د. إسلام جمال الدين شوقي: التمويل المستدام هو الحل لعلاج عجز الموازنة
يستكمل اليوم مجلس النواب مناقشة موازنة الدولة وخطة التنمية 2022-2023 حيث تستكمل الجلسة العامة لمجلس النواب، مناقشة تقرير لجنة الخطة والموازنة عن مشروع موازنة الدولة وخطة التنمية والاقتصادية للعام المالي 2022-2023، واستعرض رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، خلال الجلسة العامة أمس بحضور وزير المالية، ووزيرة التخطيط، تقرير اللجنة عن مشروع موازنة الدولة وخطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للسنة المالية 2022-2023 وسط انتقادات لنسب عجز الموازنة وتقديم 52 توصية للحكومة للمساهمة في الحد من عجز الموازنة ودعم إيردات الدولة.
وعن الموازنة وأهمية عرضها على نواب الشعب، ومناقشتها، يقول د. إسلام جمال الدين شوقي، الخبير الاقــتصادي، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي، إن الموازنة العامة للدولة، تُعدُ أحد الهواجس التي تؤرق الحكومة، فهي التي تحدد طريقة أداءها لمدة سنة مالية مستقبلية بناءً على تحديد دقيق لإيراداتها المتوقع تحصيلها ومصروفاتها المتوقع تكبدها خلال نفس السنة.
طالع المزيد:
-
سعيد فؤاد: الضرائب تمثل 75% على الأقل من الموازنة العامة للدولة
-
خفض مخصصات الدعم والحماية الاجتماعية في الموازنة الجديدة.. اعرف الحقيقة
ويضيف شوقى فى تصريحات خاصة لـ “بيان” أن جلسات مناقشة الموازنة في مجلس النواب تعتبر من أكثر الجلسات مشاهدةً ومتابعة من قبل المواطنين لمعرفة الوضع الماليّ للدولة، وتوجهات الدولة خلال هذه الفترة لتقليل النفقات في حالة عجز الموازنة أو لزياة الإنفاق في حالة وجود فائض في الموازنة.
ماهي الموازنة ؟
وهنا يبرز تساؤل (والكلام للخبير الاقتصادى) مفاده: ماهي الموازنة، وما هي مصادر تحقق الإيردات، وماهي المصروفات التي يتم يتكبدها داخل الموازنة؟
تعرّف الموازنة العامة للدولة بأنَّها خطة مالية لفترة زمنية محددة تكون عام مالي يبدأ في 1 يوليو وينتهي في 30 يونيو من العام التالي.
ويكون الهدف من إعدادها هو توضيح الإطار العام لعمل الدولة والمبالغ المخصصة للوزارات والهيئات المختلفة، فهي تعتمد على تقديرات ماليّة يتم وضعها من قبل خبراء لتوقع الإيرادات التي سيتم تحصيلها خلال هذه الفترة بالإضافة إلى النفقات المتوقع تكبدها خلال نفس الفترة، مما يساعد الدولة على وضع رؤيتها وسياستها في حالة مقابلة الإيرادات والمصروفات المتوقعة ومعرفة إذا كان هناك توازن في الموازنة أو سيكون هناك فائض أم عجز؟.
مصادر دخل الموازنة (الإيردات)
وعن مصادر دخل الموازنة (الإيردات) يقول شوقى : في أغلب الأحوال تتحقق نسبة كبيرة من إيرادات الدولة من الإيرادات العامة وهي الضرائب والدخل الناتج عن الخدمات الحكومية، والهيئات الاقتصادية (مثل قناة السويس)، والإيرادات الناتجة عن النشاط السياحي والذي يختلف من فترة لأخرى، وكذلك المنح، ويضاف إلى ذلك مصادر التمويل الأخرى مثل المتحصلات من الإقراض ومبيعات الأصول المالية، والاقتراض وبيع الأوراق المالية.
المصروفات
أما المصروفات فى الموازنة فتشمل المصروفات العامة، والأجور، ومصروفات السلع، والخدمات، والإعانات، والمزايا الاجتماعية والفوائد، إلى جانب حيازة الأصول المالية والأصول الأجنبية وسداد القروض المحلية والأجنبية.
مؤشرات الأداء المالي
وعندما ننظر إلى الموازنة العامة للدولة هناك عدد من المؤشرات الهامة التي تشير إلى الأداء المالي:
– نمو الناتج المحلي الإجمالي: والذي يشير إلى التغير السنوي في الناتج الاقتصادي للبلاد، وهو ما يقيس سرعة نمو اقتصاد الدولة.
– عجز/ فائض الموازنة: الفرق بين الإيرادات والمصروفات حيث يحدث العجز عندما يتجاوز إنفاق الدولة حجم إيراداتها.
– الفائض/ العجز الأولي: هو الفرق بين إيرادات الموازنة العامة ومصروفاتها، ولكن دون احتساب إنفاق الدولة لسداد الفوائد على الديون أو ما يسمى بفاتورة خدمة الدين.
– نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي: يتم المقارنة بين حجم الدين العام وحجم الناتج المحلي الإجمالي للبلاد مما قد يعطي مؤشرًا على قدرة الدولة على سداد ديونها.
– فاتورة خدمة الدين: وهي الفائدة السنوية ومدفوعات أصل الديون المستحقة على الدولة خلال العام المالي.
موازنة استثنائية
وعند تطبيق ما قمت بتوضيحه على الموازنة العامة للدولة المتوقعة للعام المالي 2022 – 2023 فإن الموازنة الجديدة وكما يتم وصفها بأنها “موازنة استثنائية؛ تتضمن أرقامًا غير مسبوقة في تاريخ الموازنات السابقة لمصر، سواء من حيث حجم الإنفاق أو الإيرادات أو الديون، أو الضرائب التي تشكل غالبية الإيرادات.
واستحوذت الإيرادات الضريبية في مشروع الموازنة العامة الجديدة على نصيب الأسد لتبلغ نحو 77% من إجمالي الإيرادات المتوقعة لعام 2022/2023، في ظل سياسة الدولة بالاعتماد على زيادة حصيلة الضرائب وللمرة الأولى سوف تتخطى حصيلة الضرائب حاجز التريليون جنيه في مصر؛ ووفق تقديرات وزارة المالية سوف تقفز بنسبة 18.9% خلال العام المالي الجديد لتبلغ 1.17 تريليون جنيه مقابل 983 مليار جنيه في العام المالي الجاري.
الديون السيادية
وتُعدُ تقديرات الحكومة للديون السيادية في الموازنة العامة للدولة للعام المالي المقبل مثيرة للقلق حيث يتعين على الحكومة أن تكبح خطط الاقتراض وأن تفرض المزيد من الإجراءات التقشفية لوضع سقف لمستويات الدين في البلاد بشكل عام، وتكلفة خدمة الدين بشكل خاص.
ومن المتوقع أن تمثل تكلفة خدمة الدين نحو ثلث إجمالي الإنفاق بالموازنة، بينما سترتفع فاتورة خدمة الدين العام بنسبة 19% لتصل إلى 690.1 مليار جنيه في العام المالي المقبل، لتمثل ثلث الإنفاق و49% من الإيرادات، وهذه الأرقام والنسب الكبيرة كان من المفترض فعلًا أن تدفع الحكومة إلى اللجوء لإجراءات تقشف حقيقية وانضباط مالي وهو مالم يحدث في الواقع مما يجعلنا نوجه لها النقد ولسياستها الاقتصادية في تنفيذ تلك الموازنة على حساب المواطنين.
توفير الاحتياجات التمويلية
ويبقى مشروع الموازنة مرهون بتوفير الاحتياجات التمويلية للعام الجديد، التي ارتفعت بنسبة 30%، والتي تُقدر بنحو 1.52 تريليون جنيه مقارنة بـ 1.06 تريليون جنيه في العام المالي الجاري، بحسب البيان المالي لمشروع موازنة العام 2022/ 2023.
وبخصوص كيفية تدبير هذه التمويلات، أفادت وزارة المالية بأنها ستكون من الحصول على تمويل خارجي بقيمة 146.4 مليار جنيه، وإصدار سندات دولية بقيمة 91,5 مليار جنيه، وإصدار سندات وأذون خزانة محلية بقيمة 1.37 تريليون جنيه، وهو ما يتعارض مع توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بتقليل الاعتماد على القروض، وأن يتم التوجه بشكل أكبر نحو توفير التمويلات اللازمة عبر استثمارات وليس الديون وهو مالم تفعله وزارة المالية.
خفض نسبة الدين
وأعلنت الحكومة بأن لديها مخطط لخفض نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي، إذ تستهدف خفضها إلى 84% خلال العام المالي المقبل، وإلى 75% خلال الأعوام الأربعة المقبلة، “على الرغم من أن هذا ليس هدفًا سهلًا، بالنظر إلى الظروف العالمية غير المواتية”.
الخلاصة
وخلاصة القول فإنه يتعين على الحكومة إعادة النظر في الأرقام المفزعة لموازنة العام المالي القادم 2022-2023، والعمل على تخفيض المصروفات ومحاولة إحداث تخفيض وتقشف حقيقي وليس مزعوم، والعمل على تعظيم الإيرادات من خلال استدامتها عن طريق تبني ” التمويل المستدام ” والذي يُمثل استراتيجية تعالج مشكلة ضعف قدرة الحكومة على توفير الأموال اللازمة لتغطية احتياجات الوزارات والهيئات والكيانات الاقتصادية التابعة لها، حتى تتمكن من تحقيق أهدافها ورسالتها، الاقتصادية والاجتماعية والبيئية باستدامة.