أسماء خليل تكتب: القلب بين المَلِك والجنود
أذْنَبَ رجل يومًا ثم ارتحلَ إلى أقصى بقاع الأرض حاملًا معه ذنبه، حاول التخلص منه بالتنزه؛ لكن لا جدوى.. ثم حاول مرة أخرى بتسلق أعلى قمة جبل، ولكن أيضًا دون جدوى، فصعد وهبط وغدا وراح ومازال الحال كما هو..
ثم قالت امرأة في نفسها سأذهب إلى الحج بعدما ثقلت عليَّ ذنوبي، ثم أعود مرة أخرى لِمَا كنتُ عليه وبذلك سأكون قد تخلصت من تلك الآثام، ذهبت وطافت بجسدٍ يحاول الخروج من عنق الزجاجة، ولكنه لم يستطع.. عادت.. كما هي.. بذنوبها وآثامها..
إنه القلب.. الملك.. ومن أراد التَّطهُر من آثار ذنبه ومازال داخله ذنبه، وما برح متمسكًا ببعضها، فكأنما يُطلق جنوده في كل مكان يذهبون للحرب دونما قائد.. دونما ملك.. فالقلبُ مَلِكٌ والأعضاءُ جنوده، فإنْ طاب الملِكُ طابتْ جنودُه، وإذا خبث الملكُ خبثتْ جنوده..
حينما تريد الصلاح فلا مفر من صلاح القلب، إنه المضغة المُرتبطة بسائر الأعضاء، إذا صلُحت صلُح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله،، فكيف يتصور البعض أن يرتكب ذنب ولا يترك ذلك أثره على باقي حياته؟!..
لاحظتُ بعضًا من الناس يؤمنون بنقيض ذلك المبدأ؛ فتُراهم يرتكبون بعض الذنوب ثم يحاولون ممارسة حياتهم بشكل طبيعي وينامون ويسترخون ولا يتضرمون، والأكثر أنهم يُصلُّون ويصومون ويقولون “لا تزرُ وازرة وزر أخرى”.. نعم لا ينبغي للمرء أن يتوقف عن العبادة حتى وإن كان مُذنبًا.. ولكن.. هل تستقيم الحياة؟!..
كيف يحاول زوج ممارسة الشعائر الدينية وبر أبويه ورعاية أبنائه، وهو على علاقة غير شرعية بامرأة أجنبية غريبة عنه ربما تصل للتلامس الجسدي وتبادل كلمات الغزل.. أين الله من قلبه؟!.. إن الله لا شريك له في قلب المؤمن..
كيف تسرق ثم في نفس الساعة تصلي.. كيف تزني ليلا ثم تصوم نهارًا.. كيف تأكل لحم أخيك حيًّا ثم تطلق لسانك بالذكر في نفس اللحظة.. لمن لا يعرفون الله.. “شرط التوبة الإقلاع عن الذنب”.. لا تستقيم الحياة بالجنود دون مَلِك.. هم يسيرون في طريقهم بلا جدوى..
حاول تهذيب نفسك، فحينما تترك شيئا في نفسك يتغلل أثره داخل قلبك.. والقلبُ محل النية.. والنية أساس صلاح كل الأعمال.. قم من الآن.. بل اركض ركضًا لتصلح ما فسد داخل نفسك،، ولم أجد أجمل داخل ذهني أجمل من تلك الكلمات المعبرة،،
وَالنَّفْسُ كَالطِّفْلِ إِنْ تُهْمِلْهُ شَبَّ عَلَى…… حُبِّ الرَّضَاعِ وَإِنْ تَفْطِمْهُ يَنْفَطِمِ
فَاصْرِفْ هَوَاهَا وَحَاذِرْ أَنْ تُوَلِّيَهُ…….. إِنَّ الهَوَى مَا تَوَلَّى يُصْمِ أَوْ يَصِمِ