طارق متولى يكتب: منظور آخر.. لا تمدن عينيك
آية عظيمة من آيات القرآن الكريم قرأت تفسيرها وسبب نزولها عندما أتى النبى صلى الله عليه وسلم ضيف واراد أن يضيفه، فبعث أحد الصحابة إلى جار يهودى يطلب منه بعض الدقيق والطعام على سبيل الإستعارة لمدة شهر او قال لمطلع رجب. فقال اليهودى لا والله ما اقرضه إلا برهن فرجع الصحابى وأخبر النبى فقال له والله لو اعارنى لأديت له وانى لأمين فى السماء وأمين فى الأرض وأعطاه درع حديد ليرهنه عنده فنزلت هذه الآية الجامعة.
( ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى ( 131 ) سورة طه.
اول مالفت نظرى فى الآية هو تعبير لا تمدن عينيك وتعجبت فهل العين تمد ؟
المعروف أن اليد هى التى تمد وليس العين فكيف تمد العين يا الله ! نعم تمد العين بل تمد أكثر من اليد عندما يطلق الإنسان بصره
يمينا وشمالا حواليه وحوله ينظر إلى جميع الأشياء والنعم التى ليست فى يده فيعجب بجمالها وتتوق نفسه إليها فإن كان قادرا حصلها وأنفق امواله عليها كل يوم دون النظر لحاجته إليها ودون النظر لما فى يده من مال يحب أن يحافظ عليه وإن كان غير قادر تحسر عليها وأصابه الحزن.
وجدت هذا واقع فى حياتنا فعندما يتسلى الفرد ويمشى فى الأسواق يشاهد البضائع المختلفة ويطلق بصره فى كل جديد من الملابس والأدوات والمأكولات يجد اشياء جديدة وجميلة تقع فى نفسه فيشتريها أو يتحسر على عدم شراءها ولهذا السبب صنعوا فاترينات العرض لجذب الزبائن
وصنعوا الهايبر ماركت لتشاهد الكثير والكثير من البضائع (لاحظ هنا دور النظر) فبدلا من أن تشترى شىء واحد تشترى اثنين أو أكثر وسهلوا الأمر بأتاحة كروت ائتمان تشترى ما تريد وتدفع على أقساط بفائدة ربوية فيستدين الزبون ليحقق رغباته فى الشراء ويخسر بالطبع.
لا تمدن عينيك
بعيدا عن البيع والشراء لا تمدن عينيك لما متعنا به ازواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه
من الناس من يطلق بصره لما عند الناس من نعم ويقارن بين ما عنده وعندهم فيحزن عندما يرى من هم أكثر منه غنى ولا يرى من هم أقل منه ولا يرى أن هذا المال وهذه النعم قد تفتن الإنسان وتفسد حياته وأنها اختبار من المنعم للمنعم عليه.
ومنهم من يطلق بصره فى النساء فيشتهيهم وهم ليسوا ملكه ولا يستطيع الوصول إليهم فيتحسر ويحزن وربما انحرف سلوكه بسبب هذه الرغبة التى وقعت فى قلبه بسبب مد عينيه ولذا فى هذه النقطة تحديدا تجد أيضا آيتين كريمتين من القرآن الكريم ينبه فيهما الله عز وجل لهذا الأمر حيث قال {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} [النور:30]{قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} [النور:30]فسبحان الله غض البصر اى كفه وعدم مده
وحفظ الفرج عدم إظهاره للناظرين ليكتمل المعنى وليتعلم الواحد منا خطورة مد العين
وعدم غض البصر ليحفظ قلبه من الحزن والحسرة ويحفظ ماله من الضياع ويحفظ نفسه من التشتت والسعى المحموم وراء رغباته التى يجلبها عليه بصره.
لا تمدن عينيك وتتابع ببصرك عورات وسقطات وعيوب ليست ظاهرة لك ولا ينبغى لك أن تراها وتمعن النظر فيها وتتفحصها
فتؤذى نفسك قبل أن تؤذى الآخرين وتعكر سلامة صدرك تجاه الناس من حولك.اخيرا اجعل بصرك فى مجالك المسموح لك وقد كان الناس فى الماضى القريب عندما يدخلون مكان ينظرون فى الأرض ولا يطلقون بصرهم فى أرجاء المكان حتى جاء من ينكر عليهم ذلك ويتهمهم بالخجل الشديد وضعف الشخصية ‘
ففتحوا علينا ابواب من الشر والجرأة وقلة الحياء منشأها جميعا النظر فلا تستمع لهؤلاء فمن حفظ بصره قل حزنه.