طارق السيد متولى يكتب: يوميات زومبى (9)

لم يعد لدى أمل فى أن أحصل على قسط متواصل من النوم فى هذه المدينة التى يفتخرون بأنها المدينة التى لا تنام ولا يعرفون أن هذا يؤثر على المزاج العام للناس ويجعلهم أكثر عصبية وتوتر وعرضة للأمراض.
لهذا تجد الناس فى الشارع يثورون من أقل حدث أو فعل وينظرون إلى بعضهم البعض بغضب وحنق طوال الوقت دون أى أسباب.
وهذا واضح جدا بين قائدى السيارات الذين يتبادلون الشتائم والسباب طوال الوقت حتى ولو فى سرهم نحن نعيش فى توتر دائم وإنفعال ينهك الأعصاب بسبب قلة النوم والهدوء ‘ فمن أين ياتى الهدوء فى مدينة لا تنام ؟

فى المكتب طلبنى المدير ليسألنى عما إذا كان لدينا إستشارى عقارات فى الشركة ؟!.

تعجبت من السؤال ولم افهم ما يقصده، فوضع أمامى بطاقة تعريف شخصى ( كارت شخصى) مكتوب فيها خالد محسن استشارى التطوير العقارى، استغربت أكثر، وسألت متشككا: خالد محسن مشرف مواقع البناء؟!.. فأجاب: نعم، ثم عقب قائلا : متى أصبح استشاريا هذا الـ… ونعته بكلمة سيئة .

وعرفت منه أن أحد العملاء أتى إلى الشركة يريد مقابلة خالد إستشارى التطوير العقارى وأظهر بطاقة التعريف التى حصل عليها من خالد .
ثم طلب منى أن اتصل بسيادة الإستشارى وأطلب منه الحضور فورا .
وعندما حضر خالد المشرف أعطاه السيد المدير الكارت وقال له ما هذا ؟!.. فأجاب خالد هذا كارت شخصى فقال له هل تعرف معنى كلمة استشارى فصمت خالد ولم يجب فقال له : استشارى يا استاذ تعنى أن لديك دكتوراه فى هندسة البناء وخبرة طويلة وأعمال قمت بتصميمها وقصة طويلة وحضرتك حسب علمى خريج معهد فنى صناعى ومشرف و…….

وفى الاخير وبخه وطلب منه عدم إستخدام هذا المسمى مرة أخرى.
الحقيقة ليس خالدا وحده هو الذى فعل ذلك فكثير من موظفين الشركة يحملون بطاقات تعريف شخصية تحمل
وظيفة استشارى، وخبير، ونائب مدير الشركة، فكل موظف يطبع الكارت الشخصى الخاص به ويكتب فيه الوظيفة التى يحبها ويتباهى بها أمام المجتمع.
اكتشفت أن هذا الأمر منتشر ليس فقط فى الشركة بل فى مصر كلها الناس تحب الألقاب بشدة
وتسعى للحصول عليها
ربما هذا الأمر له جذور فى التاريخ فمنذ عهد الفراعنة والمصريين يحبون الألقاب ويبالغون فى وصف أنفسهم بها حتى أن الملك فى مصر القديمة كانت له من الألقاب ما يملأ صفحات ولم يقتصر هذا على الملك فقط بل كان كبار الموظفين وعامة الشعب أيضا يبحثون عن الألقاب التى تميزهم عن غيرهم فلك أن تتخيل ألقاب كانت تستخدم فى هذا العصر الكاهن الأعظم وحامل الختم الملكى وحامل النعل الملكى والسيد والنبيل والمحسن والمخلص غيرها الكثير.
فى جميع العصور تقريبا كانت الألقاب والمسميات من الأشياء المحببة لنفوس المصريين عموما.
ونذكر هنا بالطبع ايام الملكية عندما كان يدفع الأغنياء المال الكثير للحصول على لقب بك أو باشا وهى القاب مستمرة إلى يومنا هذا لكن بطريقة غير رسمية ومجانية.

اقرأ أيضا للكاتب:

أصبح لقب زميلنا خالد محسن فى الشركة على سبيل السخرية والضحك خالد الإستشارى حتى أنه أصبح يكره اللقب ويكره نفسه ويكره الشركة.

نحن شعب يحب السخرية من كل شىء حتى من أنفسنا ونقابل كل حدث صغر أم كبر بسخرية ولا نعبأ بمشاعر الآخرين حتى أنه فى أفلامنا ومسارحنا لابد أن تجد نموذج الفتاة السمينة والشاب النحيف والمرأة الدميمة والرجل الضخم والطويل والقصير لنصنع من خلالهم الكوميديا الساخرة ونضحك عليها وهو أمر غاية فى السوء والتخلف.
فى المساء وانا جالس فى المنزل اشاهد التليفزيون تلقيت مكالمة تليفونية من فتاة قالت لى : ازيك يا دكتور
قلت لها : النمرة غلط حضرتك
قالت لى : يا سلام هو انا مش عارفة صوتك هاتنكر نفسك منى .
قلت لها : حضرتك طالبه مين .
قالت : للدرجة دى مش عايز تتكلم معايا .
فشلت كل محاولات إقناعها بأننى ليس الشخص المقصود فأغلقت الهاتف .
وقلت فى نفسى : هو انا ناقص زومبى فى التليفون كمان …

نكمل فى يوم اخر من يوميات زومبى
فإلى اللقاء .

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى