أسماء خليل تكتب/ نسيان حقيبة ظهرها يعني الموت
حينما يصِفُكَ أحدهم مازحًا بأنكَ بلا قلب، فليس بإمكانك أن تصدق أن هذا حقيقة، فإن هذا الأمر حتمًا ضربٌ من ضروب الخيال؛ وإذ جزم بذلك ستندهش وربما اتهمته بالمس، إذ أنه لا يقصد بأية حال أن قفصكَ الصدري لا يحوي تلك المُضغة النابضة، وحينما تسمع تلك العبارات مثل قلبي مقبوضٌ، أو قلبي حزينٌ أوسعيدٌ، تقولها وأنت لا تعي حقًا تلك النعمة التي أنت مغبونٌ بها..
هل كان يعتقد الشعراء وهم يصفون تصلب قلبهم بالحجارة أن هذا ربما يتخطى يومًا حيز التشبيه أو الكناية لواقعٍ مرير؟! .. هل الشاعر مطران خليل مطران كان يشعرحقًا بتلك الكلمات حينما قالها أم أنها مجرد استعارات وتصويرات؟!..فقد قال يومًا : مُتَفَرِّدٌ بصَبابَتِي، مُتَفَرِّدٌ بكآبَتِي مُتَفَرِّدٌ بعَنائي، ثاوٍ علي صَخْرٍ أَصَمَّ وَلَيْتَ لي، قَلْبًا كهَذِي الصَّخْرَةِ الصمَّاءِ،،
هل كان يتمنى حقًّا أن يصبح بقلب صلب مثل الحجارة؟!.. وهل كان يعلم أن هذا ربما يكون حقيقة يومًا ما؟!..
عن أي اكتئابٍ وكآبة يتحدث الشعراء؟! هل إذا رأى أحدهم سلوى كانوا سيتحدثون بكل ذلك الألم وهم يصفون حالتهم التي وصلوا إليها جرَّاء الصبابة والعشق والتي لا تذكر بجوار حالة سلوى؟!.. فمن سلوى؟!
إنها إنسانة تعيش في نفس الحياة التي نحياها بدون قلب نابض، فقط مجرد آلات تدق بوتيرة واحدة ، إن قلبها المُستعار الذي تعيش به هو عبارة عن آلات ومحركات صلبة،،
فقد ذكرت صحيفة “ديلي ميل” البريطانية، أن “سلوى حسين” البالغة من العمر 39 عاما، هي الوحيدة التي تعيش بهذه الطريقة الطبية في بريطانيا وهي أم لطفلين، وتحمل في حقيبة ظهرها الطبية جهازا ببطاريتين يزن 6.8 كيلوجرام، وهو عبارة عن محرك كهربائي ومضخة لدفع الهواء، وتقوم البطاريات بدفع الهواء إلى كيس بلاستيكي في صدر المريضة عن طريق أنابيب، لأجل إتاحة الدورة الدموية في الجسم.
إن سلوى كانت تعيش بشكل طبيعي قبل حادثة كبرى كادت أن تودي بحياتها، وشعرت على إثرها بضيق شديد في التنفس،وبعد استشارة طبيب عائلتها في مدينة “إسكيس”، تم إرسالها إلى أقرب مستشفى محلي وأخبروها بأنها تعاني من قصور القلب، كان نتاج تلك العملية هو انتزاع قلبها من جسدها؛ فقام الأطباء بعمل قلب صناعي لها، تحمله على ظهرها أينما ذهبت وكلما تحركت لتظل على قيد الحياة،،
ماذا يعني نسيان سلوى تلك الحقيبة في أي مكان؟!!.. حتمًا الموت.
لقد ظلت سلوى لفترة زمنية- تقدر بست ساعات- بلا قلب، أثناء العملية، وهي تعيش حاليًا بشكل طبيعي وتمارس أعمالها دون أي مشاكل، وهي ثاني حالة من نوعها في تاريخ بريطانيا كما يقول الأطباء، لكنها بدون “قلب” داخل جسدها مثل كل البشر.
إن سلوى مقيمة ببريطانيا تحمل الجنسية البريطانية، لكنها مصرية الأصل، لقد وضع لها الأطباء قلبًا صناعيًا في حقيبة يتوجب عليها أن تحملها على ظهرها طوال العُمر لتبقى على قيد الحياة، وهي حالة نادرة جدًّا ما تحدث.
إنَّ سلوى تعيش بقفص صدري خاوٍ من القلب، وعقل ملئ بحب الحياة والأمل، فلم تكن لتحيا يومًا واحدًا دونما إيمان بأن الذي خلقها بلا قلب، قادر على أن يمنحها الحياة..
إنسانة تعيش الحياة بلا قلب، وهناك من لديهم قلوب ويتمنون الحياة!!!