أمل محمد أمين تكتب: الفرصة الأخيرة

ربما تكون من أكثر الألغاز التي تحير البشرية هي الموت والزمن وكأن إحدهما ارتبط بالأخر في علاقة لا يمكن تفسيرها!
هل تقدمنا في العمر يعني اقترابنا من الموت؟!.

وإذا كان الموت محتوم فما هو الأهم البقاء مع من نحب.. أم الاستمرار في العمل حتى الرمق الأخير؟!.

كل تلك الأسئلة تدور في عقولنا وحاولت الدراما معالجتها أكثر من مرة وتناولها فيلم “النافورة” the fountain بطريقة مختلفة بعض الشئ.

الفيلم من بطولة هيوجاكمن ويقوم بدور الطبيب توماس الذي يحب زوجته إيزي بجنون ولكنها مصابة بورم في المخ في مرحلة متأخرة، وبينما يقضي المرض على ايزي يحاول توم إيجاد علاج لها وإجراء تجارب على دينفون القرد المصاب بورم أيضا.

وبينما تقترب النهاية تحاول إيزي قضاء وقت أطول مع زوجها المشغول جدا بإجراء عملية زرع لنبتة في مخ دينفون لانقاذه من السرطان وبالتالي انقاذ زوجته.

و على الرغم من مرضها تحاول إيزي إنهاء كتابها عن قبيلة أوومان العجيبة التي خلقت من الأب الأول الذي ضحى بنفسه لتبدأ الحياة بالنمو من داخله كشجرة تكبر وتثمر أولادًا وتتحول الشجرة إلى نبع الخلود والحياة.

وبالفعل تنهي إيزي كتابها لكن تتدهور حالها وتطلب من توماس قبل وفاتها أن يزرع شجرة على قبرها لتصبح روحها داخل أوراق وجذع هذه الشجرة، كما تطلب من توماس أن يكمل الفصل الأخيرمن الكتاب في رمزية إلى رغبتها في أن يستمر في الحياة بعد وفاتها.

وبالفعل تموت إيزي ويتألم توماس بشدة لوفاتها خاصة أن دونوفان القرد قد عاش واختفى الورم من دماغه.

وهنا يصبح توماس في حالة أقرب إلى الجنون ويقرر البحث عن علاج للموت ووقف تقدم العمر لكنه يكتشف أن الحياة والموت يكملان بعضهما، وأن عليه ألا يخاف الموت و يذهب لقبر إيزي ويضع بذرة صغيرة حتى تنمو وتصبح شجرة تعيش مئات الأعوام.

الفيلم يقدم رمزية وبعد فلسفي للموت والحياة وإخفاقات الإنسان في مواجهة خوفه من رحيل من يحب عن العالم وانتهاء فرصته في بقائه للأبد معه ليستبدل فرصة صنع لحظات وذكريات سعيدة بمطاردة أهداف أقل أهمية من الغاية التى بدأ من أجلها الرحلة.

ختاما بالرغم أني اخترت للمقال عنوان الفرصة الأخيرة لانها أكثر ما أثار اهتمامي في قصة توماس الذي أهدر اللحظات الأخيرة مع زوجته لكن في طيات حكاية الفيلم العديد من الأفكار الخلابة منها استمرار الإنسان في شكل شجرة وهو رمز لما يزرعه الإنسان في الأرض ويستمر من بعده سواء كان عمل خير أو كلمة طيبة أو كتاب يحمل فكرة؛ فحياة الانسان قصيرة لكن حياته يمكن أن تمتد مئات وآلاف الأعوام بعد موته بما يتركه في ذاكرة الناس.

ربما يكون الفيلم قاتما بعض الشئ لكنه يلفت النظر إلى نقطة تغيب عنا مع زيادة الصراعات والتحديات في الحياة وهو عدم انتظار الوقت المناسب لكي نعبر لمن نحبهم بمدى أهميتهم لنا، أن نصنع الأوقات السعيدة ونعيشها قبل فوات الأوان.

اقرأ أيضا للكاتبة:

زر الذهاب إلى الأعلى