طارق السيد متولى يكتب: يوميات زومبى (8)

من أبناء الحى أصدقاء الطفولة، صديقى سمير.

شاب وسيم من عائلة متوسطة مَزْهُوّ بنفسه إلى أقصى درجة يساعده على ذلك وسامته وأناقته الواضحتين، يتقمص دائما دور رجل مهم أو بالأحرى رجل الأمن، حيث يرتدى دائماً نظارة شمسية سوداء ويتكلم بحدة وجدية، ودائما ما يتفحص من يتحدث معه كأنه مشتبه به، لذلك فكثير من البسطاء والبائعين فى الحى الذين لا يعرفونه كانوا يعتقدون أنه يعمل فى إحدى الجهات السيادية فى حين أنه شخص عادى يعمل محاسبا فى إحدى الشركات .
فى يوم وصل به تقمص الشخصية إلى أن استوقف أحد المارة البسطاء وطلب منه إبراز تحقيق الشخصية فما كان من هذا الشخص إلا أن اعترض ورفض أن يبرز بطاقة هويته، فما كان من صديقنا إلا التمادى حتى أنه اقتاد الرجل إلى قسم الشرطة القريب من حينا.

وذهب الرجل معه بكل تحدى على اعتبار أنه رجل شرطة “تصرف جنونى من سمير” حيث أكمل الدور للنهاية ودخل القسم وهو يقتاد الرجل وطلب من الضابط المنوب فى “النوبتجية” التحقق من شخصية الرجل، فتعجب ضابط القسم من طريقة صديقنا سمير وهو يطلب منه طلب كهذا وسأله عن حيثيته ووظيفته، فلما تحقق منه تعجب أكثر فهو ليس بشرطى أو مسؤول فى أى جهة، والمفاجأة أن الرجل الذى إقتاده سمير إلى القسم أخرج تحقيق هويته لضابط القسم واتضح أنه قاضى فى إحدى المحاكم ، فرحب به ضابط القسم واعتذر له .
ووجد سمير نفسه فى مأزق كبير فقد طلب القاضى عمل محضر له لانتحاله صفة ضابط شرطة وبعد توسط ضابط القسم عفا عنه القاضى، وطلب منه ألا يفعل ذلك مرة أخرى حتى لا يتعرض للسجن.

اقرأ أيضا للكاتب:

خرج سمير من القسم بعد أن اعتذر للقاضى والضابط وكاد أن يسجن وعاد لكبريائه المعهود كأن شيئاً لم يحدث، فهو لم يستطع التخلص من تقمص شخصية الرجل المهم الغامض وإستمتاعه بتقدير غالبية البسطاء لهذه الشخصية.
صديقى سمير “زومبى” لا يدرك حقيقته ويشعر دائما أنه مسؤول كبير ويتقمص هذه الشخصية طوال الوقت.
والتقينا أنا وأصدقاء آخرون على المقهى نضحك على الموقف مع سمير بعد أن عرفنا القصة من أحد أمناء الشرطة فى القسم الذى كان يتردد على المقهى وسمير يضحك، ويقول لا اعرف كيف فعلت هذا ؟
كان يجلس معنا “زومبى” أخر هو الدكتور صقر صاحب الصيدلية الذى يحمل معه دائما اثنين من الهواتف المحمولة هاتف للبيت وأخر يخفيه عن زوجته ويتركه دائما مع عامل المقهى عندما يغادر إلى المنزل، ويعود ليأخذه منه فى الصباح عندما يخرج من البيت وهو لا يعلم أن عامل المقهى يقوم بفتح تليفونه والاطلاع على ما فيه حتى أنه أخبر تقريبا جميع رواد المقهى أنه وجد على هاتف الدكتور صور ومقاطع إباحية، وأنه (عامل المقهى) تلقى أيضا اتصالا فى وقت متأخر من الليل من فتاة تسأل عن الدكتور.
بعد فترة انتشر حديث عامل المقهى عن تليفون الدكتور صقر حتى وصل إلى الدكتور ذاته فحدثت مشادة كبيرة بينه وبين العامل، ونحن فى حيرة لا نعرف على من نلقى باللوم على الدكتور أم عامل المقهى؟!..
وطلب عامل المقهى من الدكتور أمام الجميع ألا يترك معه شيئاً، وألا يتعامل معه، وخشى الدكتور صقر أن يصل الأمر إلى منزله القريب من المقهى فأكتفى باللوم على عامل المقهى وانتهى الأمر بسلام .

.. والآن ليس أفضل من العودة إلى المنزل، للنوم والراحة وعدم التفكير ومحاولة تفسير تصرفات هؤلاء الـ “زومبى” من البشر.
وإلى لقاء فى يوم جديد من يوميات زومبى.

زر الذهاب إلى الأعلى