رؤساء يرتجلون وفى الحرج يقعون
سردية تكتبها: أسماء خليل
قد يعتقد البعض من الناس أن خطابات الرؤساء أو أي شخص ذو منصب ومواجهتهم للجماهير لا يتم لها إعداد مُسبق، ولكن كما يتم تحديد موعد للقاء، يتم كذلك تجهيز ما سيقوموا بطرحه في ذلك اللقاء.. وهناك من الرؤساء من يقولون كل كلمة قاموا بكتابتها مسبقا سواءًا بمفردهم، أو بما يعدونه مع مستشاريهم، وهناك من يرتجلون،،
ومن بين آلاف الخطابات لزعماء العالم، يأخذ “الارتجال” حيزًا لا يُستهان به من كلماتهم لشعوبهم، هناك ما يكون لائقًا مستساغًا، وهناك ما يضعه العالم تحت الأضواء، كنوع من الحوار التلقائي المحرج..
بايدن وبوتن
في لقاء مع شعبه، قام الرئيس الأمريكي“ جو بايدن”، في خطاب رسمي بشهر مارس السابق، وكان ذلك الانعقاد أثناء عطلة نهاية الأسبوع، إذ لاحظ الجميع عدم التزام بايدن بنص ما يتحدث به، وخروجه مرتجلا مُعبرا عن غضب شخصي، وهو يقول أن الرئيس الروسي الحالي “فلاديمير بوتين”، شخص ليس أهلا للسلطة !.. ولا يمكنه البقاء والاستمرار بها أكثر.
وقال “أريد أن أوضح أنني لم أكن حينها ولا الآن أتحدث عن تغيير في السياسات، كنت أعبر عن غضب أشعر به من الناحية الأخلاقية جراء الطريقة التي يقوم بوتين بالتعامل بها مع شعبه”..
وحين مواجهته لوسائل الصحافة والإعلام، حاول أن يواري ما قام به من ارتجال، ويظهر للعالم أن ما قام به من كلمات تلقائية هي مجرد غضب شخصي، وجدير بالذكر أنه لم يرد أن يعتذر أو يتراجع عما قال..
أوباما والارتجال بجهاز
حينما كان الرئيس الأسبق “باراك أوباما” يلقى خطاباته، كانت لا تخلو من التأثر والمشاعر المتأججة التي ينقلها للملتقى، فينفعل جدا ببعض الكلمات؛ إلى أن كان أوباما في مصر، وقام بإلقاء خطابا لمس أوتار القلوب، وكان ذلك اللقاء في جامعة القاهرة ليوجهه للعالم الإسلامي، كم قال كلمات – دونما النظر إلى أي ورقة أو شاشة- أثرت في النفوس، حروفٍ ارتجالية تم ترتيبها من قِبل صانع حاذق بفن الكلام..
إلى أن يتضح أن أوباما كان يستعين بجهاز برومبتر“teleprompter، وتقوم فكرة هذا الجهاز على اتصال شاشتين بكمبيوتر، تقومان بتلقين الرئيس أوباما، وفقا لحركة رأسه ومستوى نظره!.. وبالطبع لم يكن الرئيس الأمريكي ليرتجل في ذلك المكان التاريخي الحساس، وكل كلمة سيكون لها ثِقلها وتأثيرها وربما يتم فهمها بشكل معكوس، فهي توجه للعالم الإسلامي.
الرئيس مبارك والارتجال المُحبب
كان الرئيس الأسبق لمصر “محمد حسني مبارك”، حريصا كل الحرص على إلقاء خطاباته للجمهور بشكل رسمي بلغة عربية فصحى سليمة، مُعد مُسبقا يقرؤه من الأوراق، ولكنه كان مشهورا جدا بخروجه بجملة ارتجالية أو جملتين، تكون في كثير من الأحيان فكاهية، ولكنها تبلغ رسالة..
وأحيانا كان ذاك الخروج عن النص للرد على تعليق أو سؤال من الحاضرين، ففي أحد لقاءاته بأعضاء الحزب الوطني، سأله أحدهم عن شيء دقيق يخص حال البلد، فرد الرئيس قائلا“ انت فاكر إني هقعد أفر كل حاجة في البلد، يا راجل كبّر مخك”.
ولا أحد ينسى الجملة الشهيرة لمبارك“ ولدتُ هنا بمصر وسأموت فيها”.
إيمانويل ماكرون في مأزق
كان عليه أن يرد بشكل سريع إيذاء توجيه سؤالًا محرجا له من طفل صغير؛ حيث وجه للرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون”، وذلك خلال زيارته لإقليم “لاسوم” بالعام الماضي 2021، حين قال له – بشكل غير متوقع – هل أنت بخير بعد الصفعة التي تلقيتها؟..
حاول ماكرون أن يرد بلباقة على ذلك الموقف المحرج، فسرعان ما قال للطفل: “آه نعم.. لا بأس، لم يكن الأمر ممتعًا، وهذا ليس جيدا، ليس من الجيد أبدا أن يقوم أحد بالضرب، حتى في فناء المدرسة، ومن قام بصفعي لم يكن محقًّا”.
القذافي وأبو عمامة
لا يخفى على أحد أن رئيس ليبيا الأسبق “معمر القذافي”، كان من أكثر رؤساء العالم ارتجالًا، وربما كان منها ما هو غير منطقي، فقد قام بالتصريح في لقاء سابق له في حديث مع تليفزيون “فرانس 24”.. فقال ارتجالًا: “أوباما عربي الأصل وإن اسمه الحقيقي أبو عمامة وقد تم تحريف اسمه”..
وفي لقاء آخر قال “إنني اقترح إنشاء دولة واحدة اسمها إسراطين، تجمع دولتين إسرائيل وفلسطين معًا”.
ما تم ذكره على سبيل المثال لا الحصر، فهناك الكثير من المواقف الارتجالية التي تعرض لها زعماء العالم.