موجات التغيير الجديدة في الشرق الأوسط !

 

إسلام كمال
 

تقرير يكتبه: إسلام كمال

 

في وقت يعانى فيه شعوب الشرق الأوسط، كغيرهم من شعوب العالم من أزمة طاحنة، يتوقع المراقبون أن تزيد قسوتها ولا تندمل، تعيش المنطقة أجواء غاية في الاستثنائية في عدة عواصم عربية بالذات مع التوتر بينها وبين الإدارة الديمقراطية الأمريكية، ومع عدة تغييرات وأحداث غاية في الأهمية تؤثر في تاريخها تمر بها.

الأمر في الغالب يدور عن انتخابات وتغييرات ما بعد الاضطرابات السياسية والاقتصادية أو الغيابات الجسدية أو تحديات منوعة أخرى، ويدخل في هذه الدائرة الساخنة، الامارات والعراق ولبنان والأردن ومصر وسوريا وليبيا والسعودية والسودان وفلسطين وقطر وتونس والجزائر والمغرب واليمن والكويت وحتى الصومال.

أى نسبة كبيرة ومؤثرة من الدول العربية، وفي أقاليم مختلفة من الشرق الأوسط، لكننا نركز على الدول ذات الثقل الإقليمى في المنطقة، بالإضافة للدول التى يعتبر الاستقرار أو الاضطراب فيها أمرا حيويا للعالم كله، وبالتأكيد سنهتم بدول تهم جدا إيران وإسرائيل وتركيا، القوى المتماسة معنا، بالذات أن هذه التطورات تأتى على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية، التى لا يتوقع أحد لها في المنظور نهاية قريبة، خاصة مع اتساع الرقعة لبحر البلطيق وغيره.

وبالتالى، سيدور الحديث عن دول مثل الإمارات والسعودية ومصر والأردن، كقوى أساسية.. والعراق ولبنان وسوريا وليبيا واليمن كحظائر خلفية للصراعات المختلفة.

شرح مطول، قبل مضمون معقد، نتمنى من خلاله أن تصل رسالته في وقت حاكم على الأمة العربية.

وفى وقت، لا ينظر البعض فيه إلا إلى نسب التضخم التى تنهش في حياة الشعوب العربية، كأغلب شعوب العالم، على خلفية الحرب الروسية، التى ضاعفت معاناة شعوبنا، هناك ما هو أعقد وأصعب ينتظرنا للأسف، تزيد معه معاناتنا، بسبب موجات التغيير الحدثية، التى بدأت قدريا وبروتوكوليا في الإمارات، ونترقبها في السعودية، وحدثت في الأردن بشكل آخر، فيما هناك انتخابات رئاسية مصرية غاية في الأهمية خلال أقل من عامين، التهبت أثارها من الآن مع المبادرة الرئاسية بالحوار الوطنى، وردود الفعل حولها ومطالب المعارضة بتبكير موعد الانتخابات، والظهور المفاجئ لجمال مبارك، الذي أثار جدلا واسعا في الجبهة المصرية، بين مؤيد ومعارض.

ورأيت الإشارة للأردن في البداية، رغم أن الحدث يجرنا للإمارات، لكن لأن عمان هى الأكثر تواصلا مع واشنطن، حتى إن العاهل الأردني هو القائد العربي الوحيد الذى إلتقاه الرئيس بايدن مرتين، ولم يلتقي سواه باستثاء زيارة غازية خاطفة لتميم، وأصبح عبدالله يتحدث بإسم العديد من الدول العربية لا الأردن فقط، وبالذات على الترتيب الامارات والسعودية ومصر.. وكل هذه على خلفية أن الملك عبد الله صاحب أكثر القرارات مباشرة ومواجهة لموجة التغييرات المنوعة التى تشهدها المنطقة، بعزله أخيه الأصغر وولى العهد السابق، الأمير حمزة عن العالم، ووصفه بالأمير الهدام، وسط ردود أفعال داخلية مثيرة، منها رفض أنصار حمزة، إتهامه بالإنقلاب على أخيه، متوقعين اضطرابات ما، رغم التحصين الكامل، الذى يتصور العاهل الأردني إنه حققه خلال زيارته الأخيرة لواشنطن، والتى اصطحب فيها إبنه ولى عهده، الأمير الحسين.

الأمر غاية في التعقد، ويحتاج وحده لمقال خاص، لكن ما يهمنا هو الحدث العام، أقصد موجة التطورات الاستثنائية التى ستغير من الشرق الأوسط في الغالب، فالعاهل الأردنى ردد المطالب الإماراتية والسعودية، وفي خلفيتها سياقات مصرية وعراقية وخليجية أخرى عن فكرة إن الإدارة الأمريكية لا تتعامل بالشكل المتوقع أو بكسل ما وفق وصفه مع الدول العربية، الأمر الذي يجعلها بالتبعية تتفاعل مع القوة الموجودة على حدودها، قاصدا روسيا، بحجة ألا يتركون الشرق الأوسط للإيرانيين، وهناك تناسق في هذه الرؤية بين أغلب العرب وإسرائيل، وحتى الأمريكيين يعرفون ذلك، ويقولون إنه تل أبيب تهددنا بالتعاون مع روسيا، لو لم نتواجد بشكل أكبر في الشرق الأوسط، وبالذات ضد إيران.

ووفق أغلب السيناريوهات، فإن رسائل العاهل الأردنى الخاصة والعامة قد وصلت بالفعل للصورة الذهنية الأمريكية الحاكمة، وبالطبع نتائج الانتخابات البرلمانية اللبنانية، من ضمن ما يشجع الأمريكان على المضي قدما مع الأردنيين.. الأكثر تفاعلاً مع البيت الأبيض، وحتى قبل القطريين، رغم الفارق الاقتصادى المهول، والدور الغازى القطري المرتقب، على خلفية أزمة الطاقة العالمية مع طول فترة الحرب الروسية.

والمفارقة، التى كانت ستحرج زعماء كثيرين بالمنطقة، ومن الممكن أن ينجوا منها بسبب الاضطرابات السياسية في تل أبيب، التى حولت الإئتلاف الإسرائيلي لحكومة هشة بأغلبية ٥٩ عضوا فقط، أى حكومة أقلية، هى أن الرئيس الأمريكى چو بايدن من الممكن أن يؤجل زيارته لإسرائيل، حتى لا يظهر كأنه داعم لطرف على حساب طرف في إسرائيل، فيغضب منه أى معسكر، وبالتالى سيخدم ذلك دول عربية، كان سيأتى بايدن للمنطقة ولا يزورها، وهناك رؤساء أمريكيون لم يزوروا دول عربية محورية منذ سنوات طويلة، وسط علامات استفهام حول مستوى العلاقات بين هذه الدول وواشنطن في مختلف الإدارات، والدور الأمريكى في المنطقة خلال الفترة المقبلة.

ونترقب ردود الفعل الأمريكية تجاه الرسائل التى حملها العاهل الأردنى للرئيس الأمريكى عامة وخاصة، فمن غير المستبعد على سبيل المثال أن تتم زيارة ما للعاهل الإماراتى محمد بن زايد، مع توليه القيادة رسميا بعد رحيل أخيه الذي كان مبعدا عن الحكم أساسا لأسباب صحية، فيما يترقب ولى العهد السعودي تطورا إيجابيا جديدا حتى يكون هناك توائما مع الأمريكان بعد رسائله التفاعلية مع الصين وروسيا.

فيما تترقب بالتأكيد الإدارة الأمريكية الحالة المصرية بتطوراتها المتلاحقة، رغم إن ردود فعلها ليست واضحة بشكل كبير، وهذا من الأمور المحيرة في المشهد، لكن في تصورنا هذه الأجواء لن تستمر طويلا.

اقرأ أيضا:

زر الذهاب إلى الأعلى