إسلام كمال يكتب: سيناريو الانشقاق في الجيش الإسرائيلي!

ما يقضي على أى جيش، مهما كانت احترافيته وقوته، هو أن يتمذهب، أو تقطع أوصاره آلاعيب السياسة والبيزنس، أو يفقد خلفيته الشعبية!!!

وهذا بالظبط، ما يحدث في جيش الاحتلال الإسرائيلي، خلال الفترة الأخيرة، وتتبلور هذه الظاهرة في حالات معقدة، من الممكن على إثرها، أن يظهر ما يشبه “ميلشيات الجيش الحر”، التى عانينا منها في فوضى ما أسموها بالربيع العربي!

كنت من أول من رصدت خلال تحليلاتى للانتخابات البرلمانية الإسرائيلية الأخيرة، الخروج الكبير للمجندين للتصويت لليمين الصهيونى الفاشي لا القومى فقط، وكانت هناك حالة إنفلات غير اعتيادية في التعبير عن المواقف السياسية في جنبات المعسكرات الإسرائيلية، بالاحتفال بفوز أحزاب متطرفة للغاية كتحالف “الصهيونية الدينية”، والتخلص من حكومة يمين الوسط، بل وصل الأمر للتطاول على وزير الدفاع بينى جانتس، وهو لايزال في السلطة، داعيين بإصرار إلى تعيين مستوطن فاشي متهم بالإرهاب، هو بتسلئيل سموطرتيش، زعيم تحالف “الصهيونية الدينية” وزيرا للدفاع، رغم إنه أساسا لم يخدم في جيش الاحتلال، لأن المتدينون لا يجندون!

وبالطبع، الأمر لن يكون خطيرا على إسرائيل فقط، بل علي شعوب دول الطوق كلها .. فهذه الأجواء الفوضوية مع وصول أدمغة سادية إرهابية مثل بن جفير وسموطرتيش في ظل تنازل وضعف رئيس الحكومة المرتقب بنيامين نتنياهو لخوفه من فقده الكرسي، الذي يحميه من الملاحقات القضائية في أربع قضايا فساد تقربه كثيرا من السجن، تنذر بكوارث غير بعيدة!

فالمختل الصهيونى “بن جفير” أصبح وزيرا لوزارة صهيونية جديدة بإسم “الأمن القومى” اعتمادا على الهوية القومية أكثر منه الأمن في حد ذاته، وستكون الشرطة وقوات حرس الحدود، بمثابة ميلشيا تحت إمرته، تشبه قوات الحرس الثورى الإيرانى فى ولاءها الدينى وفكرها الأيديولوچى، خاصة إن بعض هذه العناصر في الجيش والشرطة يهتفون بإسم “بن جفير” من الآن، ويهددون الفلسطينيين به بالفعل، وهذا بخلاف ميلشيات المستوطنين والمجموعات الدينية المتطرفة، التى ستنضم له، وهذا ما كانت تنوى إيران وتركيا تأسيسه في مصر خلال فترة حكم الإخوان، فالثيوقراطيون الفاشيون فكرهم واحد مهما تغيرت الأديان والمذاهب والحجج!

وبخلاف “بن جفير”، الذي يركز على الهوية القومية الصهيونية والتى تشمل هدم الأقصي وإقامة الهيكل، أو حتى كنيس يهودى داخل الأقصي كبداية على الأقل..هناك أيضا “سموطرتيش” الذي فشل في أن يكون وزيرا للدفاع، فطلب ضم الإدارة المدنية للضفة الغربية إلى وزارة المالية، المرشح لها، وهذا قرار بعيدا التحليلات المعقدة، يعنى ضم الضفة فعليا وتوسيع المستوطنات وشرعنة البؤر الاستيطانية، وهذا ما يتجه نتنياهو للموافقة عليه، وسط قلق من الجنرالات الإسرائيليين وقيادات جيش الاحتلال على هوية الجيش وما يعرفونه بمدونة المهام العسكرية للجندى، فرغم دمويتهم، هم أنفسهم قلقون من سادية هؤلاء الإرهابيين القادمين للحكم في إسرائيل، في أكثر الحكومات تطرفا وفاشية في تاريخ الكيان الإسرائيلي.

وزير الدفاع الإسرائيلي بيني جانتس المنتهية ولايته فضح حقيقة “مذهبة” جيش الاحتلال، وتقسيمه لتيارات سياسية وايديولجيات ومذاهب، وحمل نتنياهو المسئولية لبحثه كغيره من الديكتاتوريين عن مصالحه الشخصية فقط، وكانت كلماته جانتس مباشرة بقوله أن الاتفاق الذي تم توقيعه خلال المفاوضات بين حزبي “الليكود” و”عوتسما يهوديت” ، نابع من الرغبة في تشكيل ميليشيا تابعة لبن جفير، وحذر من إقحام السياسة في إدارة الجيش الإسرائيلي، بل ووصل به الأمر إلى القول إنه سيأتي اليوم الذي سيصبح فيه الجيش الإسرائيلي “جيش نصف الإسرائيليين فقط” ، حيث سيصبح الجيش نفسه محل جدل سياسي وحزبي واقتصادى، بعد أن كان نقطة إجماع لدى عموم الإسرائيليين، واعترف جانتس إنه في منتهى الإنزعاج من محاولة تغيير قواعد إطلاق النار في الجيش من أشخاص لم يخدموا أساسا في الجيش، وكأنه هو نفسه ليس وراء جريمة قتل المراسلة شيرين أبو عاقلة، وغيرها الكثير من الشهداء، لكن تصوروا ان هذا الجنرال الدموى المتطرف، هو بمثابة حمامة سلام مقارنة بالساديين القادمين لحكم إسرائيل قريبا!

وبالفعل هناك جرائم كثيرة تؤكد على “تمذهب” وتسييس جنود الجيش الإسرائيلي، فيوم الجمعة الماضى تم إيقاف جنديين عن الخدمة في أعقاب التعدى بقوة على نشطاء يساريين إسرائيليين، وهى حادثة ضمن سلسلة من الحوادث التى تورط فيها لواء المشاء “جفعاتي” في مدينة الخليل فقط، وطالب بن جفير بالتحقيق مع النشطاء اليساريين المعتدى عليهم بحجة إنهم أهانوا الجنود اليمينيين، والصور والفيديوهات فضحت أكاذيبه.

ليس هذا فحسب، حيث فضح تسجيل لمنظمة “كسر الصمت” اليسارية الإسرائيلية ، مجند إسرائيلي يواجه ناشطا يساريا إسرائيليا، متباهيا بقوله بأن “بن جفير، سيقوم بتنظيم الأمور في الضفة، يعنى إعادة احتلالها. فلقد انتهى الأمر. وخسرتم يا رفاق… انتهى وقت المتعة”!!!..واضطر رئيس الاركان المنتهية ولايته آڤيڤ كوخاڤي، إلى انتقاد سلوك الجنود خلال الحادثة وفي حالات أخرى تتعلق بقيام الجنود بإساءة استخدام القوة ضد إسرائيليين وفلسطينيين، بدعواه أن “مثل هذه الحوادث تلطخ سمعة الوحدة التي يخدم فيها الجندي وسمعة الجيش الإسرائيلي وسمعة إسرائيل”، وأشار إلى إن استخدام الجنود للقوة والتعليقات السياسية تنتهك مدونة قواعد السلوك العسكرية، وقال “أنا على ثقة بأن قادة الجيش سيتعاملون مع أي شذوذ بقوة، مع منع دخول السياسة إلى الجيش، فلا ينبغي علينا السماح بإدخال الانقسامات والجدالات الداخلية إلى الجيش”.

ورغم كل هذه الكلمات البراقة التى صدرها جانتس وكوخافي للعالم، إلا إن نشطاء يساريين تمكنوا من إلتقاط صور لعدة جنود يضعون ملصق غير عسكرى على ظهور ستراتهم العسكرية كُتب عليها “طلقة واحدة. قتل واحد. لا ندم. أنا من يقرر”.. وهذا مؤشر في غاية الخطورة..عن ارتفاع معدلات السادية والتمذهب والتسييس في جيش الاحتلال، والذي يفقد شكل المنظمة العسكرية مع الوقت، وبالتالى أتوقع كوارث معقدة بخلاف إنهيارات غير مستبعدة داخلية في الجيش الإسرائيلية، ليعود لما كان عليه في بدايته، مجرد مجموعة من العصابات والميلشيات المسلحة، لكن يجب أن علينا لسيناريوهات كهذه أو حتى أقل.

اقرأ أيضا:

 

زر الذهاب إلى الأعلى