أسماء خليل تكتب: قصور فقراء المليونيرات
قد يُدهشكَ – في تلك الآونة – حين ذهابك للمباركة لعروسين، هذه الشقة الفخمة التي تشبه القصر.. وتتعجب لما يُثار من وجود فقر، وأن الشعب ليس لديه موارد كافية للمعيشة بشكل جيد، وكم تسمع من كلمات العوز لدى بعض الناس تُشعرُكَ أنهم لا يجدون ما يقتاتون منه !!.
ويتباين ذلك الإحساس حينما تتنزه داخل ذلك القصر الصغير الذي بدله البذخ والبهرجة وأجمل المفروشات وأغلى الأجهزة إلى مُسمى آخر.
وسرعان ما تندهش أكثر حينما تعلم أن والد كلا العروسين موظفٌ حكومي.. أو ربما صاحب محل تجاري بسيط، عامل بوطنه أو بأحد الدول العربية .. ثم يتساءل البشر القابعون بتلك الحياة: يا حسرتنا أين ذهبت السعادة ؟!.
لقد استرقها شيء يسري كالنار في الهشيم، وهو السعي نحو المادة والمظاهر الاجتماعية.. ولك أن تكتشف أن كلا الأسرتين المُكَوِنَتَين لمنظومة الزواج لم يُكلف أحدهما الآخر بشيء.. ولكن كل ما يحدث هو اجتهادات شخصية.
لقد تبددت السعادة لهثًا وراء الأموال وعدم الرضا والقناعة، وخشية البعض بأن يكونوا أقل من غيرهم، فالحل أن يقوموا بإفناء أنفسهم في سبيل أن يظهروا أمام العالم بذلك المظهر ويتباهون ويفتخرون.
هل من العقل حجز قاعات لمجرد ساعتين أو ثلاث ساعات بمبلغ يتراوح ما بين الخمسة عشر ألفًا إلى المائة وخمسون، هذا ونحن نتحدث عن الفئات المتوسطة من المجتمع، لم نناقش بعد قانون الأثرياء ؟!.
هل من المنطق أن يتم تأجير فستان فرح للعروس بمبلغ يتراوح ما بين الخمسة آلاف جنيها وحتى عشرون ألفًا لمجرد أن تتباهى به أمام الأهل والأصدقاء ؟!
هل من المعقول أن يتقاضى “الميكب أرتيست”في البيئات الفقيرة خمسة آلاف جنيهًا إلى عشرة آلاف؛ لوضع بعض المساحيق على وجه العروس والتي ستغلسه بقليل من الماء ليذهب كل شيء ..ما هذا البذخ في أنواع الأطعمة المُقدمة في بعض الأفراح، ليس بدافع إطعام الطعام كسنة نبوية، بل مغالاة ككل الأنماط الموجودة في حياتنا.
مُفارقة عجيبة بين الواقع المُعاش والواقع الذي يتباري الجميع للحاق به، فحينما حدث “الخواء الفكري” كان كل ذلك كنتائج حتمية مُحققة من التفاهات التي يعيشها العالم، فماذا يفيد المظهر؟!.
إذا ارتدى امريء ما أبهى حُلة واقتنى أبهظ “اكسسوارات” ولطخ وجهه بأبهى المساحيق؛ ماذا يهم كل ذلك؟!.. إذ أنه حينما يختلي بنفسه يزيح كل ذلك ولم يبقَ سوى “الإنسان” وفقط.
والسؤال الذي يتبادر للأذهان ويُعاود التكرار ونريد التحقق من إثبات إجابته أو نفيها: هل عدم السعادة والتعاسة الحياتية هي التي أدت إلى التجاء الناس للهروب بحثًا عن شيء ربما يُشعرهم بالراحة؟!.. أم أن النظر إلى الغير والتطلع إلى مستقبل وواقع أفضل هو ما أذهبَ السعادة؟! ..
وإذا سلمنا جدلًا إلى أن السعادة هي أن يشعر الإنسان أن كل شيء على ما يُرام؛ فلماذا أبطال تلك الزيجات الجديدة- بقصورهم الفخمة والترفيه الذي يحيطهم من كل اتجاه – ليسوا سعداء، بل وتزداد بينهم حالات الطلاق؟!..
إذن.. فليس كل شيء على ما يُرام!.