خبير الطاقة م. محمد فؤاد لـ «بيان» : مصر تسبق الزمن للحد من آثار تغير المناخ (1من5)
كتبت: أسماء خليل
منذ ما يقرُب من خمسة وعشرين إلى ثلاثين عامًا، لاحظ سكان المعمورة تغيرات حادة تطول المناخ، نتيجة الانبعاثات الكربونية والملوثات الصناعية التي مردها زيادة النشاط البشري، باستخدام الطاقة الغير متجددة مما يؤثر على تركيز الغازات المتواجدة بالغلاف الجوي، والتي من شأنها الحفاظ على درجة حرارة الأرض، وبدون تلك الغازات ونسبها المتوازنة لتدنت درجات الحرارة شتاءً-علي سبيل المثال-إلى أكثر من 30درجة تحت الصفر، وقد أشارت منظمة الصحة العالمية إلى استمرار ظاهرة “الاحتباس الحراري” نظرا لزيادة نسب تلك الغازات التي من بينها الميثان وثاني أكسيد الكربون وأول أكسيد النيتروز وغيرهم، كما يُصدر“أنطونيو جوتيريش” توصيات يومية بشأن محاولة الحفاظ على البيئة من تلك الانبعاثات الضارة..
وفى هذه السلسلة من الحوارات التى أجرتها “بيان” مع خبير الطاقة م. محمد فؤاد، مدير تنفيذي بإحدى شركات وزارة البترول، نناقش أثر تلك التغيرات المناخية على البيئة وكيف ننقذ بيئتنا وأرضنا من هلاك محقق، ونستهلها بهذه الحلقة التى نتناول فيها “أثر تغير المناخ على صحة الإنسان وزيادة عدد الوفيات”.
الحر الشديد
يربط م. محمد ارتفاع درجة الحرارة اليوم، بما يحدث كأكبر دليل على تأثير تغير المناخ، الذي يؤثر بالسلب على صحة
الإنسان، وما يتبعه من زيادة أعداد الوفيات، ويؤكد أن ذلك الحر الشديد يؤدي إلى عدم انتظام أجهزة الجسم وعملها بفاعلية سليمة؛ حيث ينجم حدوث الوفيات نتاج الأمراض القلبية والأمراض التنفسية، وتزداد تلك الأعراض بين المُسنين، ويضرب مثالًا بما حدث في أوروبا في صيف 2003 حيث سُجل أكثر من 70000 حالة وفاة أثناء تلك الموجة الحارة..
ويُرجع خبير الطاقة حدوث تلك الأمراض المُميتة، إلى ارتفاع درجات الحرارة الذي يزيد من مستويات الأوزون وسائر الملوثات الموجودة في الهواء، كما أن هناك علاقة طردية بين الحر ومرض الربو، فكلما زاد الحر ووصل إلى ذروته، كلما ارتفعت مستويات حبوب اللقاح في الجو المسببة للحساسية، ما يجعل أمراض الربو تتفاقم، حيث يعاني من ذلك المرض اللعين 300 مليون شخص حول العالم، وبالطبع ستتزايد الأعداد مع استمرار تلك الموجات الحارة..
المتهم الأول بتغيير المُناخ
يستنكر خبير الطاقة ما قام به الإنسان بالتجني على البيئة، وما سببه لها من أضرار بالغة أثرت على صحة جميع البشر بشكل عام، فقد أكدت الدراسات العالمية أن الأمراض الميكروبية قد ارتفعت بشكل مجحف، خلال العشر سنوات الماضية؛ وكل ذلك نتاج زيادة الأنشطة البشرية المختلفة، وخصوصًا إحراق الوقود الأحفوري، ما أدى إلى زيادة نسبة ثاني أكسيد الكربون وغيره من الغازات التي تسبب ظاهرة الاحتباس الحراري، وذلك على مدى السنوات الخمسين الماضية،،
وشدَّد م. محمد علي ضرورة انتباه الإنسان؛ فقد قدرت أعلنت الصحة العالمية – بشكل تقديري-وقوع 160000 حالة وفاة منذ 1950 مرتبطة بصورة مباشرة بالتغيرات المناخية، وليس ذلك وفقط بل إن ظاهرة “الاحتباس الحراري” تؤدي إلى زيادة موجات الجفاف والتصحر وفيضانات المياه في مناطق واسعة من العالم. وتؤكد الدراسات أن هناك علاقة طردية ما بين درجات الحرارة مع زيادة انتشار مجموعة من الأمراض المعدية للإنسان في عدة مناطق من العالم.
كوارث بيئية خطيرة ومتطرفة
ويشير خبير الطاقة إلى أن الأمر لم يقف عند ذلك الحد، بل إن اختلال نسب الغازات المحيطة بالأرض والذي أدى إلى الارتفاع الملحوظ بدرجات الحرارة – بالآونة الأخيرة – أدى إلى الظواهر الجوية المتطرفة والكوارث ذات الصلة بالأحوال الجوية، وكذلك تغير أنماط سقوط الأمطار؛ حيث تتسبب في وفاة ما يُقدر ب60000 حالة، كل عام، وتزيد تلك الحالات في البلدان النامية..
ويوضح أن درجة الحرارة بالعالم ارتفعت بمقدار 0.75 درجة سلسيوس تقريبًا على مدى العقود الثلاث الماضية، كما أن ذوبان الجليد الذي سببه الارتفاع المهول في درجات الحرارة؛ أدى إلى ارتفاع مستويات سطح البحر، ما نتج عنه تلك الظواهر الجوية المتطرفة..
هل من تكيف مع البيئة
يرى خبير الطاقة أن الإنسان إذا قام بعمل معجزة بالتحكم في وقف جميع انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، فسنظل نواجه التغيرات المحتملة الغير قابلة للتحول التي تسببنا فيها بأنفسنا؛ لذلك كل ما علينا هو محاولة التكيف مع البيئة، فتلك التغيرات في معدلات درجات حرارة الأرض مهما كانت طفيفة، ستترك أثارًا شديدة ومدمرة على التوازن الطبيعي بين الكائنات الحيه في أرض اليابسة وتجمعات المياه وستؤثر بالمستقبل القريب على صحة البشر..
ويشير إلى أن ما علينا الآن سوى التوعية وتقديم الخدمات الصحية خاصة بالدول النامية، وكذلك الاتجاه بشكل مُلِّح وماس إلى استخدام الطاقة النظيفة بدلًا من الطاقة غير المتجددة التي تزيد من التلوث والانبعاثات الضارة، وأيضًا الدخول في الشراكات من أجل التنسيق مع منظومة الأمم المتحدة وضمان التمثيل الملائم للمسائل الصحية في برنامج العمل الخاص بتغير المناخ وخفض انبعاثات الغازات الدفيئة التي تسببت في تلك الأزمات الصحية، وتزايد الأمراض بشكل مهول،،
أمراض خطيرة وفتاكة
يؤكد م. محمد أن ذلك الارتفاع الشديد بدرجات الحرارة، يؤدي إلى انتشار البعوض والقراد والذباب والقوارض والقواقع، وتقوم تلك بدورها كعائل وسيط في انتشار الأمراض المعدية، مثل :
– حمى الضنك Fever Dengue : تنتقل عن طريق لسع البعوضة المصريّة، يؤدي سقوط الأمطار الغزيرة ودرجات الحرارة المرتفعة إلى زيادة انتقال العدوى بهذه الحمى.
– الكوليرا وما سببته من أعراض خطيرة على البشر تؤدي إلى الوفاة..
– الملاريا: الملاريا على وجه الخصوص تعتبر سريعة التأثر بالتغيرات التي تطرأ على البيئة حيث تبلغ درجة الحرارة المثالية للناموس الحامل للملاريا 15 إلى 30 درجة مئوية وتمارس درجة الحرارة تأثيرات متنوعة على معدلات بقاء وتكاثر الناموس.