وأقسم بالليل إذا أظلم وسكن الناس فيه عن الحركة.
﴿ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى﴾ (3)
ما تركك ربك أيها الرسول، وما أبغضك، كما يقول المشركون
لما إنقطع الوحي.
﴿وَلَلآخِرَةُ خَيرٌ لَكَ مِنَ الأولى﴾ (4)
ولَلدار الآخرة خير لك من الدنيا، لما فيها من النعيم الدائم الذي لا ينقطع.
﴿وَلَسَوفَ يُعطيكَ رَبُّكَ فَتَرضى﴾ (5)
ولسوف يعطيك من الثواب الجزيل لك ولأمتك حتى ترضى
بما أعطاك وأعطى أمتك.
﴿أَلَم يَجِدكَ يَتيمًا فَآوى﴾ (6)
لقد وجدك صغيرًا قد مات عنك أبوك، فجعل لك مأوى، حيث عطف عليك جدُّك عبد المطلب، ثم عمّك أبو طالب.
﴿وَوَجَدَكَ ضالًّا فَهَدى﴾ (7)
ووجدك لا تدري ما الكتاب ولا الإيمان، فعلّمك من ذلك ما لم تكن تعلم.
﴿وَوَجَدَكَ عائِلًا فَأَغنى﴾ (8)
ووجدك فقيرًا فأغناك.
﴿فَأَمَّا اليَتيمَ فَلا تَقهَر﴾ (9)
فلا تُسِئ معاملة من فقد أباه في الصغر، ولا تذلّه.
﴿وَأَمَّا السّائِلَ فَلا تَنهَر﴾ (10)
ولا تزجر السائل المحتاج.
﴿وَأَمّا بِنِعمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّث﴾ (11)
واشكر نِعَم الله عليك وتحدث بها.
وبعد هذا البيان المختصر للآيات نتعرف على بعض هدايات التدبر:
▪︎ (والضحى)
أنصع ساعات النهار بياضاً وطهراً ووضوحا، افتتح الله بها أقسامه في السورة الخاصة بأحب الخلق إليه الضحى أجمل ساعة، لأحب نبي صلى الله عليه وسلم .
▪︎ (وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى)
أقسم الله هنا بالضحى وبالليل لمافيهما من الحكم والنعم، ففي الضحى صلاة الأوابين وفي الليل صلاة الوتر .
▪︎ ﴿ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى﴾
انقطاع خير عنك لبعض الوقت، هو تهيئة لفيضان خير جديد.
▪︎ (مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى)
حين تضيق بك الأحوال تذكر أن الله معك.. ما هو إلا ابتلاء عارض ليسمع دعائك ويرفع من قدرك .
▪︎ (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى)
وعده سبحانه بأن يمنحه الرضا في قلبه غاية العطايا أن تصبح راضيا عن ربك رضي الله عنكم ورزقكم الرضا عنه.
▪︎ (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى)
لا تبتئس أيها اليتيم , أفلا يرضيك أن يكون الله كفيلا لك راعيا لشؤونك , كما كان لنبيه اليتيم مؤويا ومعينا ؟.. فتوكل عليه وحده وهو حسبك ونعم الوكيل .
▪︎ (فآوى، فهدى، فأغنى)
إيواء مطلق وهداية مطلقة وإغناء مطلق… أيُّ إكرام ومواساة ومحبة وكرامة هذه للنبي من ربه!
▪︎ (وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى)
من تأمل حياة النبي عليه السلام عرف أن علاج ألم الفقر
يكون بغنى النفس .
▪︎ ﴿ فَأَمَّا اليَتيمَ فَلا تَقهَر ● وَأَمَّا السّائِلَ فَلا تَنهَر﴾
عن قتادة قال : كن لليتيم كأب رحيم ؛ { فأما اليتيم فلا تقهر } , ورُدَّ السائل برحمة ولين ؛ { وأما السائل فلا تنهر } .
نلتقي غدا إن شاء الله.. دمتم في رعاية الله وأمنه.
اقرأ فى هذه السلسلة: