رشا ضاحى تكتب: رحلة مع أسماء الله الحسنى (24).. الحكيم
تتواصل رحلتنا مع أسماء الله الحسنى ونتحدث اليوم عن اسم الله الحكيــم
وقد ورد هذا الاسم في القرآن الكريم في واحد و تسعين موضعا مما يدل على عظمة ما يحمله هذا الاسم الكريم من معاني جميلة يجب على العبد معرفتها .
ومن معاني الحكيم :
قال ابن جرير الطبري : الحكيم الذي لا يدخل تدبيره خلل ولا زلل، حكيم فيما قضى بين عباده من قضاياه .
وقال ابن كثير: الحكيم في أفعاله وأقواله فيضع الأشياء في محالها بحكمته وعدله .
وقال الحليمي: (الحكيم) الذي لا يقول ولا يفعل إلا الصواب، وإنما ينبغي أن يوصف بذلك لأن أفعاله سديدة، وصنعه متقن، ولا يظهر الفعل المتقن السديد إلا من حكيم .
وقد ورد اسم الحكيم مقترنا دائما باسم آخر من الأسماء الحسنى ومنها اسم الله العليم، ولما كان من معاني الحكمة سعة العلم والاطلاع على مبادئ الأمور وعواقبها ،
فقد اقترن اسم الله الحكيم باسم الله العليم في سبعة وثلاثين موضعا في القرآن الكريم ومنها قوله سبحانه وتعالى: ﴿يُريدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُم وَيَهدِيَكُم سُنَنَ الَّذينَ مِن قَبلِكُم وَيَتوبَ عَلَيكُم وَاللَّهُ عَليمٌ حَكيمٌ﴾ (النساء: 26 )
ومن الملاحظ أن اسم العليم يتقدم على الحكيم عندما يقتضي الأمر العلم قبل الحكمة مثل قوله جل وعلا:
﴿قالوا سُبحانَكَ لا عِلمَ لَنا إِلّا ما عَلَّمتَنا إِنَّكَ أَنتَ العَليمُ الحَكيمُ﴾ ( البقرة 32 )
فهنا تعترف الملائكة بعجزها وقصور علمها مقارنة بعلم الله العليم الحكيم عز وجل .
وفي مقام صبر نبي الله يعقوب عليه السلام وتسليمه بحكمة الله عز وجل فيما قضى من فقد ولده بنيامين بعد ولده يوسف عليه السلام نجد يعقوب عليه السلام
لم يهتز إيمانه و رجاءه أن فرج الله قريب في رد ولديه إليه وأنه عليم بحاله له حكمة سبحانه وتعالى فيما حدث لهما فيقول بيقين: ﴿قالَ بَل سَوَّلَت لَكُم أَنفُسُكُم أَمرًا فَصَبرٌ جَميلٌ عَسَى اللَّهُ أَن يَأتِيَني بِهِم جَميعًا إِنَّهُ هُوَ العَليمُ الحَكيمُ﴾ (يوسف: 83).
من مقالات الكاتبة| رشا ضاحى تكتب: رحلة مع أسماء الله الحسنى (23).. العزيز
رشا ضاحى تكتب: رحلة مع أسماء الله الحسنى (22).. الرؤوف
رشا ضاحى تكتب: رحلة مع أسماء الله الحسنى (21).. الحميد
أما تقدم اسم الحكيم على اسم العليم فقد ورد في مقام التوحيد لله جل وعلا في قوله سبحانه وتعالى :
﴿وَتِلكَ حُجَّتُنا آتَيناها إِبراهيمَ عَلى قَومِهِ نَرفَعُ دَرَجاتٍ مَن نَشاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكيمٌ عَليمٌ﴾ ( الأنعام 83 )
يقول الإمام ابن القيم عن اقتران اسمه سبحانه الحكيم باسمه عز وجل العليم :
العلم والحكمة متضمنان لجميع صفات الكمال فالعلم يتضمن الحياة ولوازم كمالها من: القيومية والقدرة، والبقاء، والسمع، والبصر، وسائر الصفات التي يستلزمها العلم التام.
والحكمة تتضمن كمال الإرادة والعدل، والرحمة، والإحسان، والجود، والبر، ووضع الأشياء مواضعها على أحسن وجوهها، ويتضمن إرسال الرسل، وإثبات الثواب والعقاب،
فالحكمة أخصُّ من العلم، إذ هي إجراء العلم على نحو خاص يحقق أسمى الغايات.
إن الحكمة رزق من الله يؤتيها من يشاء من عباده ومن نالها فقد حصل على الخير الكثير
﴿يُؤتِي الحِكمَةَ مَن يَشاءُ وَمَن يُؤتَ الحِكمَةَ فَقَد أوتِيَ خَيرًا كَثيرًا وَما يَذَّكَّرُ إِلّا أُولُو الأَلبابِ﴾ ( البقرة 269)
من أثار الإيمان باسم الله الحكيم أن يعلم العبد أن لله الحكمة البالغة فلا يعطي إلا لحكمة ، ولا يمنع إلا لحكمة واختيار الله لك خير من اختيارك لنفسك
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “لو كُشِفَتْ حُجُب الغيبِ ما اختارَ أحدنا لنفسه إلا ما اختاره اللهُ له”.. فكن دائما على يقين بفرج الله واحرص على تقواه.
قال الألوسي : من اتقى الله تعالى تفجرت ينابيع الحكمة من قلبه، وانكشفت له دقائق الأسرار حسب تقواه.
وحتى نلتقي دمتم في رعاية الله وأمنه