عاطف عبد الغنى يكتب: سوريا على خلفية الحرب الأوكرانية
الأسبوع القادم يكمل الصراع في سوريا عامه الحادي عشر، وهى الحرب التى سقط فيها مئات الآلاف من القتلى وأكثر منهم جرحى، غير ملايين، من اللاجئين والفارين خارج البلاد، والنازحين بداخلها.
فى سوريا تفرقت العائلات، وتشتت الأسر، وتفتت وحدة البلاد، أو قل تخطفت الجوارح أطرافها، بعد استباحتها، وتحويلها إلى ملعب لتصفية حسابات اللاعبين فى المنطقة، وفناء خلفى للحرب بالوكالة، بين ميليشات الإرهاب المستقطبة التى تنفذ مخططات الأطراف المتصارعة من الغرب والشرق.
اقرأ أيضا للكاتب:
“الانتفاضة على حكم الأسد” كان عنوان الحرب التى تفجرت شراراتها الأولى فى مثل هذه الأيام قبل 11 عاما فى مدينة درعا جنوب سوريا، وروجت لها “الميديا” الغربية على أنها انتفاضة حرية ضد الديكتاتورية، كانت هذه اليافطة هى السائدة – هذه الأيام – فى ميادين العواصم العربية فى الزخم الأول، وأيام الربيع العربى (المزعوم) الأولى، يحملها الشباب أعلى من رؤوسهم الحالمة بوطن ومستقبل أجمل، ويرفعها أيضا العملاء المندسون، وسط الثوار، والطائفيون، والفئويون، الذين يطلبون نصيبهم فى الأرض والثروة ولو كانت قطعة لحم ميتة من جثة الوطن بعد سلخه.
.. روجت أبواق الدعاية المسمومة أن السوريين شعب يطلب الحرية والديموقراطية، وكانت خطة الغرب الصهيونية تسعى فى الحقيقة لتغيير مفاهيم السوريين القطر العربى الأخير الذى يرفض رسميا مهادنة إسرائيل رسميا، لسنوات طويلة، وبعد تحطيم قوة العراق عبر ثلاث مراحل الأولى الدفع بها فى حرب طويلة مع إيران، ثم توريطها فى كارثة غزو الكويت، ثم احتلالها تمهيدا لتقسيمها وتفتيتها بعد أحداث 11/ سبتمبر 2001 فى أمريكا.
كانت العراق وجيشها هى أول حجر تم إسقاطه على رقعة الشطرنج العربية بشكل خشن، فيما تولت حروب الجيل الرابع التمهيد لإطلاق مخطط التغيير فى باقى الدول العربية الكبيرة فى المساحة، والمؤثرة فى معادلة القوة العربية، والعمل على بلقنة العرب، وتفتيتهم إلى دويلات، يتسنى لإسرائيل فى المستقبل القريب السيطرة عليها، وقيادتها عوضا عن مصر تحديدا القوة العصية على الإنكسار فى المنطقة.
اللافت الآن محاولة الدعاية الغربية توظيف الحالة السورية فى الصراع ضد روسيا، بالقول إنها ناصرت ومازالت الديكتاتورية فى سوريا، بشار الأسد، والقوات الحكومية، ضد المعارضين.
وفى هذا الصدد، تلجأ الدعاية الغربية لقصص العوام والبسطاء بعد أن تضفى عليها بعدا إنسانيا، أقصد أنها لا توظف المحللين السياسيين، أو المفكرين، أو أصحاب النظريات الذين لا تصل طروحاتهم للعوام والشعبويين، ولا تؤثر عاطفيا على رجل الشارع، وتكّون رأى عام متعاطف.
وعلى سبيل المثال والتدليل على ما أقول انقل لكم الفقرة التالية من تقرير صحفى لوكالة “رويترز” نشرته أمس الأربعاء 9/مارس الحالى، وجاء فى مقدمته:
“تادف (سوريا) (رويترز) – قال أبو أحمد المقاتل في صفوف المعارضة السورية إنه هو وجماعة المعارضة التي ينتمي إليها صمدوا لسنوات باستخدام الخنادق والأنفاق في مواجهة القوات الحكومية بالغوطة الشرقية إلى أن وصلت القوة الجوية الروسية لدعم الرئيس السوري بشار الأسد في 2015 فكان لها أثر مدمر”.
وما سبق بداية قوية لتقرير صادر عن إعلام الأبالسة، ومدخل مؤثر يتهم أبالسة آخرون لا يهمهم أيضا إلا مصالحهم الاستعمارية، ولا فرق بين أبالسة الغرب، وأبالسة الشرق إلا فى عقول الأغبياء أو أفئدة الجبناء .. أما نحن العرب فآللهم أنر بصيرتنا.