د. ناجح إبراهيم يكتب: الحرب الروسية الأوكرانية .. الزمان يعيد نفسه

كتب د/ناجح إبراهيم مقالاً بعنوان: “الحرب الروسية الأوكرانية .. الزمان يعيد نفسه” وتم نشره في جريدة الوطن وفى التالى نص المقال:
• مذهب بوتين لا يقل حمقاً عن مذهب المحافظين الجدد, وتصرفات بوش الابن, فلسفة صراع الحضارات ونهاية العالم, كلهم مجانين.
• كان يمكن لروسيا وأوكرانيا التوفيق بين الأمن القوي الروسي والسيادة الوطنية الأوكرانية, لو كان هناك عقل لدي الطرفين.
• الغزو الروسي لأوكرانيا سيضعف روسيا اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً وسيتكرر مع بوتين ما تكرر مع السوفيت وهتلر من قبل.
• السلام يولد الاعتدال والحب والتعايش والحرب تولد الكراهية والأحقاد وتجدد الدماء, السلام يولد السلام, والحرب تولد الدماء.
• كل الحروب والصراعات تؤدي إلي تطرف ما, فهزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الأولي ولدت هتلر والنازية, وغزو أفغانستان من قبل السوفيت ولد القاعدة وأخواتها, وغزو العراق ولد القاعدة وداعش أولاد الزرقاوي, وتحطيم سوريا والصراع السني الشيعي بداخلها ولد القاعدة وداعش و45 ميلشيا شيعية مسلحة يقاتل بعضها بعضاً.
• أمريكا غزت العراق بكذبة كبرى لم تتب منها حتى اليوم, ولم يقف أمامها أحد من الدول, وأفضلهم صمت خوفاً من أمريكا وحلفائها, واليوم جيشت أمريكا وأوروبا العالم كله لإدانة الغزو الروسي لأوكرانيا, وإدانتها صحيحة, ولكن الكيل بمكالين من طباع أمريكا وأوروبا.
• العقل العربي مأزوم فقد أيد من قبل صدام في غزوه للكويت نكاية في الخليج, ويؤيد اليوم روسيا بوتين كراهية في أمريكا, الاحتلال هو الاحتلال.
• غزا هتلر نصف أوروبا وسيطر علي فرنسا وأقام حكومة عميلة له, فخسر وضاع وأضاع معه ألمانيا فقسمت واحتلت وكبلت سنوات طويلة, وغزا صدام الكويت فأضاع جيشه والعراق وكل شيء, وغزا الاتحاد السوفيتي أفغانستان وأقام حكومات شيوعية عميلة في بلد مسلم متدين لا يقبل الإلحاد والشيوعية, وكانت هذه بداية النهاية للاتحاد السوفيتي, وغزت أمريكا أفغانستان والعراق في عهد المجنون الأمريكي بوش الابن الذي لم يكن مؤهلاً لا للحكم ولا للتصدي لهذه الأزمات, فانهار الاقتصاد الأمريكي وضعفت أمريكا واضطرت لخروج مخزي من أفغانستان وتركت العراق وسلمته غنيمة باردة لإيران, ومن قبل ذلك غزت أمريكا فيتنام فخسرت خسائر بشرية ومادية باهظة واضطرت للانسحاب, وغزا بوتين أوكرانيا وسيسلط عليه الغرب كل أدواته السياسية والاقتصادية والعسكرية ليدمر روسيا سياسياً واقتصادياً وستخسر عسكرياً في النهاية, فالاحتلال سهل علي أمثاله أما البقاء والاستمرار فهو في غاية الكلفة لا سيما أن روسيا بلا أنصار وأمريكا لن تتكلف كثيراً في حربها مع بوتين في أوكرانيا كما لم تتكلف كذلك في حربها ضد الاتحاد السوفيتي في أفغانستان, وستجبر حلفائها علي الدفع المالي والتسليحي أيضاً وتجنيد الشباب من كل مكان.
• كان الرئيس الأوكراني يكرر قبل الغزو “أنا رئيس أوكرانيا وأنا موجود هنا وأعرف تفاصيل ما يجري أكثر من أي رئيس آخر وأقول للجميع “لا غزو” وعلي الجميع عدم إثارة الذعر بشأن الغزو الروسي لأن ذلك يؤثر علي اقتصادنا” وذلك رداً علي كل التقارير الإعلامية والإخبارية الغربية التي كانت ترصد حشد القوات الروسية علي حدود أوكرانيا حتى وصلت إلي 100 ألف جندي روسي وكانت هذه التقارير الإستراتيجية والعسكرية الغريبة تؤكد حدوث الغزو بل وتشرح خطته وتوضح أيضاً العقوبات المتوقعة علي روسيا حينها, وكل الذي ذكرته هذه التقارير “حدث بالمسطرة” كما يقول المصريون .
• وهذا يذكرنا بصدام حسين الذي قال له كل الرؤساء ووجه له الرئيس مبارك 25 تحذيراً علنيا فضلاً عن التحذيرات السرية بأن ينسحب من الكويت وأن عاصفة غربية مدمرة سوف تجتاحه وجيشه ليس في الكويت ولكن من العراق, ولكن الرجل أصم أذنيه وخدع الرئيس مبارك والملك فهد, وكلاهما أعطى له حلولاً ممتازة قبل الغزو, فظن صدام فيهما الضعف لأنه كان ديكتاتورا غبياً, وظن أن الملك فهد ضعيف لن يجرؤ علي استدعاء الأمريكان وحلف الناتو, ولكن الملك أخذ القرار سريعاً ودمر جيش العراق الذي كان حصنا للعروبة ودمرت العراق واحتلت زمنا من أمريكا وحلفائها ومحتلة الآن من إيران ورجالاتها, وانتهت العراق العربية إلي غير رجعة.
• ولعل الرئيس الأوكراني يشبه صدام فكلاهما غير متخصص لا في الحرب أو السياسة, فرجال العسكرية أكثر الناس حذراً من الحروب لأنهم يعرفون ويلاتها وآلامها وجراحاتها, والرئيس الأوكراني لم يكن مؤهلاً للحكم أصلاً رغم أنه جاء عبر صناديق الانتخاب, وكذلك صدام حسين جاء عبر الديكتاتورية ولكنه أهمل كل آراء خبرائه العسكريين وكلهم رفض غزوه للكويت فأطاح بهم مع وزير دفاعه وشقيق زوجته بتفجير طائرته فدق أول مسمار في نعشه.
• تستورد مصر قرابة 6 مليون طن قمح كل عام بتكلفة توازي 2.4 مليار دولار وكان اعتماد مصر علي القمح الروسي بنسبة 69.4% يليه الأوكراني بنسبة 10.7% ثم الروماني والاسترالي والفرنسي والليتواني وغيرهم, والخلاصة أن 80% من القمح المصري المستورد من الخارج بأني من روسيا وأوكرانيا علي التوالي.
• أما القمح المصري الذي ارتفع إنتاجه السنوات الماضية فيقدر حجمه بـ 3.6 مليون سنة 2021 وذلك بحسب الإحصائيات الرسمية المصرية, وبذلك يكون حجم القمح المستورد من الخارج يقارب ضعف المحلي, ومن المتوقع أن تلقي الحرب الروسية الأوكرانية بظلالها علي استيراد مصر من القمح الروسي والأوكراني, وهذا يحتم علينا زيادة الاعتماد علي القمح المصري لسد هذه الفجوة الكبيرة فليس أمام مصر خيارات سوى سد هذه الثغرة الكبيرة, لتعود مصر إلي سابق عهدها في إنتاج القمح أيام سيدنا يوسف عليه السلام وأيام الإمبراطورية الرومانية حيث كانت مصر هي سلة غذاء هذه الإمبراطورية وهي التي ساعدت الخلافة الإسلامية أيام المجاعة التي حدثت في عهد الخليفة العادل الفاروق عمر, حيث سخر عمرو بن العاص إمكانيات مصر الزراعية الهائلة لإنقاذ الخلافة من المجاعة.

اقرأ أيضا للكاتب:

زر الذهاب إلى الأعلى