د. محمد ابراهيم بسيوني يكتب: التشجير والمسطحات الخضراء وزراعة 10 أشجار لأجل التخرج
تعد مشروعات التشجير وزيادة المسطحات الخضراء من أهم المشروعات التي يجب ان توليها الوزارة عناية ورعاية خاصة حيث أن إقامة هذه المشروعات تعمل على تحسين نوعية الهواء وتقليل معدلات التلوث والأتربة العالقة بالهواء. والارتقاء بجودة الهواء بما يساعد على تحسين مستوى الصحة العامة للمواطنين.
عالميّاً أكدت إحدى الدراسات، التى أعدتها منظمة الحفاظ على الطبيعة، والمعروفة اختصاراً باسم (TNC)، ومقرها الولايات المتحدة الأمريكية، أن معدل تخفيض جسيمات التلوث، بالقرب من شجرة يتراوح مابين 7 ــ 24 %، وانخفاض درجة الحرارة يصل إلى درجتين مئويتين، وجسيمات التلوث المعروفة بـ (PM)، هي جسيمات ميكروسكوبية، تعلق في رئات الأشخاص، الذين يتنفسون الهواء الملوث.
ويمكن أن يتسبب التلوث، الناتج عن تلك الجسيمات، في وفاة حوالى 6.2 مليون شخص سنويا حول العالم، بحلول عام 2050، حسب ما أشارت إليه الدراسة.
وقال روب مكدونالد، المشرف على الدراسة، إن أشجار المدن، تجلب بالفعل العديد من الفوائد، للأشخاص الذين يعيشون في المناطق الحضرية، مضيفا إن دراسة فوائد الأشجار في 245 مدينة حول العالم، أظهرت انخفاض تكلفة الأشجار، مقارنة بالوسائل الأخرى في تبريد وتنظيف الهواء.
قال – أيصا – مكدونالد إن الأشجار تتمتع بميزة كبيرة، من ناحية التكلفة، مقارنة بالوسائل الأخرى، غير أن المُحزن، والذى أشارت إليه الدراسة، أن معظم المدن، التي شملتها الدراسة، أصبحت تفقد الأشجار، ولا تكتسب المزيد منها، بالزراعة أو غرس الجديد، ووفقاً لتقارير منظمة الصحة العالمية، فإن حوالى 90 % من سكان المدن حول العالم، عام 2020 تعرضوا لجسيمات عالقة في الرئتين، تزيد عن معدلات المنظمة لجودة الهواء.
في الفلبين أقر مجلس الشيوخ قانونا جديدا صدر أخيرا يفرض على كل طالب زراعة عشر أشجار من أجل التخرج. ويستهدف هذا البرنامج زراعة نحو 525 مليار شجرة من قبل جيل واحد من الطلاب.
ويشجع “قانون ميراث التخرج من أجل البيئة” الذي دافع عنه احد أعضاء مجلس الشيوخ على التعاون بين الأجيال وتقاسم المسؤولية عن مستقبل البيئة. ويخاطب القانون 12 مليون خريج من المدارس الابتدائية وخمسة ملايين من خريجي المدارس الثانوية ونصف مليون من خريجي الجامعات كل عام.
وقال “بينما ندرك حق الشباب في العيش في بيئة متوازنة وصحية، لا نرى سببا يمنعهم من المساهمة في ذلك من أجل ضمان تحويل هذه البيئة المرجوة إلى واقع حقيقي”.
وسوف تساعد المؤسسات غير الربحية المحلية على تنفيذ هذا القانون الجديد من خلال اختيار أنواع الأشجار الأصلية وتحديد أنسب المواقع لزراعتها. ووفقا للقانون لن تتم زراعة الأشجار إلا في غابات المانجروف والغابات القائمة والمناطق المحمية والمناطق العسكرية ومواقع التعدين المهجورة والمناطق الحضرية. كما ستنشئ المؤسسات غير الربحية مشاتل زراعية لضمان قدرة مخزون الأشجار على مواكبة الزيادة السنوية في الطلب.
ومن المعروف أن الفلبين من الدول التي تعاني أعمالا مكثفة لإزالة الغابات، حيث تمت إزالة ما يقرب من 25 مليون فدان من الغطاء الشجري خلال 50 عاما فقط بين عامي 1938 و1988، وكان ذلك في المقام الأول في إطار صناعة قطع الأشجار.
وطوال القرن الـ20 بأكمله انخفض الغطاء الشجري في الفلبين من 70 في المائة من الأراضي إلى 20 في المائة فقط. ومن دون الأشجار اللازمة لتحقيق الاستقرار الأرضي والساحلي تصبح المجتمعات المحلية والمناطق الحضرية معرضة لمخاطر الفيضانات والانهيارات الأرضية.
ويثق عضو الكونجرس بأنه حتى إذا نجت 10 في المائة فقط من الأشجار، فإن الزراعة واسعة النطاق ستؤدي إلى إضافة 525 مليون شجرة جديدة على الأقل. علاوة على ذلك سيتعلم الطلاب درسا قيما يتمثل في أنهم يجب أن يشكلوا جزءا من حلول حماية البيئة من أجل مستقبلهم ومستقبل أطفالهم.
وتشير دراسة جديدة إلى أن زراعة الأشجار ليست مجرد نشاط تطوعي مبهج، بل إنها قد تكون في الواقع أرخص وأكفأ أداة لمكافحة الاحتباس الحراري الذي يحاصر كوكبنا. وفي حين دأب دعاة حماية البيئة على تشجيع زراعة الأشجار لعقود من الزمن فقد كان هناك تناقض في المعلومات حول مدى وفاء الدول بالتزاماتها في مجال إعادة زراعة الغابات ومقدار ما يحدثونه بالفعل من فارق.
ولذلك قامت هذه الدراسة الجديدة بحساب عدد الأشجار التي يمكن زراعتها في إطار جهد عالمي لإعادة زراعة الغابات، ومدى تأثير ذلك في تغير المناخ إذا تم تنفيذه بشكل صحيح.
وخلص الباحثون إلى أنه إذا نظمت جهود على مستوى العالم بأسره لزراعة الأشجار في جميع الأراضي المتاحة التي ليست مزارع أو مناطق حضرية قائمة، يمكن للأشجار الجديدة أن تحتجز ثلثي إجمالي انبعاثات الكربون التي يتسبب فيها الإنسان. ووفقا لحساباتهم فهناك مساحة تبلغ 1.7 مليار هكتار متاحة ويمكن أن تستوعب 1.2 تريليون شجرة إضافية.
وتعادل هذه المساحة 11 في المائة من إجمالي سطح الأرض، أو وفقا لصحيفة «الجارديان» فهي “تعادل حجم الولايات المتحدة والصين مجتمعتين”.
كذلك وحسب الباحثون قدرة الأرض على استيعاب الأشجار في إطار محاولة الوصول إلى الهدف المتمثل في زراعة مظلة شجرية تغطي نسبة 100 في المائة من المناطق المدارية ومظلة شجرية تغطي نسبة 50 في المائة على الأقل من المناطق الأكثر اعتدالا.
وقال توم كراوثر الأستاذ والباحث الرئيس في هذه الدراسة: “هذا التقييم الكمي الجديد يدل على أن استعادة الغابات ليست مجرد أحد حلولنا لتغير المناخ، بل إنها تشكل وفي المقام الأول أفضل الحلول. وما يسترعي انتباهي ويثير تفكيري هو حجم التأثير الممكن إحداثه. وقد كنت أعتقد أن عملية استعادة الغابات ستكون بين أفضل الحلول العشرة الأولى، لكنها أقوى بشكل كبير من جميع حلول تغير المناخ الأخرى المقترحة”.
إلا أنه حتى لو تمت زراعة 1.2 تريليون شجرة غدا فسيستغرق الأمر ما بين 50 و100 عام للوقوف على الفائدة الكاملة لهذه الجهود، ومن يدري مدى حجم مشكلة انبعاثات الكربون حينئذ؟ مع وضع ذلك في الاعتبار لا يزال كراوثر يشدد على ضرورة خفض الانبعاثات الناتجة عن الوقود الأحفوري وأعمال إزالة الغابات إلى الصفر.
وأضاف: “إن عملية إعادة زراعة الغابات متاحة الآن، وهي أرخص الحلول الممكنة لمشكلة تغير المناخ وكل واحد منا يمكن أن يشارك في هذه الجهود”. كما أشار إلى أن كل شخص يمكن أن يكون له تأثير من خلال زراعة أشجاره الخاصة، والتبرع لجهود إعادة زراعة الغابات، وتجنب التعامل مع الشركات التي تسهم في أعمال إزالة الغابات.
اقرأ أيضا للكاتب:
-
د. محمد إبراهيم بسيونى يكتب: المتحرش
-
د. محمد إبراهيم بسيونى يكتب: مع الجائحة الثقة بالمجتمع الطبي ضرورية