أسماء خليل تكتب: رسائل الشات وتعبيرات الوجوه

قال لصديقه هل أنت بخير؟!..قال نعم، رد في نفسه باستنكارٍ نعم.. نعم؟! ..لماذا لم يكمل فيقول: أنا بخير الحمد لله، إذن هناك ما أغضبه مني ولا يريد التواصل معي، ثم سأله سؤالٌا أخر: “ماذا قال لك المدير بالأمس؟”.. فأجاب الأخر: “لا يريد سوى رؤياك”، خاطب الرجل نفسه ثانيةً لقد تأكدتُ الآن أنه يريد أن يسخر مني، نعم يريد ذلك كيف يريد المدير رؤياي وهو يعلم مدى الخلاف بيني وبينه.. قسما لن أحدثه وليكن هذا فراق بيني وبينه.

تتالت الأيام، وكعادتها في تعليم البشر، لتتضح الحقيقة، فقد كان الصديق الأخير المُتهم بمضايقة صديقه والتهكم منه مهمومًا حزينًا بسبب مرض ابنه الشديد.

أيضًا تزامنًا مع ذلك راجع المدير نفسه وعلم أنه كان ظالمًا في موقف خاص بالعمل، وحينما اكتشف ذلك، أخبر الصديق الأول أن يبلغ صديقه الثاني أنه يرغب في رؤيته.

إنها الرسائل المكتوبة عبر وسائل التواصل، التي لا تبلغ أي رسالة عن الحقيقة والواقع الفعلي، إنها لا توصل ما بالقلوب، تمحو تعبيرات الوجوه التي تُبلغ الكثير لتحل محلها بعضًا من الكلمات المغلوطة.

كم مرة تكن في ضيق وترد على الآخرين مُرغمًا بشكل ليس به ترحاب؛ لأن حزنك رانَ على مشاعرك فجعلك لا تبالي بالأمور كما ينبغي؛ فسرعان ما يفهم الآخر أنك في ضجر منه هو وربما يقاطعك.. قياسا على ذلك فقد تُخرب بيوت وتُقطع صلات بسبب حروف تم رصاها وتم قراءتها بسوء فهم ..

“نعم” قد يتم تفسيرها بـ “لا”، و “صدقا” قد يتم فهمها بـ “كذبا”.. وكثير من المواقف الحياتية التي مر بها الجميع وربما دون استثناء.

إذا قمت برد السلام فقط دون تعقيب، فربما أنت لا تكره تواصل الآخر لك وربما تكن مشغولا ، وياحبذا لو كنت متصلا وليس لديك وقت لترد الآن، سيفهم الآخر أنك لا تحب أن ترسل له رسائل على سبيل التواصل!

إنه الخيط الرفيع بين الفهم وسوء الفهم ..المتهم به مزيد من الحروف، التي باستطاعتها التفريق بين البشر.. الأقارب.. الأصدقاء.. الأحبة،،

التمس لأخيك سبعين عذرًا، فالَّم تجد فاختلق له عذرًا من اختلاقكِ، أو تذكر بعض موقفٍ سابقٕ قد أنصفك أو أظهر لك المودة فيه، ولا تحزن منه.

لا تعتمد في رحلتك لتفسير الآخر إلا من خلال تعبيرات وجهه، فهي التي تبلغ آلاف الرسائل ودونما كلمات، فنظرة العين فقط دون التفوه بكلمة واحدة جديرة بأن تربي وتعلم وتقيم حروبًا وتهز عروش.

الإنسان وحدة.. كيان متصل يشد بعضه البعض.. صورة وصوت ووجه معبر، كيف يتم اقتصار فهم ما بداخله عبر رسائل مُقتضبة؟!..لا تتسرعوا في تفسير الآخر وهوِّنوا على أنفسكم وتمهلُّوا حتى تضح الأمور.

اقرأ أيضا للكاتبة:

زر الذهاب إلى الأعلى