أسماء خليل تكتب: بني قريش 2022

بينما كان كبار قبيلة “قريش” مُتراصين أمام بيت محمد – صلى الله عليه وسلم – لقتله، إذ أعطوا درسًا للعالم دونما الالتحاق بفصول أو مدارس.

وتلك القبيلة التي كانت واحدة من مجموعات القبائل الكافرة، التي لا تدين بأى مذهب ولا تعرف من الطقوس الدينية سوي بعض التمتمات التي يتوسلون بها للحجارة، منعهم ما يتحلون به من النخوة والشهامة التي اتصف بها العرب آنذاك، من اقتحام بيت النبي – صلى الله عليه وسلم – بل ظلوا واقفين أمام البيت حتى يستيقظ لصلاة الفجر.

كفار..لا يعرفون الله.. يريدون قتل رسول! .. ولكنهم يُراعون ما وجدوا عليه آباءهم وأجدادهم من قيم وأخلاق.. إنهم لم يستطيعوا نسيان قيمهم باقتحام البيوت وأهلها ونسائها داخلها، هل إذا عاشت قريش وسطنا الآن في تلك الآونة بالعام 2022 هل ستسلك نفس المسلك؟!.. هل سيدقون أبواب الناس مرة واثنتان وثلاثة.. وإلم يجدوا أهلها أو تأكدوا أنهم بالداخل ولا يريدون أن يفتحوا لهم لظروف، هل سيزيدون من الطرق والإلحاح،،

قد تتعجب حقًا ممن يدق عليك بابك، وأنت لست مؤهلًا نفسيا أو صحيا لأن تفتح، فلا تفتح!.. فتُراهُ يعاود اقتحام خصوصيتك مُصرًا على أن يقابلك والأهم صالحه، رغم أن الرسول- صلى الله عليه وسلم-قال ثلاث وإلا فارجع.. إنهم يقرعون الأبواب خمسا بل عشرات المرات، ويا لتعاستكِ إلم تستقبل أحدهم!..

إنها الأخلاق الفطرية التي جبل عليها البشر ويتناسها بعضهم.. ستجد مَن يتحين وقت وقوفك بنافذتك تستنشق مزيدًا من عبير الصباح، فيظل يضايقكَ وينهال عليك بالأسئلة في كل مجالات الحياة وإذا حان وقت ما أهمَّهُ سينصرف، بعدما قد يكون بدَّد خلوتك..

مَن يزورك دون إذن مُسبق ويظل بضيافتكَ طيلة اليوم وبشكل متكرر، ربما يكن قريبًا لك من بعيد أو من قريب، ضاربًا عرض الحائط بخصوصيتك ومشاغلك ويريد منك التفرغ له فقط له ولمن معه، لا يعنيه هل أنجزت اعمالكَ أم لا!.. وربما حين انصرافه تظل أيامًا لتعوض ما فاتك من وقتٍ مُهدر..

ستجد إخوانًا لك، و لكنهم لا يعلمون شيئًا عن أخلاق عرب قريش، فستجد مَن يُعكر صفو مزاجكَ، ويستبدل فرحك حزنا، وينقل لك بعض الأحاديث المنسوب إليك، مجرد وشاية ليرضي أحقاده الدفينة، لا يُقارن فعلته بمدى الجراح الذي يُخلِّفَهُ داخل قلبكَ، حينما تعلم أن بعض ممن حولك يُضمرون لك كل ذلك البُغض..ويا للعالم الافتراضي وما يُوَّلِدَهُ من مشكلات واقعية، ففي كل وسائل التواصل توجد إشارة تدل على أنك مُتصل الآن، فيقوم مَنْ حولكَ باقتحام ذلك الوجود حتى إلَّم تكن متواجدًا لفراغ تقضيه أو ترفيه تروح به عن نفسكَ.. مَن يُرسل إليك الرسائل ينتظر الرد في التَّوِّ وللحظة، وآهٍ إلَّم ترد!!.. لا معنى لدى أولئك الناس أنك ربما تكن متواجدًا لعمل تقوم به، أو تهنئة أو مواساة لأحد المقربين حسبةً لله، أو أنك تبحث عن معلومات حول شيءٍ تجهله، أو حتى من باب الترفيه بعد إنهاك العمل..

لم تعد تلك الوسائل من باب التواصل الاجتماعي، بل باتت أيضًا وسائل التلصص.. التجسس.. لا للخصوصية،،
حينما أرادت قريش التي بلا دين قتل الرسول لم ترد وأد خصوصيته، وقد تجد مسلم – في تلك الآونة-يسير بالطرقات فاتحًا كاميرا الجهاز الخاص به؛ ليتحين أخطاء وهفوات البشر – التي يغفرها الله- ليصورها!..

إنهم يُحاسبون الأشخاص على “اللمم” الذي يغفرهُ الله، بإظهاره إلى العالم وفضح الشخص دون مُرعاة لأي خصوصية، إنهم يُساهمون في تأخر البشرية، فمن تعثَّر في السر، حاول أن يقوم في العلن، فالمرء لا يحب أن يبدو ضعيفًا أمام العالم، ولكنهم يرتكزون على نقاط الضعف والهفوات لدى غيرهم فيدمرونهُ ويعرقلونهْ وهو في الرحلة إلى الوصول!..
يوجد بيننا الكثير من أهل قريش، ولكن ليست المُفاضلة بسبب أخلاقهم الفطرية العربية الأصيلة، بل لكونهم أفرادًا لا يعبؤون إذا قتلوا رسول!.

اقرأ أيضا للكاتبة:

زر الذهاب إلى الأعلى