داليا هلال تكتب: كيف تفوقت عفاف راضي على فيروز؟!
من باب تقليب المواجع بخصوص شغل بليغ حمدي مع ست الدنى فيروز.
عفاف راضي كانت مشروع فيروز مصري، صوت أوپرالي فخم وبرغم إني من كباااااار مدمني وعشاق الرحابنة والست فيروز بس كمستمعة جيدة جدا وأزعم إني ذات أذن وذائقة موسيقية انتقائية لا بأس بها باقوللك صوت عفاف راضي أقوى وأكثر تنوعا وثراء ودفء من صوت فيروز بمراحل.
فيروز صوت طبقي (بمعنى متعدد الطبقات مش بمعنى أرستقراطي) ثري ومتنوع، لكن الرحابنة وتحديدا عاصي اختار لها الدرجة الأوپرالي دي وألزمها بها من باب التميز ومن باب التماهي مع الخط التراثي الغربي إللي هو قرر يلتزم بيه في أغانيه وماكانش حابب أو ربما قادر إنه يستشرق فيه، او يطعمه بالحتة الشرقي التراثية بتاعتنا.
هدى حداد أختها سابوها تتحرر شوية وتفلت من قبضة مزيكا الرحابنة بحكم حاجات كتير، منها إنها ما تنافسش فيروز، وما تكررهاش في نفس الوقت، ومنها ٱنها هي نفسها قبلت بذكاء تعيش في الضل الشاهق لأختها، ولم تتمرد كثيرا على مدرسة مزيكا الرحابنة نفسها، فكسبنا في النهاية صورة أكثر تحررا من صوت فيروز، مكبلة آه لكنها ما زالت أكثر تحررا وتنوعا وشغبا، واسمع هدى حداد كويس بالذات في الأرمني.
عفاف راضي بقى كانت وما زالت ربنا يديها الصحة قنبلة، صوت متنوع وقادر، الأوپرالية طبقة من ضمن طبقاته لكنها مش طبقة منفصلة عن كل خامة الصوت زي فيروز، لأ، دي طبقة تقدر تغلف أي طبقة أخرى بمنتهى السهولة وتتماهى معها كمان فتلاقي نفسك فجأة منسجم جدا مع كونتاتريس أو ديڤا أوپرالية كاسحة بتغني شرقي على المقامات صح وكما أنزل وما تحسش بأن فيه حاجة غريبة.
اسمع موشحات فُتن الذي فتن القلوب، حِبي منيتي وحاجات من الجنس ده بصوت عفاف راضي واسمعها بقى بصوت الشوام من عينة شامميان وأميمة الخليل وغيرهم، فعلا فرق السما من العما برغم اجتهاد الشوام والله وتميز صوتهم وموهبتهم وبحكم إن الجنس الموسيقي ده نفسه هما أقرب له منا، بس تيجي بقى ست الغناء عفاف راضي وتنقل الدنيا في حتة سماوية تانية خاااالص لا ينافسها فيها أحد.
البليغ بقى فهم ده، واستغله كويس في شغله معاها، إداها مساحات قرار وجواب ومقامات عايزة طاقة وآداء قوي برغم ما يغلف صوتها من أوپرالية لينة، فطلع معاها مزيكا عظيمة نوعت من طبقات صوتها قوي.
الست دي عملت مسرحية الشخص بتاعة ست الدنى الفيروز، وده تحدي مرعب، دنقل عدل في الأشعار بحكم التمصير، لكن مزيكا الرحابنة ما تغيرتش، وركبتها عفاف راضي وكانت من الذكاء إنها تقدم صوتها وشخصيتها وتفردها بحيث ما تتحطش في مقارنة مع الفيروز لأنه بالرغم من أنهم الاتنين قطرين على نفس القضبان لكن مفيش واحدة فيهم تقدر تخطي التانية في خامة الصوت نفسها.
بليغ برضه بغض النظر عن إنه كان عفريت مزيكا، بس كان ذكي ويقدر قوي يقيم حدود إللي قدامه ويبدو إنه كان فاهم إن محدش حيسمح يبقى فيه فيروزين مع بعض، ويبدو برضه إن عفاف على نحو ما كانت مغرمة بيه، فهي ما قدرتش تخلص لمشروعه كملحن معاها لأنه ما قدرش يخلص للمشروع المبهم إللي هي كانت منتظراه منه بشكل شخصي.
وهي كمان ظلمت نفسها لأنها للأسف حد محترم قوي وما يعرفش يعمل شغل أراجوزات عشان يعجب!
فحضرتك تقدر تقول بالفم المليان بليغ مكانش محتاج الفيروز، والفيروز مش حتسمح ولا الرحابنة حيسمحوا إنها تغير جلدها مع البليغ بدليل إنهم أما وافقوا بعد جهد على شغلها مع عبوهاز وعمل لها اسهار مثلا، أتحداك وأتحدى أي حد إنه يقدر يميز اسهار من كل شغلها مع الرحابنة، كتير قوي في الشام نفسها يفتكروا أن اسهار من شغل الرحابنة لأن عبوهاز دخل عبايتهم جدا تقريبا نقل شغلهم نقل مسطرة عشان الفيروز ما تتخضش أي وعهد الله زمبؤللك كدة، وتفضل مرتاحة في الحتة إللي الرحابنة حطوها فيها!
مش بس اسهار، وسكن الليل ومر بي، ولما غنت يا جارة الوادي إللي هي مدرسته هو كعبوهاز، ما كانتش أحسن حاجة، ممكن نقول لبست كمان بضمير مستريح.
بينما ممكن نقول برضه بنفس الضمير المستريح إن أغاني البليغ ومعظمها نهاوند غربي مع داليدا، ممكن تديك فكرة كويسة عن طبيعة الشغل إللي ممكن يعمله للفيروز بينما هي تفكر كتير قبل ما تاخد النقلة دي.
الخلاصة وعذرا إن أطلت؛ فيروز لو غنت بنفس مدرسة الرحابنة للبليغ كانت حتظلمه وتظلم نفسها كتير، والبليغ ما كانش محتاج لفيروز الرحابنة لأن عفاف راضي فيروزتنا بشوية تركيز منهم هما الاتنين كانت ممكن تبقى موشح مصري عمولة مخصوص، كمان إن شغل الرحابنة بقى مع عفاف يوريك قد إيه إنك بشوية مجهود كان ممكن تعمل فيروز تانية لو حبيت.