رشا ضاحى تكتب: رحلة مع أسماء الله الحسنى (21).. الحميد 

  تتواصل رحلتنا مع أسماء الله الحسنى ونتحدث اليوم عن اسم الله (الحميد)

وقد ورد اسم الله الحميد في القرآن الكريم 17 مرة، ومنها قوله سبحانه وتعالى:

﴿ الر كِتابٌ أَنزَلناهُ إِلَيكَ لِتُخرِجَ النّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النّورِ بِإِذنِ رَبِّهِم إِلى صِراطِ العَزيزِ الحَميدِ ﴾ (إبراهيم: 1)

أما في السنة النبوية فقد ورد اسم الحميد في عدة أحاديث منها حديث كعب بن عجرة أنه قال:

 سألنا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقلنا: يا رسولَ اللهِ، كيف الصلاةُ عليكم أهلَ البيتِ، فإنَّ اللهَ قد علَّمنا كيف نُسلِّمُ عليكم؟ قال:

{قولوا: اللهمَّ صلِّ على محمدٍ وعلى آلِ محمدٍ، كما صلَّيتَ على إبراهيمَ، وعلى آلِ إبراهيمَ، إنكَ حميدٌ مجيدٌ، اللهمَّ بارِكْ على محمدٍ وعلى آلِ محمدٍ، كما باركتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ، إنكَ حميدٌ مجيدٌ}.

ومعنى اسم الحميد:

قال الخطابي: الحميد هو المحمود الذي استحق الحمد بأفعاله، وهو الذي يُحَمِّدُ في السراء والضراء، وفي الشدة والرخاء، لأنه حكيم لا يجري في أفعاله الغلط، ولا يعترضه الخطأ فهو محمود على كل حال، 

ويقول الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى:  الحميد أي المحمود في جميع أفعاله وأقواله، وشرعه وقدره لا إله إلا هو ولا رب سواه.

قال الإمام ابن تيمية والحمد نوعان: حمدٌ على إحسانه إلى عباده، وهو من الشكر، وحمدٌ لما يستحقه هو بنفسه من صفات  كماله، وهذا الحمد لا يكون إلا على ما هو في نفسه مستحق للحمد، وإنما يستحق ذلك من هو متصف بصفات الكمال .

طالع المزيد| رشا ضاحى تكتب: رحلة مع أسماء الله الحسنى (20).. العظيم  

                    رشا ضاحى تكتب رحلة (١٧) العليم

وقد  جعل الله سبحانه وتعالى الحمد لنفسه دون غيره، ونهى أن يمدح الإنسان نفسه ، قال تعالى: ﴿فَلا تُزَكّوا أَنفُسَكُم هُوَ أَعلَمُ بِمَنِ اتَّقى﴾ (النجم:  32).

ومن أفضل الدعاء ( الحمد لله) قال النبي صلى الله عليه وسلم: “وَأَفْضَلُ الدُّعَاءِ الْحَمْدُ لِلَّهِ”.

والدُّعَاءُ عِبَارَةٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَأَنْ تَطْلُبَ مِنْهُ الْحَاجَةَ وَالْحَمْدُ يَشْمَلُهُمَا ،

فَإِنَّ مَنْ حَمِدَ اللَّهَ يَحْمَدُهُ عَلَى نِعْمَتِهِ وَالْحَمْدُ عَلَى النِّعْمَةِ طَلَبُ الْمَزِيدِ وَهُوَ رَأْسُ الشُّكْرِ ،

قَالَ تَعَالَى : (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُم ) (إبراهيم 7).

وقد اقترن اسم الحميد ببعض الأسماء الحسنى ومنها اسم الله الغني وقد ورد ذلك 10 مرات في القرآن الكريم ومنها قوله سبحانه وتعالى:

﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا أَنفِقوا مِن طَيِّباتِ ما كَسَبتُم وَمِمّا أَخرَجنا لَكُم مِنَ الأَرضِ وَلا تَيَمَّمُوا الخَبيثَ مِنهُ تُنفِقونَ وَلَستُم بِآخِذيهِ إِلّا أَن تُغمِضوا فيهِ وَاعلَموا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَميدٌ﴾ (البقرة 267 )

وجاء في معنى هذه الآية أنه سبحانه وتعالى غني عن صدقة هذا المتصدق بالرديء من المال وحميد أي أنه مستحق للحمد، فلا يليق معه أن تجعل له الرديء من صدقاتك فهذا يخالف مقتضى حمده تبارك وتعالى.

ومن أثار الإيمان باسم الله الحميد:

محبة الله محبة خالصة له سبحانه لا يُشَارِكه فيها أحد وكثرة ذكره جل وعلا بالذكر المتضمن للحمد في كل وقت وحين ، ومن الأثار أيضا الرضا، فإن العبد إذا حمد الله على العطاء وعلى السلب فقد بدأ أولى خطوات الدخول إلى جنة الرضا بقضاء الله وقدره فعطاء الله يستوجب الحمد ومنعه يستوجب الحمد، فهو سبحانه الذي يُحَمِّدُ على كل حال.

فقد كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ إذا رأى ما يُحبُّ قالَ الحمدُ للَّهِ الَّذي بنِعمتِهِ تتمُّ الصَّالحاتُ وإذا رأى ما يكرَهُ قالَ الحمدُ للَّهِ علَى كلِّ حالٍ .

واعلم أن حمد الله سبحانه وتعالى يستوجب رضاه فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (إنَّ اللهَ تعالى لَيرضى عن العبدِ أنْ يأكلَ الأكلةَ، أو يشربَ الشربةَ، فيحمدُ اللهَ عليها)

فالحمد مستوجب لغفران الذنوب وعلو المكانة عند الله وبلوغ مقام الرضا .

حتى نلتقي دمتم في رعاية الله وأمنه.

 

 

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى