أفراح الأثرياء وأحزان الغارمات

كتبت: أسماء خليل

في واحدة من أكبر المفارقات فجوةً واتساعًا، تلك المفارقة بين التكاليف الباهظة التي ينفقها الأغنياء في أفراحهم ومناسباتهم، بما تشمله من مأكولات ومشروبات، وبين الفُتات الذي لا يكفي لسد إيصالات أمانة زهيدة الثمن تدفع بالغارمات لقضاء- ربما – معظم حياتهن بالسجن..

وما بين رهناء السجون ومطلقى الحرية بأموالهم يتجلى فارق اجتماعى كبير؛ فقد استشرى بالمجتمع – في الآونة الأخيرة – التَّكلف وحب المظاهر والتفاخر بالأنساب ذات المرجعية الثرية،؛ وبات الأثرياء في مزادٍ يتبارون أيهم سيصل للمترتبة الأولى من الإنفاق لكسب الوجاهة الاجتماعية.

تكاليف الأفراح
هل تصدق أن تكاليف فرح واحد، من أفراح أولاد الأثرياء الذين سترد سيرتهم فى القادم والتى تصل لملايين كثيرة من الجنيهات، يمكن لهذه الملايين أن تسد ديون كل غارمات مصر ؟!.


فأولئك السيدات قمن بشراء جهاز لبناتهن من أجل زواجهن، ولم تستطعن سداد تلك الديون التي تعادل الفُتات في لحظة إنفاق واحدة من أحد الأثرياء.. والأمثلة كثيرة فى الآتي:

المعازيم فى طائرات

حفل زفاف ابن “حامد الشيتي” ٣٠ مليون دولار.

تزوج بن رجل الأعمال الشهير – في مجال العمل بالسياحة – من عارضة الأزياء “أنجل” وتم ذلك الفرح في جزيرة ميكونوس باليونان، حيث كانت العروس تزور تلك الجزيرة كل عام، والتقت مع العريس هناك، وكان حفلًا أسطوريًّا، فقد حضر المدعوون إلى الفرح بطائراتهم الخاصة وبعضهم تم نقله عن طريق اليخوت إلى الجزيرة، ثم تم توصيلهم بسيارات فارهة إلى الفنادق التي يقام بها الاحتفال، كان عدد الضيوف ٤٠٠ فرد، ويتم حراستهم من ١٠٠ بودي جارد، بالإضافة إلى خدمة متواصلة على مدار ٢٤ ساعة.

الشيتي هو رجل أعمال منذ عدة عقود، ولقب بحوت السياحة، حيث يمتلك الشيتي 143 فندقا ومنتجعا سياحيا وفنادق عائمة على مستوى العالم.

فستان ياسمين

فرح ياسمين صبري وأبو هشيمة
تكلف فرح رجل الأعمال المصري الشهير – أحمد أبو هشيمة – ملايين الدولارات؛ فقد بلغ تكلفة فستان الفرح فقط ٣٧ ألف جنيها، رغم أنه فستان بسيط جدا، وكأن ثمن حذاء الفرح ١٣ ألف جنيه مصري، وقد لفت أنظار الجميع كم المجوهرات باهظة الثمن التي تقتنيها ياسمين صبري.

نسب الأباطرة

صلاح دياب وطلعت مصطفى

في واحد من الأفراح الأسطورية في فندق فورسيزون، تم زواج كل من نجلي صلاح دياب وهاني طلعت مصطفى شقيق هشام طلعت مصطفى، كان الفرح على مدار ثلاثة ايام، حيث وصلت تكلفة التحضير الى أكثر من 50 مليون جنيه، وقد تبدت مظاهر البذخ من البوفيه المفتوح والسيجار الفاخر للمدعويين من الطبقة الأريستوقراطية وقد أحيا الفرح الكثير من الفرق الاستعراضية، وقد قام دياب باستئجار طائرة من شركة مصر للطيران لنقل 130 شخصية ضمت رجال أعمال وأقارب العروسين.

يذكر أن العروس هي ابنة صلاح دياب مالك صحيفة “المصري اليوم” ، بالإضافة إلى عدة شركات كبيرة تعمل في مجالات الزراعة والبترول، أما العريس فنجل رجل الأعمال هاني طلعت مصطفى، شقيق رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى، حفيد رجل الأعمال طلعت مصطفى صاحب كبريات الشركات العاملة في مجال الاستثمار العقاري والمنتجات الغذائية والعصائر.

بنت السلطان فى هودج

فرح ابنة منصور شيفروليه
تكلف ذلك الفرح ملايين من الجنيهات لا تُحصى، وبدت ابنة رجل الأعمال الشهير منصور شيفروليه، وقد ظهرت بإحدى الفيديوهات ليلة الحنة، في مشهد أسطوري، وهي بملابس البحر فوق بساط مطرز، يحمله ٦ من الخادمين، وكأنها في هودج الملكات.

ويذكر أن محمد منصور هو رجل أعمال مصري وسياسي سابق. يرأس مجلس إدارة مجموعة منصور التي تقدر قيمتها ب 6 مليارات دولار، المجموعة تعد ثاني أكبر شركة في مصر من حيث الإيرادات، وقد تم تقدير ثروته ب 3.3 مليار دولار أمريكي.

أحزان الغارمات

هذا البذخ، وهذه التكلفة التى تتجاوز فى كثير منها حد السفه، فى أفراح الأثرياء، يقابلها حالات زواج تدخل بسببها أم العروس السجن بسبب اقتراض ٥٠٠٠ جنيها، يتوقف عليها الزواج، وضحايا هذه الزيجات هن الغارمات؛ وقد ذكرت الإحصائيات أن ٢٥٪ من المسجونات غارمات.. فهل تصدق أن نسبة ٢٥٪من مجمل المسجونين في مصر هن غارمات؛ بسبب مبالغ زهيدة جدًّا يقضون عقوبات تصل لعشر سنوات ؟!.


إنَّ تلك الغارمة تذهب كما يفعل أغلب الشعب المصري إلى الشركات لشراء جهاز بناتهن بالتقسيط، وتقمن بكتابة إيصالات أمانة “شيكات على بياض” على أنفسهن، وبالطبع تعجزن عن السداد في الميعاد المطلوب وتتعرضن للمساءلة القانونية والحبس بالسجون.
ومن بين تلك الحالات التي تملأ المجتمع، حالة رصدها برنامج “الشارع المصري” بقناة العربية، من سجن القناطر، كمثال بيِّن على عدم مراعاة هؤلاء الأثرياء للحالة التي قد يصل إليها العض بسبب عدم سداد بضع جنيهات.

“ حالة الحاجة رتيبة” وهي عجوز في نهاية الستينيات من عمرها، كما ذكرت القناة، عليها مجموع أحكام عن شيكات، قضت بسبب عدم سدادها إحدى عشر عاما بالسجن، وستظل في رهينته حتى عام 2037 .. مجموع الدين على الحاجة رتيبة لا يتجاوز 50 ألف جنيه، وسبب استدانتها تجهيز بناتها.. ومع الظروف الاقتصادية الصعبة تعثرت في السداد فدخلت في دوامة المحاكم والقضايا المرفوعة عليها هي وبناتها الذين قضوا في السجن 9 أعوام كاملة بسبب توقيعهم على بعض صكوك الدين كضامنين.


كضية الحاجة رتيبة من ضمن القضايا التي دفعت الرئيس “عبد الفتاح السيسي” ، والذي كان وقتها وزير الدفاع إلى الاهتمام بقضية الحاجة رتيبة والغارمات بصفة عامة.

وفي واحدة من أكثر القضايا استدعاءًا للشفقة، قضية امرأة محكوم عليها لم ترد أن يذكر اسمها، وتبلغ من العمر ٦٣ عاما ، أرملة ولديها ستة أبناء، وهي متهة بقضية إيصالات أمانة ومحكوم عليها بالسجن لمدة عامين.


أم تعيش بلا مأوى ولا عائل، تريد أن تقتات هي وبناتها أي طعام يسد جوعهم، وكذلك اضطرت لتجهيز إحدى بناتها للزواج، فكانت توقع على إيصالات امانة وكان الضامن ابنها البالغ من العمر 28 عاما.. ومع مرور الوقت، تعثرت في سداد الأقساط فتراكمت عليها، فتقدم الدائن بشكوى ضدها هي وابنها، وحُكم عليها بالسجن لمدة عامين، وكانت قيمة الدين حينها 5500 جنيه مصري.


وقد قامت القوات المسلحة بسداد ديون 10 آلاف غارمه برئاسة “السيسي”، موضحة أن القضية لها شقين مادي وقانوني.

زر الذهاب إلى الأعلى