اختراع: تبادل المشاعر بالتلامس عبر الفضاء الرقمى
كتب: على طه
خلال الشهور والسنوات القليلة الماضية، أسهمت إجراءات التباعُد المتَّبعة في ظل تفشِّي جائحة «كوفيد-19» COVID-19، إلى حدٍّ ما، في تفاقُم صعوبات التواصل الجسدي والاجتماعي، على هذه الخلفية بدأت حكاية الاختراع المثير الذى توسلت إليه ميلي سالفاتو، الطالبة في مرحلة الدراسات العليا بجامعة ستانفورد بولاية كاليفورنيا، غربيّ الولايات المتحدة، حسب موقع “scientificamerican” المتخصص بشأن محدثات العصر والاختراعات العلمية.
طالع المزيد:
-
عمرو طلعت: توفير بنية معلوماتية رقمية مؤمنة هدفنا الأسمى
-
رئيس الوزراء: مصر رقم واحد بأفريقيا في خدمة الإنترنت
وفى ظل الإجراءات الاحترازية لجائحة كورونا، كانت سلفاتو تعاني جَرَّاء ابتعادها مكانيا عن أسرتها التي تعيش بعيدةً عنها في مدينة تقع شرقيّ البلاد، ولا تكفى المحادثة النصية أو مكالمة الفيديو، فى إشباع مشاعر الغياب الجسدى مع الأسرة.
وغالبًا ما يتوق الأشخاص الذين يمرون بتجربة مثل التي مرت بها سالفاتو إلى وسيلة تمكِّنهم – عن بُعد – من إرسال ضغطة يد حنونة أو عناق مطَمْئن.
ولأن الحاجة أم الاختراع، والأزمة ضاغطة على المشاعر شرعت سالفاتو وزملاؤها، فى القيام بدراسة استطاعوا من خلالها ابتكار غطاء أسطواني للذراع يشبه كُم القميص، يمكن من خلاله محاكاة فعل التلامُس البشري، ومن ثم نقل المحتوى المعنوي الذي تتضمنه الرسائل الإلكترونية في صورة محسوسة.
وقامت سالفاتو وشركائها فى البحث بتجربة الطريقة على 37 مبحوثًا عن التواصل الاجتماعي في مواقف مختلفة.
وفي كل واحد من الاختبارات التي أجراها الفريق، ارتدى أحد المبحوثين في إحدى ذراعيه جهازًا يستشعر الضغط الناتج عن التلامس، ثم لامسه شخص آخر للتعبير عن عدة مواقف تعكس ستة معانٍ مستهدفة، وهي: جذب الاهتمام، والامتنان، والسعادة، والتهدئة، والحب، والحزن.
وفيما بعد قدمت الدورية العلمية المتخصصة: «آي إي إي إي ترانزاكشنز أون هابتيكس» IEEE Transactions on Haptics عرضًا مفصلًا عن الاختراع
وبعد مراجعة 661 حركة تتضمن التلامس – مثل ضغطة اليد، والتربيت، والمصافحة، واللكز- عيّنت سالفاتو وزملاؤها، في كل حركة من هذه الحركات، المنطقة التي حدث فيها التلامس في الذراع ومقدار الضغط في كل مرة، ثم استعان الفريق بإحدى خوارزميات التعلم الآلي لتحديد حركات التلامس التي مثّلت جزءًا وثيقًا من الاستجابة في كل واحد من هذه المواقف، وأخيرًا، قام الفريق ببرمجة جهاز يشبه كمَّ القميص ليكون قادرًا على محاكاة حركات التلامس تلك، وهو جهاز يحتوي على ثمانية أقراص مثبتة داخله تُصدر ذبذبات عند تلقّيها الإشارات الإلكترونية.
وعن النتائج، صرحّت سالفاتو قائلة: “قد لا يكون هذا الجهاز قادرًا على إمدادك بإحساس اليد البشرية الحقيقية.. ولكنه في الوقت ذاته لا ينقل إليك إشارات جافة متقطعة” مثل تلك التي تنقلها الأقراص المتحركة الضخمة.. لكنها أضافت موضحة: “إنه في الحقيقة يمنحك شعورًا لطيفًا”
ونجح 30 مشاركًا جديدًا انضموا إلى الدراسة في الربط بين حركات التلامس التي تمت محاكاتها رقميًّا ومعانى المشاعر المستهدفة، بنسبة 45%، رغم أن هؤلاء المبحوثين الجدد لم يكونوا قد تلقوا أي تدريب على التجربة.
وعلى سبيل المقارنة، نجد أن دراسة سابقة أُجريت في المختبر الذي يعمل فيه جرلينج أوضحت أن المبحوثين فيها تمكنوا من الربط بين التلامس البشري الحقيقي والمعاني المستهدفة بنسبة نجاح بلغت 57%.
يقول جريجوري جرلينج، الباحث المتخصص في دراسات التلامس بجامعة فيرجينيا الأمريكية: “إن الدراسة تُعَد عملًا فريدًا، يدرس كيف تتولد المعاني عن التلامس في حياتنا الاجتماعية، ومن ثم… كيف يمكن إعادة إنتاج هذه العملية في العالم الافتراضي”
ويضيف: “أعتقد أن الارتفاع الكبير في نسبة المبحوثين الذين استطاعوا استيعاب المعاني المنقولة إليهم عن طريق التلامس وتحديدها بدقة أمرٌ لافت، وبخاصة إذا أخذنا في الاعتبار المعلومات الشحيحة التي كانت متوافرة لدى هؤلاء المبحوثين”.