أسماء خليل تكتب: لهذا السبب لا للمظاهرات
هل أنت مثلي منذ أكثر من عشر سنوات وأنت مازلتَ شابا صغيرًا يقودك الحماس؟!.. حينما كنت تسمع مَنٍ يقول أطيعوا الله والرسول وأولي الأمر منكم ؛ فسرعان ما ترد متحمسًا قائلا عملاء ..خونة !..
هل أنت مثلي ممن كان يظن أن حاكم البلاد لابد أن يكون لديه فانوسًا سحريا يُحضر “العفريت” ويصرفه كيف يشاء؛ لتحقيق أحلام الشعوب في أكل العيش والبقلاوة وركوب الدراجات والطائرات وارتداء الفضة والألماس؟!..
هل أنت مثلي ممن كانوا يتناسون الآية الكريمة (ورفع بعضكم فوق بعض درجات) سورة الأنعام الآية 165..، وكأن الأرض هي الجنة والمبتغى وسيتحقق بها كل شيء؟!..
هل أنت مثلي ممن كانوا ينظرون تحت أقدامهم فقط، ولا يرون حال شعوب العالم الذين يعيشون في تردي سياسي أو اقتصادي أو مجتمعي، ويعتقد أن بلده فقط هي التي تعاني من بعض المشكلات ..
هل شعرت فجأةً ..أنك ترتطم بأرض الواقع؛ لتعلم أن أعلم أهل الأرض الذين لا ينتسبون لأي مؤسسة حكومية يقولون: إنّّ المظاهرات مفاسدها أكبر من منافعها لذلك فهي خروج على الحاكم بلا داعٍ، فالله – سبحانه وتعالى- هو الذي يولي من يشاء وينزع من يشاء ..
هل سمعت أعلم أهل الأرض وهم يقولون أنك إذا متَ في سبيل السعي وراء الديموقراطية أو البرجوازية أو الماركسية أو الباذنجانية ؛ فأنت لست شهيدًا!!..
وهنا يطرح ذلك السؤال نفسه:هل تم منعك من إقامة شعائرك الدينية في دور الله بالأرض؟!..هل تم إجبارك على ترك عقيدتك والتدين بالعقيدة البوذية أو الهندوسية؟!..ذلك هو السبب الوحيد الذي تقف من أجله في الشوارع ..
إن العلاقة بين الحاكم والمحكومين الأشبه بالعلاقة بين صاحب البيت والسكان؛ لن تخلو من عدم رضا الساكن عن صاحب البيت مهما فعل ..
أوليس المطلب الرئيسي- منذ أكثر من ثلاثين عامًا- لمن عاصر الأحداث التي كانت تمر بها البلاد، من انقلاب السيارات على الكباري وموت الكثير على الطرقات وحوادث القطارات؛ هو تحسين ملف النقل؟!.وباتت البرامج اليومية الشبيهة ببرنامج “العاشرة مساءًا”هي مأوى لمن يترجون من الحكومة ويطلبون ذلك المطلب :“ أرجوكم صلحوا الطرق ومش مهم ناكل” !!..
ماذا حدث حينما جعلت القيادة السياسية ذلك الملف من أولوياتها، وقامت بتصليح الطرقات وبناء الكباري وتمهيد الشوراع والميادين؟!..
قال نفس الناس : “مش يشوفوا الناس تاكل إيه الأول”؟!..
حينما اعتاد الأفراد من الشعب المصري- منذ عقود – البناء على كورنيش النيل والمجاري المائية المتفرعة منه، والأرض الطينية الطميية الخصبة والجور على الأرض الزراعية، التي أقامت حضارة المصري القديم..ومهما كانت الحكومة حينها تفرض العقوبات يخالف المواطنون ..ألم تكن وتيرة الكلام هكذا: “ هم عارفين يحافظوا على الأرض الزراعية عاوزين إيد قوية توقف الناس دي، ازاي احنا عايشين على 4% من مساحة مصر وسايبين 96% غير مأهول بالسكان”..
ماذا حدث حينما أمرت الحكومة الحالية بتنفيذ القانون بشكل حازم ومنعت الناس بشكل فعلي من البناء على الأرض الزراعية والحفاظ عليها، والبناء في المدن الجديدة لمحاولة الخروج من الصندوق؟!..قال نفس الناس “ عاوزين يبعدونا عن أهالينا عاوزين نبني لولادنا جنبنا حرام عليهم”!!..
هل أحد يذكر المناشدات والنقد الذي كان يوجه للحكومات المتعاقبة على مصر – منذ سنوات – بأن تقوم بتخفيف الزحام بمدينة القاهرة، بما كان يؤثر بالسلب على المواطن من الزحام الشديد والمعاناة، التي يجدها في تخليص أي أوراق من أي مؤسسة حكومية..فكان المطلب هو توزيع الوزارات على المحافظات أو نقلها من القاهرة..
ماذا حدث حينما بدأ التخطيط الفعلي لذلك من قِبل الحكومة؟!..قال نفس الناس :“ هو إيه العذاب دا إيه اللي هينقل الوزارات من مكانها ونفضل نروح هنا وهناك ”؟!.
يوجد الكثير والكثير والأمثلة لن تنتهي، إنها فقط توضح شكل العلاقة الأزلية بين المواطنين والحكومات مهما ينصلح الأمر ..
لا للمظاهرات..لا للخراب ..لا للدمار ..لا للفوضى ..لا للميليشيات المسلحة بديلة الحكومات الشرعية ..لا للتنازل عن الأمان وعبادة الله في اطمئنان وسكينة ..لا للانقياد حول النداءات المُخربة.