محمد شرف: المحتوى العلمى العربى ضئيل جدًا.. وسبب شهرة الدحيح أسلوبه المتميز (خاص)
حوار: إسلام فليفل
مع بداية العقد الثاني من القرن العشرين تحولت وسائل التواصل الاجتماعى من مجرد نافذة ترفيهية إلى منصة إعلامية مهمة تقدم محتوى يتابعه ملايين الأشخاص، حيث بدأ هذا المحتوى بفيديوهات كوميدية حصدت ملايين المشاهدات والتي بدأها باسم يوسف منذ 2011، تبعه عدد من الشباب الذى يقدم محتوى ترفيهيًا كوميديًا مثل شادى سرور وأحمد حسام وهشام عفيفى وآية مصطفى وغيرهم من نجوم السوشيال ميديا في المحتوى الترفيهى.
اقرأ أيضا.. صاحب مبادرة «نهضة مصر بالصناعة مثل ألمانيا» لـ «بيان»: هدفنا تعليم الشباب لتوظيفهم
ومع الوقت بدأ المحتوى الذى يتم تقديمه على السوشيال ميديا يتنوع مابين الكوميدى والفنى والسياسى والثقافى والعلمى وغيرها من الموضوعات حيث بدأ صُناع المحتوى أو اليوتيوبرز التركيز على المضمون الذى يفيد الجمهور دون الاعتماد على الترفيه فقط في بعض الأحيان.
ومن ضمن هؤلاء الذين قدموا محتوى علميًا، والذى يعتبر أحد أهم مقدمى المحتوى العلمى وخاصة الفيزياء هو الدكتور شرف صاحب قناة “شرفشتاين” على يوتيوب الذى بدأ بتقديم هذا المحتوى منذ بداية 2012 ليصل عدد مشتركى قناته أكثر من 450ألف مشترك وإجمالى 4مليون مشاهدة لفيديوهاته.
تميزت فيديوهات محمد شرف بتقديم معلومة أكاديمية متخصصة جدًا ولكن بشكل أقرب إلى أسلوب الحكى الروائى الخفيف بحيث لا يمل منها المشاهد حيث يقول شرف في حواره مع “بيان” إن الهدف الذى وضعه أثناء تقديم هذا المحتوى، وهو ما يميزه عن غيره في مجال “تبسيط العلوم”، هو التخصص في العلوم الطبيعية كونها دراسته التى حصل فيها على الدكتوراه في مجال الكيمياء الحيوية، وكذلك لأنها مرتبطة بعمله كونه مدرسًا بكلية العلوم وباحثًا في إحدى شركات البتروكيماويات وبالتالى ركز على الموضوعات العلمية الدقيقة جدًا، ولكن بأسلوب يجمع بين الأسلوبين العلمى والاجتماعى.
وأضاف شرف، أن الموضوع بدأ بكتابة مقالات وموضوعات علمية باللغة العامية على الإنترنت على حسابه الشخصى في فيسبوك ولاحظ أن الناس قد بدأوا في التجاوب وفهم مصطلحات علمية كبيرة معقدة، بعدها بدأ يفكر في عمل محتوى مرئى بعد متابعته وتأثره بكل من مايكل ستيفنس وودريك مولر حيث كانا هما الشرارة التى أمسكت في الفتيل وفقُا لقوله.
حينها قرر عمل فيديوهات علمية عربية مبسطة بنفس المنهجية التى يتبعها مايكل ودريك لقلة هذا النوع من المحتوى في الوطن العربى، ومن هنا بدأ بقناة “شرفشتاين”.
ويتابع شرف قائلًا: في البداية كانت الفيديوهات التى يقدمها من 5لـ10دقائق حتى لا يمل الناس وخاصة أنها تحتوى على مادة علمية دسمة، وبالفعل كانت متابعة الجمهور قليلة والتفاعل محدود جدًا، ولكن مع الوقت بدأت الناس تتجاوب مع المحتوى وتطالب بحلقات متخصصة أكثر مما جعله يقرر عمل حلقات تتناول موضوع معين مثل سلسلة “ميكانيكا الكم” من 5 حلقات وسلسلة الأرض المسطحة 3 حلقات وسلسلة النسبية حلقتين، ورغم تخوفه من تقديم هذه الحلقات والتى مدة الحلقة تصل إلى 20 دقيقة وهو رقم كبير للمحتوى على يوتيوب إلا أنه تفاجأ بقول الناس له ومطالبتهم بالمزيد من هذا النوع من الحلقات.
وعن كواليس تصوير الحلقات يقول محمد شرف أنه يقوم بالعمل كله ابتداً من اختيار الموضوع وكتابته وتطويره والتعديل والمونتاج على الفيديو وصولًا للنشر وهو ما يجعله يأخذ وقتًا كبيرًا لإعداد هذه الحلقات وخاصة في الإعداد والقراءة والبحث ثم كتابة الإسكريبت والتصوير، فالحلقة التى تأخذ 10 دقائق مثلًا في العرض أقوم بتصويرها في يوم أو يومين بخلاف المونتاج والرفع، ولذلك اعتذر للمتابعين عن قلة الحلقات في بعض الأوقات لأننى أقوم بكل شيء وحدي، بالإضافة إلى عملى الآخر.
ويوضح شرف أن سبب تسمية القناة بـ”شرفشتاين” هو جمع بين أسمه وبين أينشتاين أهم عالم في تاريخ الفيزياء.
ويرى محمد شرف أن مشكلة المحتوى العربى والمتلقى العربى هو الخلط بين المعتقد الدينى والثقافى والاجتماعى، وبين ما يتم تقديمه ليصبح عندنا “ناقل الكفر كافر”، لذلك أكرر أننا كصناع محتوى علمى نقدم نظريات عملية بعيدة عن رأيى الشخصى النابع عن خلفيتى الثقافية والدينية، وكذلك بعيدًا عن خلفية المشاهد فنحن نعمل في مجال تبسيط العلوم، وهو بشكل عام حق مشروع للجميع، لكنه في الوقت ذاته قد يلتبس على البعض نوعية المحتوى بقصد أو بدون قصد فهناك مفاهيم فلسفية تقدم إلى الجمهور على أنها علمية أكاديمية.
ويستكمل شرف قائلًا أنه على سبيل المثال الحديث عن علوم الفلك في المحتوى العربى يميل إلى الفلسفة واللعب على مشاعر الجمهور لتسويق المحتوى، وقد يستطيع أى شخص تقديمه لكن حين يتداخل الجزء الأكاديمى في الشرح والتبسيط يواجه الشخص صعوبة في تقديمه ولإبداع فيه، ولكنه يرى أن أى محتوى يمس العلوم من قريب أو من بعيد فهو مجهود حميد في ظل سيطرة محتويات أخرى أقل قيمة على منصات التواصل الاجتماعي.
وأشار شرف أنه يتابع المحتوى العلمى الأجنبى بشكل أكبر نظرًا لتقدمه، ولكنه لا ينكر أن المحتوى العربى الآن به عدد لا بأس به من اليوتيوبرز، وعلى رأسهم أحمد الغندور مقدم برنامج الدحيح والاسبتالية لإيمان الإمام وإيجيكولوجى لأحمد سمير وغيرهم، والذى يرى أنهم غير متنافسين لأن كلا منهم له أسلوبه الخاصة في التقديم، وكذلك طريقته في اختيار محتوى حلقاته.
وأوضح شرف أن السبب في شهرة الدحيح، والذى يعتبر أشهر مقدم محتوى علمى في مصر، والأول من حيث أرقام المشاهدات هو أنه له أسلوبه الخاص الذى يحبه الجمهور، و وجود فريق عمل قوى من تصوير وإضاءة وصوت ومنتاج مما جعله يتصدر قائمة صُناع المحتوى العلمى بالأرقام وبعدد الحلقات، وذلك بسبب توافر الإمكانيات وهى ما تنقص معظم صُناع المحتوى العلمى بشكل خاصة، وبالتالى معظم هذه المواد المقدمة تكون بجهود ذاتية.