طارق السيد متولى: يوميات زومبى (17).. زومبى أمريكانى
عدنا بفضل الله إلى الفندق بعد رحلة “راس محمد” الممتعة، وكان الوقت يقترب من الثامنة مساءا تناولنا طعام العشاء وصعدنا إلى الغرف لننام فقد كنا منهكين من الرحلة.
بعد منتصف الليل إستيقظتا على صوت صراخ سيدة فى الفندق، فزعنا ونهضنا نستطلع الأمر نزلت إلى بهو الفندق فوجدت سيدة أمريكية يسيل الدم من وجهها يحيط بها رجال الأمن ومدير الفندق وصديقها الأمريكى الضخم يقف بعيدا فى أحد الأركان، وحوله رجال شرطة السياحة.
تذكرت هذا الأمريكى الضخم فقد كنت أراه دائما فى بهو الفندق وصالة الطعام وزجاجة الخمر فى يده لا تفارقه ويتمتم دائما بكلمات غير مفهومة ويصيح أحيانا فى عمال الفندق بطريقة غريبة، دونما سبب، وعلمت من رجال الفندق أنه قام بضرب صديقته ضربا مبرحا وكاد أن يقتلها تحت تأثير الخمر.
الرجل ضخم جدا ولا عجب فقد عرفت أنه كان جندى سابق فى الجيش الأمريكى وكان يروى للعاملين بالفندق أنه شارك فى حرب الخليج والعراق وبعد تسريحه أصبح مدمنا على الخمر.. فقلت فى نفسى: “أحنا ناقصين زومبى أمريكانى مش كفاية الزومبى عندنا”.
أتى طبيب الفندق وعمل الإسعافات اللازمة للسيدة، وأعطتها إدارة الفندق غرفة منفصلة عن صديقها وأخفوها عنه ومع ذلك ظل يسأل عن غرفتها بعدما غادرت بهو الفندق يريد أن يصل إليها.
الرجل مجنون تماما لا اعرف كيف وافقت هذه السيدة على مرافقته فى رحلة كهذه للإستجمام والهدوء .
وفى النهاية أمرت السلطات بترحيله من مصر وبقيت السيدة يوما أخر قبل أن تغادر هى الأخرى.
بالصدفة كنت أشاهد قبل النوم برنامج لمذيع زومبى، يستضيف ضيوف زومبى، يناقشون مسألة ضرب الزوجات من الناحية الفقهية، وهو وضيوفه لم يدرسوا فقه ولا أصول دين، ولا شىء لكنهم يثرثرون ويخلطون الأمور خلطا عجيبا لا أستطيع أن أخوض فى هذه المسألة حقيقة، فهذا دور العلماء الكبار، لكنى أتعجب من الزومبى الذين أباحوا لأنفسهم التدخل فى كل شىء ومناقشة ماليس لهم به علم، بل والتجنى على العلماء المتخصصين.
أفضل شىء الآن الذهاب إلى الشاطىء والإستمتاع بالشمس المشرقة فوق سطح المياه الزرقاء الصافية والهدوء.
اخترت مكانا بعيدا فى اخر الشاطىء بعيدا عن لهو الأطفال الزومبى وصراخهم وصراخ أمهاتهم، استلقيت على ظهرى فوق “الشيزلونج” اشاهد السماء، وطيور البشلون الأبيض وهى طيور كبيرة الحجم لها أرجل طويلة، ومنقار مدبب طويل أيضا، تعيش قرب الماء فى الشواطىء، وطيور النورس لنورس التى تشبه الحمام لكنها أكبر منه قليلا، كانت تطير بأعداد كبيرة فوق سطح الماء وتصطاد غذائها من الأسماك الصغيرة.
قمة الجمال والروعة وإذا بكرة طائرة تصطدم برأسى وطفل يركض نحوى يريد أن يلحق بها، وأمه تنادى عليه صارخة: “قلت لك العب هنا لا تزعج عمو”.
حقا الجحيم هو الآخرون كما قال عم جان بول سارتر.
ونكمل فى يوم آخر من يوميات زومبى فإلى اللقاء.