الربيع الرحيمة إسماعيل يكتب: وما الكاتب الجيد سوى مصورٌ بارع
بينما كنا نشاهد مباراة منتخب المكسيك و بولندا كان المعلق يتحدث عن دولة المكسيك : “المكسيك هذا البلد الجميل ، البلد الرائع…الخ ” بصورة مكررة ومبتذلة، حتى اعترض أحد الرفاق ساخراً : لم تضف لنا أي معلومة جديدة. فتساءلت حينها : كم مرة نسقط نحن الكُتاب في ذات الفخ حين نصف الأشياء بمنأى عن تصويرها ؟ حين نغدق في التجريد و الوصف الجامد للأشياء دون إشراك القارئ في عملية التخيل.
مهمتك ككاتب أن تبرز سمات شخصياتك عبر المشاهد و التفاصيل ، و الكاتب الجيد هو بالأحرى مصورٌ بارع ، إذ أنه لمن الإبتذال أن تصف شخصية ما بأنها ” كانت جميلة للغاية ” فهذا وصف ردئ ، و لكن قل مثلاً : “كان لحضورها سحراً أحال بؤس المكان إلى بهجة و إنشراح.”
ووقتها فقط سيتحول ذاك المشهد إلى لاوعي القارئ عاكساً صفات تلك الشخصية.
بعض الكُتاب و الصحفيون غارقون في التجريد و تكرار صفات من قبيل كان ” كريماً بشوشاً ، كان حليماً ” كما فعل معلق المباراة الذي ذكرته آنفاً .
فالقارئ يصرخ وقتها محتجاً : ” أعطني براهين ، أرني ذلك”.
لعلك سمعت بالمثل الإنجليزي القائل : “الأفعال تتحدث أعلى من الأقوال”، ويمكن توظيف ذات المعنى في الأقوال نفسها ، فالقول بالفعل وصفاً ليس كالوصف وحده.
أنظر مثلاً كيف وصفت جين ليبر بطلتها بيثاني هاملتون: “أصرّت بعينين دامعتين، من على سريرها في المستشفى على أن لا يؤذى قرش النمر ذو الخمسمائة رطل الذي هاجمها. ”
الآن فهمنا كقراء بأن “هاملتون” كانت تشع رحمةً و عطفاً.
في المرة القادمة تذكر أن تتجاوز المباشرة في الوصف أثناء كتابتك، حديثك، ودع الأفعال و المشاهد تعبر بالنيابة عنك.