أسماء خليل تكتب: الندم والموقف الأخير
هو ما يتذكره لك الناس وفقط.. الموقف الأخير.. افعل ما تفعل.. جوِّد وحسِّن أفعالك.. فكثير من البشر لن يذكروا لك سوى آخر تصرف أو رد فعل كان معهم، ولا تعلم كيف أن كل البشر مختلفون ببصمة اليد والعين وطبقة الصوت؛ إلا أنهم متشابهون في كثير جدا من ردود أفعالهم،،
تلك التصرفات لابد أن يكون خلفها حِكمة؛ فكل شيءٍ بقَدَر، إذا كانت الأديان السماوية ترشدنا إلى أن الأعمال بخواتيمها، إذن فهناك حكمة من ذلك، وبالتعمق أكثر في ذلك الأمر، نجد أنه من الحكمة ألا يُسيء الإنسان لمن حوله ولو لمرة واحدة، فربما تكن هي المرة الأخيرة.
وينبغي أيضًا أن يفعل المرء كل ما يفعله لله-سبحانه وتعالى – وفقط، فمن أرضى الناس في سَخطِ الله، سَخِطَ عليه الله وأسخط عليه الناس، ومن أرضى الله في سخط الناس رَضِيَ عنه الله وأرضى عليه الناس.
ولكن إذا كنت مُحقًّا ولن تُخطئ في تعاملك مع الناس سواءً في الموقف الأول أو الأخير؛ فلا داع لأن تعاتب نفسك وهوِّن عليك، فربما هم من تفهموا الأمر بشكلٍ خاطئ، وإلا ما كان هناك مجال لمُسمى سوء التفاهم..فتعلم من تجاربك ولا تندم على معرفة أحد والتصرف معه بأى شكل،،
“قلوبنا مثل قبضة اليد”.. صغيرة.. ضئيلة..كيف نحملها كل تلك الأعباء والهموم؟!.. لماذا كل التفكير والتفكُر فيمن رضي عنا أو فيمن كرهنا أو فيمن ينقدنا…. إلخ.. إن القلب مجرد مضغة تحتاج من الإنسان أن يتعامل معها برفق.. تحتاج ألا نرهقها بأفكارنا العقيمة..
حكت لي إحدى صديقاتي منذ كثير من السنوات عن موقف أصابها بالإحراج الشديد أمام صديقاتها ومُعلمها بإحدى الفترات التعليمية في المدرسة بالمرحلة الثانوية، وكانت كلما تذكرت ذلك الموقف حزنت جدا، وحينما كنت أسألها عما ضايقها تحديدا، كانت تقول لي: الطريقة التي تم إحراجي بها أمام معلم اللغة الإنجليزية لأنني كنتُ متفوقة.. لم أكن أعتقد أن صديقتي تظل تتذكر ذلك الموقف مؤلمًا إياها حتى بعد وفاة المعلم! .. إنها تتذكر الموقف وإحراجها أمام شخص لم يعد له وجود بالدنيا.. ألهذا الحد نستهين بقلوبنا!..
تخيل أنك استيقظت يومًا، فوجدتَ الكون بهوائه العليل ونسماته الرقيقة وسمائه وأرضه بلا ناس.. بلا بشر.. بلا كائنات حية.. هل ستجد نفسك في حاجة لأن تتجمل أمام أحد؟!.. بالطبع لا.. ستسير بالحياة بكل أريحية، وحتمًا ستشعر بأن الكون “واسع” جدا، وتتصرف في كل شيء وكل موقف كأن لا أحد يراك، وهنا لن تجد أي قيود ظاهرية أو فكرية، هذا ما ينبغي أن يكون عليه الإنسان، حينما تفك عن نفسك قيود تفكيرك الدائم في ردود أفعال البشر؛ ستجد نفسك في راحة تامة، وبالطبع ستكن تصرفاتك طبيعية تلقائية، وهنا لا مجال للندم،،
إنَّ ندم الإنسان لا يكون سوى على التصرفات الخاطئة فلماذا تحزن وأنتَ لم تخطئي بعد؟!.. إن الاستفادة الحقيقة من أي شخص يمر بحياتنا سواءً بالموقف الأول أو الأخير، هو العظات التي ندركها وكم الخبرات التي نكتسبها، فعلينا فقط أن نسير في الحياة بأخلاقنا الحسنة في كل المواقف؛ فالندم الحقيقي هو أن تقف أمام الساعة وأنت متأكدٌ ان عقاربها لن تعود إلى الوراء!.