سماح عطية تكتب: إنه طريقك وحدك…!
تعود مرة أخرى لطاولتها ومكانها ودائراتها الحياتية لا شئ معها سوي كلمات… كلمات ليس إلا كلمات.. وبعض الذكريات والمواقف الطيبة التي لن يمحوها الزمان فقد تعاهدت مع الوقت ألا يمحو سوى الذكريات المؤلمة فقط… والتي مرت بالكثير والكثير منها وكان الزمان كفيلاً بأن ينسيها إياها.
الأزمات والعثرات والصدمات والخذلان ليست بأشياء جديدة عليها… فقد مرّت بها جميعاً وأغشي على رغبتها الإنسانية في الحياة… وتعثرت أقدامها في طريق الأشواك.. وشُلّت مجاديفها عن السباحة غرقاً في بحر دموعها… وصمدت وتعافت ونهضت وخرجت من غرفة الإنعاش الحياتية وتجاوزت وتخطّت وسارت وركدت ونجحت في تجاوز ما حدث بالتناسي…
وقفت لحظات في كل تعثر تنظر خلفها لكل ما حدث… وتبتسم ابتسامتها الحزينة وتدير وجهها أمامها مرة أخرى وتستكمل طريقها الذي رسمته لنفسها منذ زمن ومع أول خذلان… نعم كان لديها طريق مرسوم وهدف وإصرار وموقف ضد أي جديد يطرأ عليها… نعم كانت قد قررت إغلاق الأبواب عليها… ولكنها في لحظة أمل واثقة وثوقاً تخلت عن موقفها وطريقها أملاً في الأمان… بل حين شعرت بالأمان وحين سلب منها فجأة أدركت أن العودة للطريق والهدف أفضل بكثير بالنسبة لها… على الأقل فإن المصير المحسوم أفضل بكثير من توتر السعى خلف هدف غير واضح المعالم… وربما ليس طريقاً له النهاية التي تتمناها من الدنيا… النهاية التي تدخل عليها السعادة وتمحو كل ألوان الحزن والعذاب… العودة من جديد لطريقها الذي رسمته سابقاً أفضل بكثير ولكنها مع ذلك لن تنسى أبداً مَن جعلها يوماً تضئ وقت عتمة الدنيا… ومَن أضحكها ورسم الابتسامة على وجهها بالرغم من شحوبه.. مَن مَدّ لها يده وقتما شارفت على السقوط من الحافة… فالقلوب شواهد لن تنسى من كان ظهراً وسنداً وأماناً.
كن في طريقك وحيداً فلا أحد يدركه غيرك ولا تسعى خلف أي أمل… إنه طريقك وحدك.. قد يرافقك فيه أحدهم فترة من الوقت ليمسك بيدك لحكمة يعلمها الله… ربما لأن الله يعلم عدم قدرتك على تجاوز هذه المرحلة وحدك… ولكن استكمالك للطريق وحيداً لحكمة أخرى من الله وهي قدرتك عليها بمفردك… فلا تخرج عن المسار مرة أخرى وتحمّل تبعاته أياً ما كانت… مثلما كنت متحملاً لها في السابق…
واصمد وحيداً فالرياح مهما اشتدت لن تدرك إلا الأشجار الضعيفة…
توكل على الله فقد كان دائماً معك في كل وقت.