إسلام كمال يكتب: ماذا تفعل إسرائيل في السودان؟!
لم يعد غريبا في الشرق الأوسط الإبراهيمى، والذي تضربه موجات التطبيع المهرول، ليزيد أسرلة المنطقة، بل العالم، أن تطّلع على معلومات علنية وشبه سرية، عن زيارات فرق الموساد الإسرائيلية للسودان، ولمن لا يعرف فكانت هناك علاقات سودانية إسرائيلية بل وموسادية في عهد المعزول الإخوانى البشير، رغم الدور الموسادى في عملية موشيه، التى هربوا خلالها آلاف يهود الفلاشا من إثيوبيا عبر السودان، في مقتبل الثمانينات.
الأمر أصبح اعتياديا الآن، بل علنيا لدرجة إلتقاط الصور ونشر الأخبار بخلاف التسريبات عن التفاصيل الخطيرة، والتى منها الاختراق الإسرائيلي لملفات النيل في السودان، الذى يمثل العمق المصري.
طالع المزيد| البرهان: أحداث السودان تصحيحا للعملية الانتقالية وليست انقلابا
أمريكا تدين أحداث السودان
أهالي الشيخ جراّح يرفضون تسوية «العليا الإسرائيلية».. لن ندفع إيجار عن أملاكنا
لكننى وقفت لوقت ما أمام المعلومات التى تناثرت عن زيارة مفاجئة لفريق موسادى من كبار المختصين للخرطوم، خاصة أن العنوان كان ملفتا وصادما، وهو التعرف على حقيقة ما يسمى بالإنقلاب العسكرى في السودان، في وقت الكل يبتعد ويكتفي بالمراقبة والترقب، حتى بالنسبة لأقرب الأقربين، والذي يمس أى تطور في السودان أمنهم الداخلى، والقائمة طويلة بالتأكيد.
وبعد ساعات من التسريبات الإسرائيلية، كشفت صحيفة الخرطوم السودانية أن وفدًا إسرائيليًا زار العاصمة السودانية في الأيام الأخيرة، ولم تفند أى تفاصيل، ولم تقل إنه موسادى!
لكن في حقيقة الأمر، اعترف مسؤولون إسرائيليون بإن الوفد الإسرائيلي الذي زار السودان في الأيام الأخيرة، كان موساديا، والتقى بمسؤولين عسكريين سودانيين من بينهم قائد قوات الدعم السريع الجنرال عبد الرحيم دقلو.
وضم الوفد ممثلين من الموساد واجتمع بشكل أساسي مع مسؤولين عسكريين في الخرطوم، لتكوين انطباع عن الوضع الداخلي بعد تطورات الأيام الأخيرة.
وزادت غرابة الشرق الأوسط الإبراهيمي، حينما تحولت إسرائيل علنية المتحدثة بإسم السودان، والناقلة لاجواء تطوراتها للغرب، حيث كشف مسؤولون إسرائيليون وأمريكيون عن أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بحث موضوع التطورات السودانية في اتصال مع وزير الأمن الإسرائيلي بيني جانتس، وطلب من إسرائيل حث جيش السودان على إنهاء ما أسموه بالانقلاب!!!
تصوروا، أن هذا ما وصلنا له!!!.. الجيش الإسرائيلي يعطى تعليمات سياسية أو عسكرية للجيش السودانى، من خلال توصيات أمريكية، وكل هذا في العلن!!!
وبالفعل، هناك سياسة خاصة تتبعها إسرائيل، حيال التطورات الداخلية السودانية، فبينما أدانت جميع الحكومات الغربية ما يسمى بالانقلاب العسكري في السودان، التزمت الحكومة الإسرائيلية الصمت حيال هذه القضية حتى الآن، وتروج تل أبيب إلى أن هذا السلوك أدى إلى شعور في كل من السودان وواشنطن بأن الإسرائيليين يدعمون الخطوة، لكن الفكرة الحقيقية لدى تل أبيب هى السيطرة الإسرائيلية على الأجواء السودانية، ولذلك كان هناك تواصل أمريكى إسرائيلى علنى في هذا الشأن، وبالطبع هذا يعد أول اختبار حقيقي لإسرائيل في ملف الموجة الإبراهيمية من التطبيع، وهى حتى الآن تصور للجميع إنها مسيطرة على الموقف، والأكثر من ذلك أنها أصبحت ناقلة للرسائل الأمريكية للنظام السودانى، الذي يحاول تهدئة الموجات الغربية الغاضبة منه، بالتواصل الساخن مع تل أبيب.
كل هذا يحدث تزامنا مع واحدة من أعقد التدريبات التى تقوم بها إسرائيل وأمريكا على بعد كيلومترات من السودان في، قبل أن تنشر الوحدة الخاصة من مشاة البحرية الأمريكية نفسها في ارجاء الخليج العربي بحجة الاستعداد لمواجهة محتملة مع إيران، لكن هناك رسائل عديدة من هذا التدريب بالتأكيد، لا تخص إيران فقط!
أجواء في غاية التعقد، نتابعها ونترقبها، تزيد مطالبي المتجددة بعقد مؤتمر استراتيجي مصري كبير بين المعلن ونصف المعلن والسري، حول ملفات مواجهة التحديات في نقاط الأمن القومى المصري المختلفة، مع ضرورة تطوير الرؤي في بعض الملفات الاعتيادية.