خاص | الحجاب ولون البشرة.. وقضية الطبيب الكاميرونى التى فجرت أزمة التمييز العنصرى فى إيطاليا
رسالة إيطاليا: إكرامى هاشم
“يجب علي هذا الطبيب الأسود أن يذهب إلي رعي الخراف”.. عبارة ضمن عبارات أخرى عنصرية مهينة، تم توجيهها لطبيب إيطالى ذو بشرة سوداء، يحمل الجنسية الإيطالية، لكنه من أصول أفريقية، وبسبب تعرضه لتلك الإهانات العنصرية، قدم الطبيب الشاب إمفولو استقالته من عمله، ليثير حالة من الجدل الكبير فى إيطاليا بعد تداول مواقع التواصل القصة.
تفجرت الأزمة خلال الأسبوع الماضى، وبعد أن بلغ أحد الأطباء الإيطاليين سن التقاعد وكان الأخير يعمل كطبيب أسرة في مدينة فانون أولونا وعليه تم تكليف الطبيب الشاب إمفولو (28 عاما) وهو من أصول كاميرونية، والتحق لدراسة الطب بجامعة لاسبينسا بروما في عام 2013 وتخرج فيها بامتياز، وعمل كطبيب ممارس في مدينة فانون أولونا بإقليم لومبارذيا بشمال ايطاليا، ومشهود له بالكفاءة من جميع أساتذته.
اقرأ أيضا:
-
يوسف.. طفل مصري يخطف الأنظار في إيطاليا
-
حصرى | المصريون فى إيطاليا يبعثون رسائل دعم ومحبة لبلدهم ورئيسهم (فيديوهات)
ولم تشفع للطبيب الشاب كفاءته المشهود له بها فى عمله، فى قبوله مجتمعيا، وتعرض لإهانات عنصرية من قبل بعض المرضي في ذات المدينة التي تم تكليفه بالعمل بها، وبمجرد الإعلان عن تعيين إمفولا طبيبا مقيما بمدينة فانون أولونا، بادر بعض من سكان المدينة بشن حملة هجوم حملت إهانات وتنمر عنصري ضد الطبيب المعين حديثا علي صفحات التواصل الإجتماعي تسخر من لون بشرته السوداء، وكانت أكثر تلك الإهانات تداولا بين المتنمرين عبارة “يجب علي هذا الطبيب الأسود أن يذهب إلي رعي الخراف”
وهو الأمر الذي تسبب في معاناه نفسية كبيرة للطبيب الذي أعلن انه سيقدم إستقالته من وظيفته نتيجة رفض المرضي له.
ومع انتشار الحكاية وشيوعها تدّخل عمدة المدينة على خط الأزمة معلنا تضامنه مع الطبيب الكاميروني ودعاه للقاء به، ونجح خلال اللقاء في إقناعه بالعدول عن الإستقالة نظرا لحاجة المدينة له كطبيب أسرة بسبب النقص الذي يعانيه الإقليم في الأطباء، ليس هذا فقط ولكن أعلن عمدة المدينة في تصريحات رفضه للتمييز العنصري ضد المواطنين بسبب إختلاف أصولهم أو لون بشرتهم الأمر الذي جعل الطبيب إمفولا يعلن عن عدوله عن الاستقالة وتجاوزه للإهانات.
إلا أن الهجوم تفجر مجددا ضد الطبيب، وزادت وتيرة الإهانات العنصرية ضده الأمر الذي جعله يتمسك بالإستقالة ومغادرة المدينة وإنهاء عمله بها.
وشهدت إيطاليا حالة من التضامن مع الطبيب الكاميروني من قبل المهاجرين وعديد من منظمات المجتمع المدني المناهضة للعنصرية و التمييز، ومن هذه المنظمات نقابة الأطباء من أصل أجنبي في إيطاليا، التى دخلت على خط الأزمة، وأعلن رئيسها البروفيسور فؤاد عودة تضامنه، وجميع أعضاء النقابة مع الطبيب الكاميروني، ورفضهم التام لما تعرض له الطبيب من إنتهاكات عنصرية تسببت في تركه لعمله.
وفى تصريح خاص لـ “بيان” قال عودة : “إن من الأولويات التي تأسست عليها نقابة الأطباء من أصل أجنبي في إيطاليا هو مقاومة التمييز ضد العاملين من أصول أجنبية بالمجال الصحي في إيطاليا والذي شهد في الخمس سنوات الماضية استقالة أكثر من 300 طبيب وممرض لعملهم فى إيطاليا بسبب التمييز العنصري ضدهم سواء بسبب لون البشرة أو إرتداء الحجاب بالنسبة للطبيبات المسلمات.
و عن الإجراءات المزمع اتخاذها من قبل النقابة بخصوص أزمة الطبيب الكاميروني أفاد عودة أنه تم طلب لقاء عاجل مع وزير الصحة الإيطالي، وتحدد له يوم الأثنين القادم صباحا لطرح قضية التمييز ضد العاملين من أصول أجنبية في مجال الصحة، وضرورة اتخاذ خطوات لحمايتهم ضد كل أنواع التمييز.
وأوضح عودة أن عدد العاملين في المجال الصحي بإيطاليا من أصول أجنبية يبلغ حوالي 77 ألف شخص منهم 22 ألف طبيب و 38 ألف ممرض 5 آلاف صيدلي و 5 آلاف عاملين بمجالات مختلفة.
كما أكد عودة لمراسل “بيان”، أن إيطاليا تعاني بالفعل من نقص شديد في عدد الأطباء، وأنه في آخر خمس سنوات وصل إلي الرابطة الطبية الأوروبية الشرق أوسطية أكثر من 5 آلاف طلب من أقاليم إيطاليا المختلفة يطلبون أطباء في تخصصات مختلفة بسبب النقص الذي تعانيه تلك الأقاليم بعد أن تجاوز العديد من الأطباء لسن التقاعد وعدم وجود العدد من المتخرجين الجدد الذي يمكن أن يملأ الفراغ الذي تركوه.
كما أرجع نقيب الأطباء من أصل أجنبي في إيطاليا النقص في الأطباء في المستشفيات الحكومية الإيطالية إلي الرغبة المتزايدة من قبل الأطباء الإيطاليين للعمل في المستشفيات الخاصة.
وأكد عودة علي ضرورة توفير الجو الملائم للعاملين الصحيين من أصول أجنبية في إيطاليا، كما أكد أن نقابته سوف تقف بكل قوة ضد أي اضطهاد أو تمييز يمارس ضدهم.
وتتمثل مشاكل التمييز وإدماج المهاجرين في إيطاليا فى أن هذا البلد الذى يتواجد فيه أكثر من 7 مليون من المهاحرين من أصول مختلفة، علي الرغم من تواجدهم في المجالات المختلفة وإساهمهم في الناتح المحلي الإيطالي بنسبة 11% إلا أن إيطاليا مازالت تعاني من عدم النظرة الكاملة للمهاجرين كمواطنين من الدرجة الأولي.
وبسأل المراقبون: هل ستفتح قضية الطبيب الكاميروني ملف العنصرية بشكل كامل في إيطاليا وهل ينجح نقيب الأطباء من أصل أجنبي في ضمان حقوق وحماية الأطباء الأجانب من التمييز ضدهم؟! خاصة بعد حالة الجدل في ايطاليا، والتى أدت إلي فتح قضية العنصرية ضد المهاجرين ولاسيما مع أصحاب المهن الهامة ومنهم الأطباء.