الدكتور محمد إبراهيم بسيونى يكتب: نظرية النوافذ المحطمة
عاشت مدينة نيويورك في الثمانينيات، وبداية التسعينيات، من القرن العشرين حقبة من ارتفاع معدلات الجريمة والفوضى، وأشارت الإحصائيات إلى أنه فى عام واحد فقط هو عام 1992 شهدت مدينة نيويورك 2154 جريمة قتل، إضافة إلى 626 ألف جريمة أخرى، لكن أمور كثيرة تغيرت بعد أن طبقت الإدارات المحلية نظرية علمية أتت بنتائج لم تكن فى حسبان أكثر المسئولين تفاؤلا.
صاحبا النظرية هما عالما الجريمة جيمس ويلسون وجورج كلينج، وعرفت نظريتهم باسم “النوافذ المحطمة”.
وعلى الرغم من بساطة فكرة نظرية “النوافذ المحطمة” إلا أنها لم تنقذ نيويورك من مستنقع الجريمة فحسب، بل غيرت مفهوم الإدارة المدنية في أمريكا كلها.
النظرية بسيطة، فهي تقول ان كبائر الأمور لا تقع إلا بحدوث صغائرها، فلا تترك نافذة مكسورة فيظن الناس أن لا أحد يهتم بدل أن يظنوا أنك تهتم بالكبائر.
نصح الخبيران المسؤولين بشرطة نيويورك بوضع أهمية للجرائم الصغرى وسرعة إصلاح آثارها لأن ذلك يخلق بيئة منضبطة والناس سوف تتكيف مع الانضباط.
لا تترك نافذة مكسورة، اصلح إي إنارة معطلة، امسح أي جرافيتي فوراً، نظف المواصلات العامة بشكل يومي.
وأصبح هذا منهجا لحكومة نيويورك، والجديد أن النتيجة كانت سقوط مظلي لمعدلات الجرائم الكبرى بنيويورك بشكل فاق نظيراتها من المدن الأخرى، الأمر الذي جعل المنهج يسود باقي الإدارات في البلاد.
قابليتنا لرمي القمامة في مكان نظيف أقل منها لو كنا في مكان قذر مع أنه ليس مبررا ولكن هذه هي الحقيقة المرشدة للإنسان العادي، هذا هو مضمون “النوافذ المحطمة”.
والمواطن فى أى مكان من العالم، عندما يرى مكانا نظيفا وجميع ملحقاته سليمة يستشعر السلطة والانضباط في المكان فينعكس هذا على سلوكه، بالحفاظ على المكان، وعكس ذلك يحدث مع المكان المهمل.