خاص| ما يجب أن تعرفه عن تجربة «الصحيفة الخضراء صديقة البيئة»

 

د. إسلام جمال الدين

 

 

كتب التقرير التالى لـ “بيان” الخبير الاقتصادي

د. إسلام جمال الدين شوقي

عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي

تُعدُ حماية البيئة إحدى المهام الأساسية والحيوية ليس فقط بالنسبة لدولة اليابان، ولكن تمتد لتشمل دول العالم ككل، ومع تطور الحياة الحديثة من أجل أن تصبح أكثر راحةً وأفضل وأكثر رفاهيةً، كان هناك إتجاه تصاعدي لإنتاج سلع يتم استخدامها مرة واحدة وبعدها يتم التخلص منها، الأمر الذي من شأنه نتج عنه كل أنواع المشاكل البيئية، فنجد كميات هائلة من المخلفات، وحدوث ظواهر ومشكلات بيئية مثل ظاهرة الاحتباس الحراري وكل ذلك يؤدي إلى تدمير البيئة الطبيعية.

وتنبهت الحكومة اليابانية إلى أن مشكلات البيئة لن تستطيع أن تواجهها بمفردها فقامت بتطبيق فكرة إشراك الشعب الياباني في العديد من الأنشطة والجهود من أجل حماية البيئة من التلوث، فالبشر يدفعون الآن ثمن الرفاهية التي يحصلون عليها، حيث يُعدُ توليد كميات هائلة من المخلفات هو السعر الذي يتم دفعه.

وإذا تم نقل هذه المخلفات إلى أماكن التجميع ومكبات النفايات فستكون النتيجة هي تكون جبال كثيفة ومتنامية من المخلفات والقمامة، لذلك يجب على البشر أن يقوموا بتأسيس مجتمع يعمل بناءً على ثقافة إعادة التدوير للسلع، مجتمع يكون عنده الوعي والإدراك للاقتصاد في استخدام السلع، ويقوم باستخدام السلعة الواحدة مرة تلو الأخرى بدلاً من التخلص منها مباشرة.

طالع المزيد| وزيرة البيئة تترأس تسيير أعمال جلسة تمويل المناخ قبل مؤتمر cop 26

وقطعت اليابان شوطًا كبيرًا في ثقافة وفكرة إعادة التدوير حيث اخترعت إحدى أشهر الصحف الوطنية صحيفة صديقة للبيئة مستدامة بنسبة 100%، إذا زرعتها، فسوف تزهر، “الصحيفة الخضراء” التي ستحدث ثورة في مجال المحافظة على البيئة حيث ستغير نظرتنا لأسلوب إعادة تدوير الورق، وقد اخترعها ناشر الصحيفة اليومية اليابانية “ماينيتشي شيمبونشا”.

صحف من الورق النباتي:

تعود اليابان لتظهر مرة أخرى أمام العالم أنها دولة متقدمة تقدم أحدث اختراع لها في صحيفة مصنوعة بالكامل من الورق النباتي المعاد تدويره والتي يمكن تحويلها إلى سماد بعد قراءتها أو يمكنك زراعتها بعد قراءتها، ويرجع السبب في ذلك إلى أن الصحف المطبوعة ليست صديقة للبيئة على الإطلاق، وبذلك تكون قد توصلت إحدى أكبر الصحف اليومية في اليابان إلى حل للكمية الهائلة من نفايات الورق التي ينطوي عليها طباعة الدوريات.

ولا يُعدُ هذا النوع من الورق الأول من نوعه في اليابان، حيث انتشر الورق “صديق البيئة” في الأسواق اليابانية منذ عدة سنوات، وهو مزيج من الورق المعاد تدويره، والماء، والزهور الصغيرة أو بذور الأعشاب ( ويمكن أيضًا صنعه بسهولة في المنزل)، ويمكن إعادة استخدامه بطريقة إبداعية بمجرد الإنتهاء من استخدامه حيث أن الورق قابل للتحلل الحيوي، لذلك لا يترك وراءه أي نفايات، مما يجعله بديلاً مفيدًا عن الورق التقليدي وصديقًا للبيئة.

ورق بذور قابل للزراعة:

ورق البذور هو حرفيًا ورق يحتوي على بذور مدمجة فيه، وعندما توضع هذه الورقة فوق التربة وتُروى، فإنها ستنبت وتبدأ في إنبات الشتلات، وفي نهاية الأمر سوف تتحلل الورقة وتترك الشتلات لتنمو لتصبح نباتات ناضجة، وورق البذور سهل الصنع ويمكن استخدامه في عملية البستنة، والمقصود بها زراعة النباتات واكثارها بدافع التجميل للحدائق المنزلية والعامة والمنازل والشوارع والواجهات وفوق الأسطح.

انقذوا الكوكب
انقذوا الكوكب
أماكن بيع الصحيفة الخضراء
أماكن بيع الصحيفة الخضراء
الصحيفة الخضراء
الصحيفة الخضراء

البطاقات البريدية:

يمكن استخدام ورق البذور في العديد من الأشياء مثل بطاقات الملاحظات أو دعوات الزفاف وهي شائعة جدًا في استخدامها لورق البذور، أو بطاقات أعياد الميلاد وعيد الأم، أو البطاقات البريدية، وبمجرد وضعها في التربة وسقيها ستبدأ في النمو، وتُعدُ بطاقات البذور الورقية محلية الصنع هدية فريدة من نوعها، ومن المرجح أن تستمر لسنوات قادمة، كما أن البذور الورقية مفيدة في عملية صنع المنتج الورقي حيث أن دعوة أو بطاقة البذور الورقية هي حقًا الشيء الوحيد الذي لا بأس به في طريقة التخلص منه، على العكس من الورق التقليدي والذي ينتهي به المطاف في مكب النفايات.

لاقت المبادرة قبول واستحسان كبير لدى المواطنين:

حظيت المبادرة بشعبية كبيرة لدى الشعب الياباني، حيث حققت الصحيفة الصديقة للبيئة نجاحًا هائلاً ، حيث تم توزيع أكثر من أربعة ملايين نسخة يوميًا في جميع أنحاء البلاد وحققت عائدات لناشريها تبلغ حوالي 700 ألف دولار، لقد أصبح من الواضح أن ثقافة وفكرة إعادة التدوير ليست مفيدة للبيئة فحسب، بل إنها تمتد لتصبح مفهوم يمكن للكثيرين دعمه حيث شملت المبادرة المدارس، من أجل توعية الأطفال بالقضايا البيئية وتعليمهم أهمية إعادة التدوير، ولقد أعجب الأطفال كثيرًا بفكرة تمزيق الصحيفة إلى قطع صغيرة بمجرد قراءتها، وزرع القطع في التربة، ثم سقي الوعاء وفي غضون أسابيع قليلة تظهر النباتات والزهور على شكل براعم.

والآن بعد استعراض جانب من الجوانب المضيئة في مجال الحفاظ على البيئة من واقع التجربة اليابانية نجد أن المحافظة على البيئة هي من الأشياء السهلة والبسيطة لدرجة أنها أسهل مما قد يتم تصوره أو تخيله؛ فهي لا تحتاج إلى جهد كبير أو وقت طويل، بل إنها مسألة وعي وإدراك وثقافة يتم غرسها في الأفراد لتصبح بعد فترة من الوقت جزءًا من شخصيتهم، لذا أتمنى أن نحاول أن نفكر ونطرح أفكارًا خارج الصندوق كما يقال في مجال المحافظة على البيئة، كما أتمنى أيضًا أن تعمم فكرة الصحيفة الخضراء ويتم تطبيقها في مصر ودول العالم المختلفة خاصةً أنها من الأفكار السهلة والبسيطة والتي ستعود علينا بالنفع الكثير.

زر الذهاب إلى الأعلى