لواء د. سمير فرج يشرح ويحلل: (1 من 2) حرب أكتوبر 73 بعد 49 عاماً

كتب: عاطف عبد الغنى ومنال قاسم

فى هذا الحديث يشرح، اللواء د. سمير فرج، المحلل العسكرى والخبير الاستيراتيجى، لـ “بيان” قبسا مما قدمه نصر أكتوبر العظيم فى ذكراه الـ 49، وكيف غيرت حرب 73 أو حرب عيد الغفران، لبعض النظريات العسكرية لحلف الناتو، وكذلك يوضح فى الجزء الثانى من الحوار أحدث المواقف على جبهة القتال فى الحرب الروسية – الأوكرانية، الدائرة فى منطقة “أوروسيا”، والتى تأثر العالم كله جراء اندلاعها.

يقول المفكر والمحلل الاستيراتيجى: مرت الأيام والسنين على أعظم انتصار للشعب المصري وجيشه العظيم في حرب أكتوبر 73، واليوم، ونحن اليوم وبعد 49 عاماً على هذه الحرب المجيدة، نتذكر ماذا قدمت هذه الحرب لمصر وشعبها العظيم، وماذا قدمت للفكر العسكري العالمي.

وبضيف: والحقيقة أنه رغم مرور كل هذه السنوات، فأن العديد من مراكز الدراسات الاستراتيجية في العالم ما زالت توضح كل عام في إصداراتها تأثيرات هذه الحرب على مفاهيم القتال الحديثة. رغم ما يمر به العالم حالياً من أحداث الحرب الروسية الأوكرانية، والتي ينتظر الجميع أن تخرج لنا بفكر علمي عسكري جديد.

كتاب التوازن العسكري

واسترشد في البداية بأهم الإصدارات التي تناولت تحليل هذه الحرب هو إصدار Military Balance وهو كتاب التوازن العسكري الذي يصدر سنوياً من معهد الدراسات الاستراتيجية في لندن International Institute for strategic studies “IISS” وهذا الإصدار الذي يعتبر من أهم الإصدارات العالمية التي يعتمد عليها كل المفكرين والمحللين السياسيين والعسكريين في العالم وهو يصدر سنوياً في بداية كل عام لذلك جاء إصدار يناير 1972 قبل الحرب ليحدد حجم القوات الإسرائيلية والقوات المصرية والسورية والأردنية والعراقية.

وذكر الكتاب في نهاية تعليقه حول حجم القوات الإسرائيلية والعربية أنه إذ ما فكر العرب في القيام بأي عمليات تجاه إسرائيل لاستعادة الأرض التي فقدها عام 67 فإن مصيرهم هزيمة جديدة وستكون كارثة عليهم جميعاً لأن حجم القوات الإسرائيلية تفوق حجم القوات العربية كان ذلك هو خلاصة ما قدمه هذا الكتاب في نهاية فصل القوات العسكرية في منطقة الشرق الأوسط.

ونجح المصريون فى اقتحام بارليف

وجاء شهر أكتوبر 73 واقتحمت القوات المصرية قناة السويس وحقق الجيش المصري المفاجأة واقتحم خط بارليف أقوي الخطوط الدفاعية عبر التاريخ العسكري مع خط ماجينو الذي بناه الفرنسيين أمام الجيش الألماني الذي التف حوله من غابات الأردين في بلجيكا ولم يقتحمه لكن المصريون هاجموا خط بارليف ونجحوا في تدميره ووصلوا إلي عمق 13-15 كم شرق قناة السويس.

منظر عام لجزء من خط بارليف

نقطة حصينة فى خط بارليف تم اقتحامها من المصريين
نقطة حصينة فى خط بارليف تم اقتحامها من المصريين

وجاء موعد إصدار العدد الجديد في بداية عام 74 ووجد مركز الدراسات الاستراتيجية في لندن في حيرة لأن كل تقديراته التي أصدرها في تقريره السنوي في السابق مع بداية عام 73 كانت خاطئة.. وتأخر التقرير السنوي لمركز الدراسات الاستراتيجية في لندن 6 أشهر لكي يحلل لماذا أخطأ في تقريره السابق عام 73 .

وجاء التقرير الجديد لعام 74 ليقول إن المصريين غيروا مفاهيم مقارنة القوات الذي لم يعد يحسب علي أساس حجم القوات وعدد الدبابات والمدافع والطائرات هي الأساس في حساب القدرة العسكرية للدولة أي أن نظام Apple to Apple وهو مصطلح أوروبي يعني دبابة أمام دبابة ومدفع أمام مدفع لم يعد هو الأساس لأن المصريين أضافوا في تلك الحرب عناصر جديدة لتقييم القوة العسكرية، أولها الروح المعنوية فلقد كانت الروح المعنوية للمصريين في هذه الحرب عظيمة تفوق الروح المعنوية للجيش الإسرائيلي حيث أن المصريين انتظروا ست سنوات حتي هذا اليوم.

الرغبة فى القتال

وينوه “فرج” إلى أن هذه الحرب أظهرت كذلك عاملاً جديداً هو الرغبة في القتال فلقد كان هدف المصريين هو استعادة أرضهم وكرامتهم التي فقدوها في عام 67 أما الإسرائيليين فلقد كان هدفهم الاحتفاظ بأرض اكتسبوها في الحرب السابقة وليس الدفاع عن أرضهم.

رفع العام المصرى على الضفة الشرقية للقناة
رفع العام المصرى على الضفة الشرقية للقناة
إنشاء رؤوس كبارى وشق الساتر الترابى، على الضفة الشرقية للقناة
إنشاء رؤوس كبارى وشق الساتر الترابى، على الضفة الشرقية للقناة

ويواصل “فرج” كذلك أظهرت هذه الحرب أن المصريين لم يهتموا بالحجم الأكبر لأسلحة قوات جيش الدفاع الإسرائيلي بل ابتكروا أساليب جديدة مثل المدافع المائية للتغلب علي الساتر الترابي لخط بارليف كذلك ابتدعوا فكرة حائط الصواريخ للتغلب علي قوة سلاح الجو الإسرائيلي الذي خرج من المعركة مع بداية عبور القوات لقناة السويس وبالتالي غير هذا المفهوم المصري في فكر الدفاع الجوي علي مستوي الفكر العسكري العالمي أنه يمكن لدولة ليس لديها حجم أكبر من الطائرات أن تنجح في تحييد القوات الجوية المعادية بفكر حائط الصواريخ.

مفاجأة أسلوب الدفاع المتحرك Mobile Defence

ويؤكد المفكر الاستيراتيجى كذلك كان نجاح القوات المصرية في الهجوم علي واجهة دفاعات خط بارليف الإسرائيلية بالكامل التي كانت تتبع أسلوب الدفاع المتحرك Mobile Defence مفاجأة جديدة للإسرائيليين حيث أن نظام الدفاع المتحرك يعتمد علي اختراق من اتجاه محدد واحد يندفع بعده الاحتياطي الإسرائيلي ليدمر هذا العدو الذي نجح في الاختراق لكن كان اختراق القوات المصرية للدفاعات الإسرائيلية علي المواجهة بالكامل قد وضع القوات الإسرائيلية في مأزق أين يتم دفع الاحتياطي وبالتالي ظهر للجميع أن نظام الدفاع المتحرك الذي تتخذه العقيدة العسكرية الغربية لكل دول حلف الناتو لم يعد صالحاً بعد هجوم المصريين في حرب 73 لذلك بدأت وزارة الدفاع الأمريكية في تعديل فكر الدفاع المتحرك في العقيدة الغربية حيث خصصت لهذا الأمر لجنة الأبحاث والدراسات الاستراتيجية في البنتاجون لتخرج للجمع عام 76 بالشكل الجديد المتطور للدفاع المتحرك ليصبح اسمه Active Defence أي الدفاع النشط وهو الصورة المطورة للدفاع المتحرك لتعمل به كل القوات المقاتلة في حلف شمال الاطلنطي.

وينوه أنه جاء فى بداية المحاضرة عن شكل الدفاع الجديد أن تطوير الدفاع المتحرك جاء من خيرة قتال حرب 73 أو حرب عيد الغفران حيث نجح المصريين في إبطال فاعلية الدفاع المتحرك وجاء الدفاع النشط ليقسم الاحتياطيات ف العمق الي عدة احتياطيات لمواجهة الاختراقات المتعددة علي طول المواجهة.

وهكذا، وفي هذه الأيام، والعالم يتابع الحرب الروسية الأوكرانية، ورغم أنها تتم بين روسيا، الدولة العسكرية الثانية في التصنيف العالمي، وأوكرانيا، الدولة الثانية والعشرين، ورغم مرور سبعة أشهر على هذه الحرب؛ إلا أن جميع التقارير التي صدرت أفادت أنها لم تقدم الجديد في الفكر العلمي العسكري للعالم سوى الضربة الصاروخية الجديدة التي قدمتها روسيا في هذه الحرب، وحجم الأنواع من الصواريخ البالستية الروسية الجديدة، التي دخلت في الترسانة العسكرية الروسية.

الأسلحة التقليدية

أما الأسلحة التقليدية، مثل الدبابات، والمدفعية، والمشاة الميكانيكية؛ فلم يكن لها دور مؤثر في تلك الحرب. وحتى استخدام الطائرات الدرونز، المسيرة بدون طيار، والتي كان العالم ينتظر أن يكون لها تأثير كبير في هذه الحرب؛ فلم يكن لها استخدام مؤثر من الجانب الروسي. وحتى الجانب الأوكراني كان يستخدم الطائرات التركية البيرقدار، والتي ظهر أنها لم تكن ذلت تأثير مباشر في هذه الحرب.

لذلك كان الجميع يعتقد أن العالم سوف يخرج بالكثير والكثير مثل حرب أكتوبر 73، ولكن هذا لم يحدث. ومن هنا تظهر عظمة المقاتل المصري العظيم، الذي قدم العديد من الأفكار والمفاهيم العلمية العسكرية للفكر العسكري.

وينهى اللواء الدكتور سمير فرج هذا الجزء من الحوار بقوله: لذلك ستظل حرب أكتوبر 73 أعظم الحروب العسكرية في العصر الحديث، وبفضل هذا الجندي المصري، الذي هو من خير أجناد الأرض.

وللحديث بقية فانتظرونا:

اقرا ايضا:

  • قصة أصغر ضابط فى غرفة العمليات.. الرائد سمير فرج | شاهد

  • لواء دكتور/ سمير فرج يكتب: أكاديمية ناصر العسكرية العليا

زر الذهاب إلى الأعلى