د. ناجح إبراهيم يكتب: الإسلام .. بين الإمام الأكبر والأمير تشارلز
كتب د/ناجح إبراهيم مقالاً بعنوان”الإسلام .. بين الإمام الأكبر والأمير تشارلز”وتم نشره في جريدة الوطن وهذا هو نص المقال:
• قال الإمام الأكبر د/الطيب شيخ الأزهر في تدوينه جميلة”سعدت بلقاء الأمير تشارلز بالجامع الأزهر ووجدت فيه قائداً يتحلي بالحكمة والمسؤولية وصوتاً غربياً منصفاً في حديثه عن الإسلام والمسلمين”.
• وصدق والله الإمام/الطيب فإنني أتابع الأمير تشارلز منذ أكثر من ثلاثين عاماً وأعجب لحكمته وتريثه ومحبته للإسلام والشرق,وكلماته الرائعة في إنصاف الإسلام ونبيه الكريم.
• فلم يضبط الرجل يوماً يدعو إلي التعصب أو إقصاء الآخر أو سب العرب والمسلمين أو الهجوم عليهم.
• وكان في شبابه رمزاً للحكمة,ومن أشد المعارضين لغزو بلاده للعراق أيام توني بلير وينتقده في كل مجالسه,ويتحدث دوماً عن حل عادل للقضية الفلسطينية,والأمير درس القرآن الكريم دراسة متعمقة وتعلم اللغة العربية ودائماً يتعاطف مع قضايا العرب العادلة.
• ومن إحدى مأثرة كلمته التي ألقاها عام 2010بمناسبة مرور 25 عاماً علي تأسيس مركز الدراسات الإسلامية في جامعة أكسفورد والذي يعود الفضل في إنشائه – مع عشرات غيره في أرقي الجامعات الكبرى – إلي الملك السعودي الراحل صانع المعروف خادم الحرمين الشريفين/ فهد بن عبد العزيز والتي استمرت قرابة ساعة والتي لم يتخيل أحد أن ملك بريطانيا ورأس كنيستها القادم دستورياً يعرف عن جوهر الإسلام أكثر مما يعرفه الكثير من المسلمين وينصف الإسلام أعظم من بعض العلمانيين العرب الذين ينظرون للإسلام بعين عوراء أو يقرأون الإسلام من نعله وليس من رأسه.
• ومنها قول الأمير”جهودنا في العالم الصناعي اليوم لا تنبثق حتماً من حبنا للبحث عن الحكمة,ولكنها تتركز في الرغبة للحصول علي أكبر عائد مادي وهذه الحقيقة تتجاهل تعاليم روحيه مثل تعاليم الإسلام الذي يؤكد علي أن الجانب الحيواني من حاجتنا كبشر لا يشكل حقيقة ما نحن عليه,ومما أعرفه عن القرآن أنه يصف مراراً وتكراراً العالم الطبيعي علي أنه صناعة أنتجتها قوة توحيدية راعية,والقرآن يقدم رؤية تكاملية للكون تشمل الدين والعلم والعقل والمادة جميعاً”.
• ما أروعك أيها الأمير الحكيم,إن هذه الحقيقة البسيطة يشكك فيها بعض مفكري العرب المسلمين الذين أغرقوا في العلمانية أو أغرقتهم الشهوات والشبهات وأعمتهم عن حقائق القرآن والإسلام العظمي.
• ويقول أيضاً”إن منطق الحسابات الرقمية الكمية فقط لن يساعد حقاً في فهم العالم,ولغة العلم رغم جودتها لا تقدر وحدها علي فهم تجارب الإيمان”أو”التعامل مع قضايا الروح”.
اقرأ أيضا للكاتب:
• ويضيف الأمير تشارلز في هذه المحاضرة القيمة في أعرق جامعات بريطانيا أكسفورد”تأمل ما أحدثه هذا التصور من فارق خلال القرنين التاسع والعاشر الميلاديين خلال ما يسمي بالعصر الذهبي للإسلام والتي شهدت نمواً رائعاً للتقدم العلمي لكن كل هذا التقدم كان مبنياً علي فهم فلسفي للواقع راسخ في روحانيته ويحتوى علي احترام كامل لحرمة الطبيعة والأرض وتمثل رؤية متكاملة للعالم تعكس الحقيقة اللانهائية بأن الحياة بأسرها متجذرة في وحدانية الخالق,هذه هي شهادة الإيمان أليست كذلك,إنها شهادة كامنة في المعطيات القائمة علي التأمل في القرآن,إنه مفهوم التوحيد أو وحدة جميع الأشياء ضمن رعاية توفرها وحدة الخالق”.
• والغريب يومها أن الأمير تشارلز استخدم كلمات”الحقيقة”و”التوحيد”بلفظها العربي أثناء محاضرته الرائعة وضرب مثلاً عن أن هذه الرؤية عبرت عن نفسها لدي المفكرين المسلمين مثل ابن خلدون الذي كان يعلم بأن كل المخلوقات توحد وفق نظام مرتب ومنضبط تكون الأسباب فيه موصولة دائماً بالنتائج”.
• ويزداد تألقاً بقوله”إن الطرح السابق يعيد إلي الأذهان درجة الرقي الكامنة في المنظومة الحضارية الإسلامية حين تقدم للإنسان قواعد التعامل مع الكون من حوله وهي قواعد لا تكاد تجد مصداقاً عملياً لها في واقع المسلمين المعاصر”وكأن تشارلز يفرق بين الإسلام ومنظومته الرائعة وتنكب المسلمين اليوم للطريق وتخلفهم عن الركب.
• ثم يردف الأمير قائلاً”إن العالم الإسلامي يحوى واحدة من أعظم كنوز الحكمة المتراكمة والمعرفة الروحية الموجودة لدى البشرية وهي تشكل في نفس الوقت تراث الإسلام النبيل وهديه لا تقدر بثمن لباقي البشرية,ورغم هذا يتم استصغار تلك الحكمة الآن بسبب التوجه السائد لتبني المادية الغربية أي الشعور بأنه لكي تكون عصرياً وحداثياً فإن عليك أن تقلد الغرب”.
• ويختم كلمته بقوله”إنني أحب أن أضع أمامكم لو أمكن,تحدياً آمل أن يصل إلي ما وراء هذا الحضور اليوم ويكمن في تحفيز العلماء والشعراء والفنانين والمهندسين والحرفين المسلمين لتحديد الأفكار العامة ومعها التعاليم والتقنيات الكامنة في الإسلام والتي تشجعنا علي العمل بالانسجام مع الطبيعة وليس ضدها أو في تضارب معها”.
• الأمير تشارلز يعد من أعظم من فهم الإسلام والقرآن وقرأهما قراءة متعمقة,وقد تعرض الأمير الذي سيصبح يوماً ما ملكاً لبريطانيا بعد حديثه هذا منذ أكثر من عشر سنوات حفيظة بعض الكتاب والصحفيين البريطانيين واتهمه بعضهم أنه مسلم يخفي إسلامه والحقيقة غير ذلك,إنه يفهم ويدرك حقائق الإسلام وتآخي الأنبياء وتلاقح رسالتهم وأنهم اغترفوا جميعاً من معين واحد وعبدوا جميعاً إلها واحداً,وجاءوا جميعاً لتعبيد الناس لربهم وإقامة الحق والعدل والمساواة وإشاعة الفضيلة وتحريم القتل والزنا واللواط وتطفيف المكيال والميزان .
• تشارلز يحب مصر حباً كبيراً ويبدأ دوماً كلمته بالعربية”السلام عليكم”وقال بالعربية أيضاً معبراً عن حبه للنيل قائلاً”من يشرب من مياه النيل يعود مرة ثانية للبلاد”منوها أنه سعيد بعودته لمصر بعد 15 عاماً من الغياب.
• وقد زار الأمير وزوجته كاميلا الأزهر والكنيسة وقابلا الإمام الأكبر والبابا تواضروس”وقال”إن الأديان الثلاثة تدعونا للحفاظ علي البيئة المحيطة بنا والحفاظ عليها من أجل الأجيال القادمة”,وزار الأمير وزوجته مكتبة الإسكندرية واستقبله مديرها د/مصطفي الفقي الذي يعد من أعرف المصريين بالأمير تشارلز وتاريخه في إنصاف الإسلام.