د. إيمان عبدالله: فى جرائم الانتحار والبلطجة والمخدرات.. ابحث عن الشارع والمُعلم البجح

كتبت: أسماء خليل

فساد، وطلاق، ومخدرات، وبلطجة، وقتل، وانتحار.. جرائم تزلزل الوجدان، وتشتت العقول بوحشيتها وتواترها وتلاحقها.. حتى لا تكاد التفسيرات والتأويلات والتكهنات، تتناول أحدها بالبحث فى أسبابها، وجذرورها، حتى تقع ما هو أفظع وأشنع منها.

لكن ما سبق لن يمنع العلم والعلماء من أن يدلو بدلوهم فى هذه الظاهرة،التى تضرب المجتمعات العربية، والمجتمع المصرى، ويبحثوا عن جذورها، وأسبابها، ونتائجها.

وفى هذا الصدد تؤكد الدكتورة “إيمان عبدالله” أستاذ علم النفس وخبيرة الإرشاد الأسرى، فى تصريحات خاصة لـ “بيان” أن الشارع هو اللبنة الأساسية التي كانت منبعا للأخلاق الكريمة، والذي ينشأ ويتربى به الشباب، والآن أصبح الشارع غريبًا علينا، فأصبحت أجزائه ليست مترابطة في نسق واحد، وللأسف تفككت وحدة بناء ذلك الشارع، ألا وهي الشاب والفتاة.

غياب الضوء

من هنا استشرت الجريمة فلم تعد هناك الأخلاقيات التي كان يتمسك بها الجميع ويتعلمها النشء، ما أظهر عدة مشكلات عصرية من بينها التنمر الانفلات والعنف والنهب والسرقة والقتل والتهديد والوعيد والذبح، لقد غاب الضوء الذي كان يتم تسليطه على استراتيجيات التعامل مع الآخرين؛ فلا يوجد اتحاد في مواجهه مشكلات أي فرد كائن بالشارع أو في المواصلات، فقد يقوم البعض بتصوير جريمة ويقف مكتوف الأيدي.

الشاشات الذكية

تعاود أستاذ علم النفس مرارًا وتكرارًا التركيز على الأجهزة الحديثة، باتصالها بشبكة الإنترنت وما تحويه من وسائل التواصل الاجتماعي، وقد تم إلقاء تلك الآفات في أيدي الأطفال والشباب للجري وراء المادة، وإحضار الضروريات والكماليات، وغاب دور الأسرة، واقتصر في البحث عن زيادة الرزق، وترك الأبناء أمام تلك الشاشات وغيرها او لأصدقاء السوء؛ فاصبح المربي ليس أهلا بالتربية.. وتُرجع الأمر – أيضًا- إلى عمليه الانحلال أو التقصير الموجودة في كثير من المؤسسات التعليمية،،

المُعلم “البجح”

تطلق خبيرة الإرشاد الأسرى على وسائل “السوشيال ميديا” لقب “المُعلم البجح”، حيث تصف ذلك الجهاز الذي يحتوي على وسائل الانفصال لا التواصل بأنه لا يخجل من إظهار قذارته على الملأ، ووسيلته البث المباشر في كل مكان، وللأسف هو ما جنته أيدينا كآباء وأمهات، فهو الشبح الموجود بكل مكان بلا فلتر، فقد أصبح كل شاب وفتاه هم رقباء انفسهم فلا يوجد قدوة ولا رقيب واستشرت النمذجة، وغاب الدور السلطوي الموجود في البيوت لأنهم يتركوا أبنائهم في أحضان ذلك المُعلم الفاشل لعدد ساعات طويلة..

دراما ولكن

وتوضح دكتورة إيمان، أن الدراما أضحت مليئة بالذبح والخيانات والبلطجة، وهذا ما يراه الشاب، وتلك المفاهيم الجديدة هي التي طفت على السطح وغطت على القيم والمبادئ، فلا مكان للصدق والتعاون والأمانة والمؤاخاة والرحمة والشقة، فقط غياب الوازع الديني، فالله ميز الإنسان بالعقل لينظم سلوكه ويهذب أخلاقيات، ولكن أصبح الدين يُهاجم من قِبل بعض قنوات السوشيال ميديا وكأنه آفة، ويتجلى ذلك في كثير من فيديوهات لأناس غير مسؤولين.. فالدين هو المؤسسة الأخلاقي الأولى في حياة الإنسان وعدم الاعوجاج يأتي من اتباع أوامره واجتناب نواهيه..

العولمة والجريمة

تذكر أستاذ علم النفس، أن العولمة الحقيقية هي في التعاون الإنساني واحترام الأجناس الأخرى وعدم التنمر، واتباع تعاليم الدين الصالحة لكل زمان ومكان، فالإنسان يشغل نفسه بأشياء ليست من الدين أو المنطق، فلكل مهنه ولكل مكان في الحياة اسس أخلاقية، ولابد من اتباعها.. فدين المساواة بين البشر لا يجعل الفرد يشعر إلا بالمساواة وعدم استحقاق وتفضيل آخر عنه مما يُقنن الجريمة..

وترى أنه حينما تنازلت الأسرة عن أشياء كثيرة، ولم تفرق بين الإفراط والتفريط، افتقدت دورها في إتمام الواجبات والمسؤوليات، وفقدت مكانتها الاجتماعية ودورها التربوي، وتدعو جميع مسؤولي العالم إلى التكاتف، وتكون البدايات ببث ما هو مفيد للأطفال أفلام الكرتون المحتوية على محتوى هادف يدعو للتمسك بالقيم والأخلاق..

وأخيرًا

توجه د. إيمان تأكيدًا رسالة لكل أسرة على ضرورة خلوها من التسلط والفجوات والانفصال العاطفي والنرجسية في التعامل مع الأبناء وعدم التواصل وعلاج الاضطرابات النفسية والسلوكية، فسيظل المجتمع كما هو بكل ما فيه، بل وتزداد الجرائم وحالات إدمان المخدرات للشباب لينسوا الواقع.

طالع المزيد:

زر الذهاب إلى الأعلى