عاطف عبد الغنى يكتب: الفريق الذى أصيب بأكبر هزيمة فى مونديال قطر
لم تشارك إسرائيل بفريقها لكرة القدم فى المباريات مونديال قطر الذى مازالنا نستمتع بمبارياته، وزاد من استمتاعنا بها تلك الهزيمة الكبرى التى منيت بها إسرائيل فى ملاعب وشوارع قطر.
لم تذهب إسرائيل إلى قطر بفريق مكون من 11 لاعبا لكنها لكنها أرسلت 4 آلاف جاسوس، اندسوا بين زحام الجماهير فى شوارع الدوحة، واستادات المباريات.
4 آلاف إسرائيلى حصلوا على تأشيرة دخول لقطر، وكانت السلطات الإسرائيلية تأمل فى الحصول على 20 ألف فيزا لـ 20 ألف كلهم مجندين للتخديم على أهداف الكيان الصهيونى.
كان هناك أيضا جيش إسرائيلى من الإعلاميين، والصحفيين، والمروجين للتطبيع، وظنهم أنهم يستطيعوا اختراق صفوف المواطنين العرب، وخاصة الشباب منهم، وفى الحد الأدنى يفتحون حوارات على طريقة متحدث الجيش الصهيونى أفيخاى أدرعى، المهم أن يحضر كياناهم، وينتهزوا الحدث ليوصلوا لشعوب العالم أن العرب صاروا يقبلونهم، وأنهم نسوا القضية الفلسطينية، لكن كانت هناك تلك المفاجأة التى أطاحت بأحلامهم، وأثبتت فشل حساباتهم الذريع.
وكأن الجماهير العربية الشباب قبل العجائز، والنساء قبل الرجال، فى انتظارهم، لتلطمهم على وجوههم لعلهم يفيقوا، وتعلن لهم أننا لن تعترف أبدًا باحتلال اغتصب الأراضى العربية، وقتل ملايين الأرواح البريئة من العرب منذ أن وطئت أرجل الصهاينة السوداء الثقيلة أرض فلسطين، ودنست مقدساتها، ومازالت تفعل بكل وحشية وصلف وغرور، بعد أن شقت الصفوف – أو تحاول – بين الحكام والشعوب العربية.
الأفعال كانت حاضرة قبل الأقوال، في مباراة افتتاح البطولة التى جرت بين قطر والإكوادور، زين علم فلسطيني هائل مساحة كبيرة من مدرجات استاد البيت، وهتفت الجماهير العربية الحاضرة لفريق كرة القدم الفلسطيني الغائب عن المنافسة الحاضر بسيرة بطولة المقدسيين، والغزويين، وأبناء كل بقعة فى فلسطين، وأظهر الفلسطينيون وأنصارهم فى المدرجات أنهم فريقًا مناضل إلى حد الروعة.
وفى مباراة تونس واستراليا، رفعت الجماهير العربية الحاضرة فى المدرجات أيضا علمًا كبيرا لفلسطين يحمل عبارة “فلسطين الحرة”، وكذا فعل مشجعو أسود الأطلس المغاربة فى مباراة فريقهم ضد بلجيكا.
وعلى سبيل المجاراة، والتأثر ذهب مشجعون من البرازيل والأرجنتين وإسبانيا، مذهب المشجعين العرب، ورفعوا العلم الفلسطيني ولفوا الكوفية الفلسطينية حول أعناقهم وارتدوا قمصاناً تحمل عبارة “فلسطين العربية”.
وفى الشوارع انتشر بعض الشباب العربى المتطوع يوزع الكوفية، والعلم الفلسطينى مجانا على جماهير العالم الحاضرة للحدث.
وذهبت حكومة قطر مذاهب شتى لتناصر القضية، حتى أنها خصصت منطقة فى حى لوسيل الذى يوجد به الاستاد الرئيسى للبطولة، لإقامة أنشطة رياضية وفنية تضم العديد من الفعاليات التى تعبر عن القضية الفلسطينية.
وذابت الآلاف الإسرائيلية الأربعة التى ذهبت إلى قطر، مثل معلقة الملح فى طوفان الجماهير العربية المناصرة، وكان أفراد الكيان الصهيونى يفرون كالجرذان إذا تعرف عليهم العرب خشية المواجهة المعنوية قبل المادية.
وحاول الغرب الأعمى الذى لا يرى إلا اللون الصهيونى، ومن خلفه بالطبع التحريض اليهودى، أن يلفت النظر بعيدا عن الحضور الفلسطينى الطاغى فى الحدث، فقام هذا الإعلام بتصويب السهام تارة لقطر، أو الدفع بما أسماه حقوق الإنسان، وحقوق الشواذ ممن يسميهم المثليين، هذا غير الضغط السياسى غير المعلن على القطريين، لكن كل هذا النشاط المعاكس ذهب أدراج الرياح مقابل إصرار أجيال عربية جديدة أظهرت للعالم كله أنها لن تقبل بتسرب أخطر فيروس ضرب المنطقة العربية خلال القرن والنصف الماضيين، فأصاب قلبها وكبدها بالوجع، لكنه لم ولن يصيب عقلها إن شاء الله.
وتقدرون وتسخر الأقدار، وما بين اليأس والرجاء، يومض من جديد بصيص الأمل فى وعى الشعوب العربية، فيصيب السياسات الرسمية بما يشبه الشحنة الكهربائية عندما تصل إلى المخ فتنشطه، هذا ما حدث وما شاهدناه، وشاهده العالم عبر وسائل الإعلام، من حضور قومى عروبى وطنى للحق الفلسطينى الذى ظن البعض أنه يحتضر بفعل هرولة المطبعين، واتفاقات الاستسلام الإبراهيمية للذهنية اليهودية، ومشاريع المحبة المبطنة بميراث الكراهية التاريخية فى نفوس مريضة بالوراثة، والاكتساب المدعوم بالنصوص المقدسة.