بيان وتدبر: {11} سورة الشرح

حلقات تكتبها: رشا ضاحى

يقول رب العزة سبحانه وتعالى فى كتابه عن كتابه: { هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ }.

ويصف قرآنه: { هَٰذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ }.

.. هذا هو القرآن الذى أنزله الله فى هذا الشهر رمضان على قلب عبده محمد صلى الله عليه وسلم، ليتخذه خلقه دستورا لدنياهم وآخرتهم.. فتعالوا نتدبر آياته ونبحث فى معانيها لنعمل بمراميها.

 {11} سورة الشرح

نتحدث اليوم عن سورة الشرح وهي سورة مكية، ويتناول محور السورة: ذكر إتمام منة الله على نبيه صلى الله عليه وسلم بزوال الغم والحرج والعسر عنه، وما يوجب ذلك من شكر النعمة بأداء الفرائض.

بيان السورة:

بسم الله الرحمن الرحيم
﴿أَلَم نَشرَح لَكَ صَدرَكَ﴾ (1)
لقد شرح الله لك صدرك فحبَّب إليك تلقِّي الوحي.
﴿وَوَضَعنا عَنكَ وِزرَكَ﴾ (2)
وحططنا عنك الإثم.
﴿الَّذي أَنقَضَ ظَهرَكَ﴾ (3)
الذي أتعبك حتى كاد أن يكسر ظهرك.
﴿وَرَفَعنا لَكَ ذِكرَكَ﴾ (4)
وأعلينا لك ذكرك، فقد أصبحت تُذْكَر في الآذان والإقامة وفي غيرهما.
﴿فَإِنَّ مَعَ العُسرِ يُسرًا﴾ (5)
فإن مع الشدّة والضيق سهولة واتساعًا.
﴿إِنَّ مَعَ العُسرِ يُسرًا﴾ (6)
إن مع الشدة والضيق سهولة واتساعًا، إذا علمت ذلك فلا تخشى أذى قومك، ولا يصدنك عن الدعوة إلى الله.
﴿فَإِذا فَرَغتَ فَانصَب﴾ (7)
فإذا فرغت من أعمالك، وانتهيت منها فاجتهد في عبادة ربك.
﴿وَإِلى رَبِّكَ فَارغَب﴾ (8)
واجعل رغبتك وقصدك إلى الله وحده.

وبعد هذا البيان المختصر للآيات نتعرف على بعض هدايات التدبر:

▪︎ (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ)
بدأت السورة بذكر أعظم النعم وهي انشراح الصدر , وستُخْتَم بأهم أسباب انشراحه وهو التفرغ لعبادة الله وطاعته .
▪︎ (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ)
أول ما يحتاج إليه الداعية في دعوته انشراح صدره ؛ ولذلك كان أول دعاء موسى عليه السلام{ قال رب اشرح لي صدري } قبل انطلاقه لتبليغ رسالته .
▪︎ (وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ)
العبد الصالح يري تقصيره في شكر أنعم الله ذنوبا تثقل الكاهل , والعبد الغافل اللاهي يفعل الكبائر ولا تهتز له شعره !
▪︎ (الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ)
ثقل الظهر يمنع من قطع مسافة السفر، وكذلك الأوزار تمنع القلب من السير إلى الله، وتثقل الجوارح من النهوض للطاعة.
▪︎ (الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ)
المعاصي أثقال علي الصدر لا تطاق , ومن ثم كان من جليل المنن وضع هذه الأثقال علي العبد ليستريح من أعبائها , وقد فاز من خف وزره , جعلنا الله منهم .
▪︎ (وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ)
عن قتادة قال: رفع الله ذكر نبيه في الدنيا والآخرة , فليس خطيب ولا متشهد ولا صاحب صلاة إلا ينادي ( أشهد أن لا إلا الله , وأشهد أن محمدا رسول الله ) .
▪︎(فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا)
ابحث دوما عن المنح المخفية في تلافيف المحن , واستخلص من العقبات العسيرة دروسا في التفاؤل والأمل , فما كان عسر إلا صاحبه يسر .
▪︎ (إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا)
في الأزمات مهما كانت حاجة الناس’ للشمس ‘ فهي تغيب كل يوم دون أن يبكي أحد لفراقها لأننا نعلم بأنها ستعود، ‏هذه هي ” الثقة ” ‏أتثقون في عودة الشمس، ولا تثقون في قول الله تعالى : (إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴾ ‏حتماً سيفرجها الله ‏ما دمنا واثقين بوعده سبحانه ‏.
▪︎ (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ)
من سمات الموفقين: أنهم إذا تفرغوا من الأعمال ومشاغل الحياة انشغلوا بالعبادة.
▪︎ ﴿وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ﴾
دع عنك الخلق.. واقصد الخالق.. ينشرح صدرك.. وييسر أمرك.. ويساق لك من الخير ما لم يكن في الحسبان.
ونلتقي غدا إن شاء الله.. دمتم في رعاية الله وأمنه.

اقرأ أيضا فى هذه السلسلة:

زر الذهاب إلى الأعلى