رشا ضاحى تكتب: رحلة مع أسماء الله الحسنى.. (30) القدوس

تتواصل رحلتنا مع أسماء الله الحسنى ونتحدث اليوم عن اسم من أسماء الجلال لله عز وجل هو اسم القدوس

ورد اسم الله القدوس في القرآن الكريم مرتين مقترنًا في كليهما باسم الله “الملك”، الأولى في سورة الحشر وهي قوله تعالى: ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذي لا إِلهَ إِلّا هُوَ المَلِكُ القُدّوسُ السَّلامُ المُؤمِنُ المُهَيمِنُ العَزيزُ الجَبّارُ المُتَكَبِّرُ سُبحانَ اللَّهِ عَمّا يُشرِكونَ﴾ (الحشر:  23)

والثانية في سورة الجمعة وهي قوله تعالى: ﴿يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الأَرضِ المَلِكِ القُدّوسِ العَزيزِ الحَكيمِ﴾ (الجمعة: 1)

وقد ورد هذا الاسم الجليل في السٌنة النبوية: فعن أبى بن كعب قَالَ :  ( كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْوِتْرِ بِسَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وَقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فَإِذَا سَلَّمَ قَالَ سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ)

وفي صحيح مسلم عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها  أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ( سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ)

ومعنى تقدّس في اللغة يعني تطهر، ومنها التقديس أي التطهير.

والقدس تعني الطهر ومنها سميت الجنة حظيرة القدس وسمي جبريل روح القدس.

أما المعنى في حق الله جل جلاله فهو ،القدوس المطهر المعظم فهو الطاهر المنزه عن العيوب والنقائص.

قال الغزالي : هو المنزه عن كل وصف يدركه حس أو يتصوره خيال أو يسبق إليه وهم .

وقَال ابن القيم َ القدوس: المنزه من كل شر ونقص وعيب، كما قَالَ أهل التفسير : هو الطاهر من كل عيبَّ المنزه عما لا يليق به .

وفي القرآن جاء على لسان الملائكة قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَنَحنُ نُسَبِّحُ بِحَمدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنّي أَعلَمُ ما لا تَعلَمونَ﴾ (البقرة: 30)

ومعنى نقدس لك أي نطهر أنفسنا لطاعتك وعبادتك، وهي مهمة الإنسان أيضا أن يطهر نفسه إبتغاء طاعة الله وعبادته على الوجه اللائق به سبحانه وتعالى.

وقد جاء اسمه القدوس مقروناً باسمه الملك وصفاً له بالكمال المقدس ذاتاً وأسماءً وصفات وأفعالا، فهو وحْده الفعال لما يريد، وهو الملك القدوس فلا يظلم مثقَالَ ذرة، ورسالاته وشرائعه وأمره ونهيه وأحكامه وجزاؤه وثوابه وعقابه كل ذلك على القداسة ، فلا عيب ولا شر ولا ظلم.

ومن ثمرات الإيمان بهذا الاسم الجليل إحسان الظن بالله تعالى فكيف لنا وقد علمنا أن من أسماء الله، القدوس أن نسيء فيه عز وجل الظن، وهو المنزه عن كل ما يظن الخلق من النقائص والعيوب والأخطاء، وقد تعلمنا من القرآن أن ظن السوء بالله من صفات المنافقين والمشركين.

 قال سبحانه وتعالى: ﴿وَيُعَذِّبَ المُنافِقينَ وَالمُنافِقاتِ وَالمُشرِكينَ وَالمُشرِكاتِ الظّانّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوءِ عَلَيهِم دائِرَةُ السَّوءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيهِم وَلَعَنَهُم وَأَعَدَّ لَهُم جَهَنَّمَ وَساءَت مَصيرًا﴾ (الفتح: 6)

ومن الآثار أيضا قيام العبد بحق الله تعالى من التمجيد والتقديس والتعظيم، فالله تعالى هو المستحق لذلك،  لأنه المتصف بصفات الكمال والجمال والجلال، أما المخلوق فلا يستحق ذلك لأنه ضعيف وناقص وعاجز، ومن الغفلة أن ينشغل الإنسان بتمجيد إنسان مثله ليلَ نهار، فكم من مخلوق بالَغَ في تعظيم وتمجيد مخلوق مثله، وغفل عمن هو مستحق لذلك، وهو الله القدّوس جلّ جلاله.

وحتى نلتقي دمتم في رعاية الله وأمنه

اقرأ ايضا للكاتبة:

 

زر الذهاب إلى الأعلى