ناجح إبراهيم يكتب: التحرش بالدين .. وأنياب الفيلة

كتب د. ناجح إبراهيم مقالاً بعنوان”التحرش بالدين .. وأنياب الفيلة” وتم نشره في جريدة المصري الجمعة وهذا هو نص المقال:

• هناك حالة تربص غير منطقية وغير مبررة بالمتدينين فما العيب أن تدخل صيدلية لتجد الصيدلي يقرأ القرآن ما دام لم يقصر في عمله ولم يعاملك معاملة سيئة؟.. ما العيب في ذلك؟.. القرآن ليس دستوراً لخواص المسلمين بل هو الدستور الأعلى لكل مسلم مهما كان قدره,وهو شرف المسلمين وعزهم.
• الغريب أننا ندخل الصيدليات فنرى الصيدلي يشاهد مباريات القمة أو ليفربول التي تمتد ساعتين ولا ينكر عليه أحد,ونرى الأطباء والموظفون في أماكن هامة في أوقات عملهم يفعلون ذلك لكن ذلك لم يستفز هؤلاء,ولكن يستفزه قراءة الصيدلي للقرآن وحده في وقت فراغه,مع أن أي قارئ للقرآن لن يمكث أكثر من نصف ساعة ليقرأ ورده اليومي مع أن أي مباراة لن تستغرق بحواشيها أقل من ساعتين,مشاكل مصر معروفة وليس من بينها الصيدلي الذي يقرأ القرآن.

اقرأ أيضا للكاتب:

د. ناجح إبراهيم يكتب: الحب مذهبي والرسل قدوتي

 د. ناجح إبراهيم يكتب: دموع النبي الكريم

د. ناجح إبراهيم يكتب: أيام من حياتي   

• كل من يريد الشهرة الآن يتجاوز في حق الدين وأهله,أن نهاجم الإرهابي أو من يفهم الدين فهما خاطئاَ فهذا في مصلحة الدين والوطن,أما أن نقيم الدنيا ونقعدها من أجل صيدلي يقرأ القرآن مع نفسه في صيدليته الخاصة فهذا أشبه بمن بال في بئر زمزم فلما أمسكوا به وسألوه عن سر ذلك وهو عاقل أريب قال: حتى أدخل التاريخ ولو من باب الذم.
• يا قوم رفقاً بالقوارير فإن أهل الدين الآن لا ناصر لهم ويتاجر بهم الصغير والكبير,وإذا تحدث أحدهم صاح الجميع أمسك إرهابي أمسك متطرف علي وزن ما كان يحدث أيام ثورة يناير أمسك فلول ليهيلوا التراب علي أي وطني لمجرد أنه خدم في موقع قيادي في عهد مبارك أو ما يحدث في السبعينات أمسك شيوعي.
• كثير من المصريين لا يحسنون إلا”أمسك كذا”إذا أعوزته الحجة في الدفاع عن خطئه أو حتى تبريره,وبدلاً من الاعتذار عن الخطأ يزداد المرء في غيه ويتكبر عن الرجوع إلي الحق,ناسياً أن الحق أحق أن يتبع,وأن الحق قديم,وأن التنوير والإصلاح لا يمكن أن يكون بهذه الطريقة الفجة المستنكرة,هدى الله الجميع للصواب والخير,والكلمة أمانة.
• لا شك أن أنياب الفيلة هي أكثر أعاجيبها لفتاً للأنظار كما قال الصديق الرائع د/محمد المخزنجي الذي حكي أنه بعد انتهاء الحرب الأهلية الموزمبيقية التي راح ضحيتها مليون إنسان وآلاف الأفيال التي تضاعف صيدها الجائر لبيع أنيابها وتسليح المتحاربين اكتشف أن الجيل الأول من الأفيال المولودة بعد الحرب لم يظهر لها أنياب وكأن الأفيال تعاقب من أجرموا في حقها.
• تفكرت في هذا الأمر العجيب الذي حكاه د/المخزنجي وقلت في نفسي إنه إذا نزعت الحرية من قوم فإن الأجيال التالية لهذا النزع تخرج مشوشة الفكر عديمة الرأي عقيمة الاختيار وكذلك لا تكون هناك حرية حقيقة للإنسان وهو جائع محتاج”فالجائع لا حرية له,ولا يكتب ولا يبدع,ولا يختار,وهو مشغول بسد جوع أولاده فلا يهتم بوطن ولا أمة ولا قضية ولا يشغله فكر أو رأي,الجائع لا خيار له.
• وقد قلت مرة منذ قرابة عشر سنوات لأحد الكتاب المبدعين لماذا لا تكتب فقال لي كلمة ما زالت أصداؤها ترن في أذني”الجائع لا يكتب”.
• فهذه الأفيال كأنها تعاقب هؤلاء مع نفسها,فما فائدة الأنياب والعقل والحكمة إذا كانت لن تفيدني ولن استخدمها في حياتي,بل قد تكون سبباً لصيدي أو ذبحي.
• من أعظم من جمع بين الوطنية والإسلام مصطفي كامل ومحمد فريد,ومن أفضل من جمع بين الإصلاح والتنوير والدين الصحيح محمد عبده والمراغي,وأحمد كمال أبو المجد,خالد محمد خالد.
• حكي أحدهم أنه في أحد المولات أمسك الموظفون برجل مسن يحمل خبزاً بتهمة السرقة,تبين أنه سرق علبة جبن صغيرة ثمنها عدة جنيهات انهار الرجل وبكى,حاول البعض دفع ثمن علبة الجبن ولكن موظفو الأمن أصروا علي طلب الشرطة,رغم توسلات بعض الزبائن,جاء ضابط صغير وأمين فعرف القصة فطلب منهم صرفه بعد أن قال الرجل كنت جائعاً فاخترت أرخص شيء لأكل به العيش ولكن موظفو الأمن أصروا علي المحضر فهددهم الضابط أنه يمكن أن يتهمهم باحتجازه بالقوة في المحضر,تعاطف معظم الحاضرين مع بكاء العجوز وانهياره,وخاصة بعد أن أعطاه الضابط عدة جنيهات,فوضعوا له أطعمة متعددة في شنطة كبيرة,ولكنهم فوجئوا أنه ألقي بالشنطة والخبز الذي كان معه بعد انصرافه وكأنه فضل أن يموت جوعاً ولا يذل مرة أخرى,وزهد في كل شيء حتى الطعام.
• الإبل تستطيع أن تأكل الأشواك ولا تتضرر معدتها لأن لعابها كالحامض يذيب الأشواك ويحللها وكأنه خبز وعجين فهل نستطيع أن نتحلى بالعقل والحكمة والأناة لنلعق الصبر ونحوله إلي واقع جميل ونسير علي الأشواك,ونرى من خلالها حلاوة الأجر وقرب النزول عند المحطة النهائية عند رب رحيم ودود,ولا نلقي بهذه الأشواك في طريق الآخرين,ولا نطعم الآخرين مرارة ما نطعم حتى لو كانوا يختلفون معنا.

زر الذهاب إلى الأعلى