أمل محمد أمين تكتب: حلم يجمعنا

على مر العصور بعث الله أنبياءه رحمة للعباد وليصحح أوضاع المجتمع، وكان ظهور الرسل بمثابة شروق الشمس بعد انتشار الظلام الفكري والأخلاقي، وإذا قرأنا قصص الأنبياء نجد أن معظم المؤمنين بهم كانوا من العبيد والمستضعفين وكل من ضاعت حقوقهم ووجدوا في رسالة الله حُكما عادلا ونبراسا مستقيما ساوى بين البشر.

وربما كان الرسول محمد صلى الله عليه وسلم النبي الوحيد الذي اتبعه أغنياء قومه وضعفائهم، وتحول مع الوقت إلى قائد ملهم يتبعه الألاف يجمعهم هدف واحد وهو إعلاء كلمة الحق ونشر التوحيد بالله والتعريف بالإسلام.

لقد نجح محمد صل الله عليه وسلم في أن يحول قومه من أشخاص تحكمهم القبلية إلى حضارة تحكم العالم، وتحول الفقراء والعبيد إلى سادة وعلماء.

لقد شهدت حياة كل أمة نهضت وجود قائد استطاع أن يجمع الناس ويوحدهم حول مشروع أو حلم أو هدف نبيل يرتقي بهم على حب الذات ويخرجهم من إعلاء الأنا إلى تفضيل المصلحة العامة.

وكيف للبشرية أن تنسى من وضعوا أسس للسلام مثل صلاح الدين الأيوبي وأنور السادات ونيلسون مانديلا .. وكل من رسخوا قيم الحب والتضحية في أوقات صعبة سادت فيها الحروب والمجاعات وقتل البشر بعضهم من أجل السلطة والمال.

واليوم في عصرنا الحديث جاءت كورونا ليفقد الملايين أعمالهم ويتعرض الاقتصاد العالمي إلى تغيرات كانت قاسية جدا على شعوب العالم ومنهم مصر، وللأسف وقعت الحرب الروسية الأوكرانية لتزيد الضغوط على الاقتصاد وترتفع نسب التضخم في العالم كله، وكانت الضربة القاصمة مع تراجع سعر الجنيه أمام الدولار ليفقد أكثر من ١٥% من قيمته في يوم واحد..

ضربات متتالية أنهكت العملة المصرية وساهمت في ارتفاع الأسعار وضيق العيش على المواطن البسيط ومع انتشار الفقر يزداد الفساد والرشوة والجريمة والتسول وهي آفات ترافق زيادة الأسعار وقلة الإنتاج وفرص العمل وضعف الضمير.

لقد تحول العديد من أفراد المجتمع إلى وحوش تنهش فيمن حولها.

وبدأ الكثيرون يفقدون إيمانهم بمصر ويسخرون من القيم والأخلاق ويتخذون من البلطجة والفهلوية نموذجا في حياتهم فكيف يمكن أن نجمع المصريين مرة أخرى لأجل هدف سامي واحد ؟ وكيف يستعيد المصريون انتمائهم لوطنهم الذي ضاقت عليهم جنباته على الرغم من رحابة أرجائه؟

ربما نذكر جميعا كيف توحد الشعب حول فكرة حفر قناة السويس، لقد ضحى أكثر من ١٢٠ ألف عامل مصري بحياته لتمتلك مصر واحدة من أهم ممرات العالم المائية ان لم يكن أهمها على الاطلاق.

في الماضي اتحد الشعب المصري أكثر من مرة خلف قادتهم لمحاربة الاحتلال الفرنسي و الانجليزي، ثم لبناء السد العالي ثم لتحرير سيناء وغيرها الكثير من المواقف.

ونحن اليوم نحتاج إلى قائد او فكرة ملهمة يلتف الشعب المصري حولها من جديد ، ليستعيدوا إيمانهم بمصر ويقفوا معها في محنتها ولا يكونوا ضدها أو شوكة في ظهرها فلا فائدة من ثقب المركب التي تحمل الجميع.

إن مصر بلد يملؤه الخيرات والطيبات لكنه يحتاج إلى أن يراجع شعبه حساباته مع نفسه وأن يحب بلده واهله ويحاول الاصلاح لا التخريب وان نتحد معا ويساعد الغني الفقير ، والمتعلم الجاهل، والقوي الضعيف حتى ننجو جميعا من هذه المحنة.

حفظ الله مصر وشعبها..

اقرأ المزيد للكاتبة:

زر الذهاب إلى الأعلى