أمل محمد أمين تكتب: عقد مع الشيطان

شاهدت منذ أيام إحدى حلقات مسلسل “ونوس” من تأليف عبد الرحيم كمال وأدى دور البطولة فيه العبقري يحيي الفخراني.

والقصة مستوحاة من قصة الألماني ”يوهان فاوست” الخيميائي الشهير الذي عمل بالتنجيم والسحر وُلد سنة 1480 وتوفي عام 1540 وعاش إبان عصر النهضة.

وتناولت سيرته الناس ونسجوا حوله الكثير من الأساطير، وتحول فاوست عبر الزمن إلى شخصية ملهمة لكثير من الأدباء والملحنين والرسامين، أثار خيالهم قصة العالم الذي باع روحه للشيطان مقابل الشهرة وتحقيق الأحلام للسيطرة والنفوذ والسفر.

وربما كان أشهر من حول الأسطورة الى قصة لها أبعاد نفسية وإنسانية خاصة الشاعر الانجليزي “كريستوفر مارلو”، والألماني “جان فلفانغ جوته” الذي خلق شخصية مارجريت حبيبة فاوست، والمرأة التي رغب الزواج منها لكن الشيطان رفض لأن الزواج علاقة مقدسة لا يُسمح بها لمن باع روحه للشيطان وعاش في الدناسة.

كانت مارجريت المنبه لضمير فاوست الذي استيقظ من غفوته قبل انتهاء عقده بقليل ويحاول التوبة لكن الشيطان يرفض فسخ العقد ويمزق جسد فاوست ليموت بطريقة بشعة.

أن أكثر ما يجذبني في قصة فاوست نواقص الطبيعة البشرية التي يعيشها كل غنسان، فكلنا نتعرض لإغراء الرغبة في تحقيق أحلامنا في الشهرة والنفوذ والحب والمال والمعرفة.

وأعتقد أن بداخل كل منا فاوست تتنازعه الحياة بين الرغبات وحب الله والخوف منه، ويتجلى هذا في عبارات قالها فاوست لتوضح الصراع داخله بين الخير والشر ” يا الهي.. ياالهي، لاتشح بوجهك عني”.

وفي مشهد أخر يعلق فاوست بحكمة على الحياة: “لا قيمة للذكاء من دون الأخلاق – الاستقامة أساس النجاح – الإنجاز الحقيقي هو الإنجاز المثمر – المعرفة هي الانفتاح على الطبيعة والبشر – العمل مقدس – عظمة الوجود الانساني تتحقق في التوفيق بين الفكرة والعمل واتحاد العاطفة والكفاح”.

وهنا تكمن أهمية الرواية وقيمتها الحقيقية فهي تعبر عن الجمال والقبح، والحب والكراهية، والشراسة والرحمة الموجودة في الكون.

والصراع بين العلم والسحر وسيطرة الأوهام والجنون على المشهد اذا تضاءل العلم أمام الجهل.

ربما علينا أن نفكر هل وقع كل منا عقد خفي مع الشيطان وغلبتنا رغباتنا وحبنا لأولادنا وأموالنا والسيطرة والشهرة على مصالح الأخرين؟!.

بالتأكيد علينا إصلاح أنفسنا لكي نصلح العالم وأن يضيء كل منا شمعة بدل من أن يلعن الظلام.

اقرأ ايضا للكاتبة:

 

زر الذهاب إلى الأعلى